1 ــ مرت على العراق انظمة دكتاتورية وشمولية, استنزفت الدولة والمجتمع, وفرضت عليه, ثقل التجهيل والأفقار والأذلال, لكنها ورغم وحشيتها, لم تنال كثيراً من العقل العراقي, ولم تستطيع اصابة الوعي المجتمعي بالشلل, كما هو حاصل الآن, كارثة الأنهيارات, السياسية والأجتماعية والأقتصادية, وكذلك الأخلاقية والقيمية, وتفتيت الهوية الوطنية والوحدة المجتمعية, اتسعت مساحتها بعد عام الأحتلال في 2003, حيث استطاعت الهويات الفرعية, وبرعاية التوافق الأمريكي الأيراني, على ترسيخ مشروع تدمير العراق, عبر تجنيد البعض من الحثالات, المتمرسة على الخيانة, من طائفيين وقوميين, كأدوات محلية لأنجاز المشروع, مع الأبقاء على الصراعات المفتعلة, بين الدولتين العابثتين, في الشأن العرقي, على حالها.
2 ــ كانت البداية في حضيرة المنطقة الخضراء, المجاورة للسفارة الأمريكية, حيث اعلن المندوب السامي الأمريكي (بول بريمر), عن تشكيلة من اللصوص والمهربين, تحت اسم “مجلس الحكم الموقت” سيء الصيت, فتحول العراق الى, دولة لا شكل لها ومجتمع ممزق, وعبر نظام كريه غير مسبوق, تم تحاصص السلطات والثروات, بين بيوتات طائفية عرقية, معروفة بفسادها وارهابها المليشياتي, تكفلت لأسيادها بأذلال العراقيين, عبر التجهيل والأفقار, ومسح الهوية الوطنية, وحميد التقاليد العراقية الموروثة, وتبقى بيضات المذاهب, وما خرج عن كلسها, من مراجع واحزاب ومليشيات جهادية فاسدة, هي الشلل المخيف, الذي تركه الأسلام السياسي, بين مفاصل المجتمع العراقي.
3 ــ كانت الطلقة الأولى, التي اطلقها التوافق الأمريكي الأيراني, على تدمير العراق, هي مذهبة وعنصرة المجتمع العراقي, كوصفة تاريخيية, لأشعال الفتن والكراهية, بين المكونات العراقية, والمعروفة بأسم “فرق تسد”, التي ابتكرها ونجح فيها الأستعمار, قديمه وحديثه, في تمزيق الأمة العراقية, وشرذمة مكوناتها, التاريخية والحضارية, فكانت التشكيلات الحكومية, بدأً من عام الأحتلال الأمريكي, والأجتياح الأيراني, في عام 2003 وحتى يومنا هذا, تشكيلات غريبة, بفسادها وارهابها, عن الطبيعة الوطنية للمجتمع العراقي, انها شلل من اللصوص والمهربين وقطاع الطرق, اما شعاراتها الطائفية والقومية, ليس الا علف للخداع والوقيعة, ويجب رميها خارج اطار, المشروع الوطني العراقي.
4 ــ انتفاضة (ثورة) الأول من تشرين, عام 2019 كانت تمثل, ردة الفعل الوطني للمشروع العراق, فكانت التضحيات الجسيمة, التي اجادت بها, الثورة التشرينية, تمثل الوعي الجديد, للحراك الشبابي, الذي حرك الواقع الراكد, للمجتمع العراقي, فكانت صرخة “نريد وطن”, وضعت الأساس الذاتي والموضعي, لحتمية التغيير والأصلاح القادم, وفي الوقت الذي, تتعرى فيه, فضائح ملفات الواقع الخياني, لحكومات اللصوص وقطاع الطرق, يتعزز ويترسخ, وعي التغيير في المجتمع العراقي, وتنضج لحظة الأنفجار الوطني, حينها سيُعلق الباطل, شنقاً في عمامته, ويتعافا العراق, من الشلل الطائفي القومي, والى الأبد.
14 / 06 / 2022