صورة أرشيفية لمستشفى في العراق.
– تشهد محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق على مدى الأيام الماضية، تسجيل مئات حالات الإصابة بالإسهال والحمى والقيء، خاصة بين كبار السن والأطفال، والتي رغم أن البعض يردها لتقلبات الطقس، فإن جهات صحية تحذر من احتمالية أن تكون عبارة عن تفش جديد لمرض الكوليرا في المنطقة.
وأشارت تلك الجهات إلى ارتفاع عدد الحالات المسجلة، حيث يعاني المصابون بها من الإسهال الشديد والجفاف، مما قد يعني، وفقها، أن “ثمة منبعا واحدا لها هو عدوى الكوليرا، والتي تأتي أساسا عن طريق الشراب والطعام الملوثين” .
وحذر مدير عام مديرية صحة السليمانية، صباح هورامي، الثلاثاء، المواطنين من “مغبة شرب المياه الملوثة التي تباع بالصهاريج أو حتى مياه الآبار والجداول والينابيع، والامتناع عن شراء وأكل الخضروات، لا سيما الورقية منها، مجهولة المصدر الإروائي”.
وبادرت الجهات الصحية بالمحافظة، بتخصيص مستشفيات لاستقبال ومعالجة الحالات، التي يفوق عددها وفق مصادر طبية، أكثر من ألفي حالة، مع استمرار تسجيل حالات جديدة، معلنة تشكيل غرفة عمليات لبحث تشخيص هذه الموجة المرضية ودراسة أسبابها .
ويرى خبراء صحيون، أن الكوليرا “رغم أنها تكاد تكون مرضا مسيطرا عليه تماما ومنسيا في غالبية بلدان العالم المتقدمة، لا سيما في مجال الرعاية والوقاية الصحيين، لكنها تكاد تكون متوطنة في العراق بحكم تسجيل حالات الإصابة بها في العديد من مناطقه بشكل شبه سنوي” .
وتعليقا على ذلك، يقول الخبير الصحي العراقي، جمال بختياري، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “صحيح أننا في مثل هذه الأيام نستقبل حالات موسمية كهذه مرتبطة غالبا بتبدل الفصول وتقلبات الجو، لكن مع ذلك فإن المؤشرات الآن مقلقة حيث العدد ربما يكون بالآلاف، والعديد منهم يعانون من جفاف حاد بطريقة تهدد سلامة كلاهم ومختلف أعضاءهم الحيوية”.
ويضيف: “لم تبت الجهات الرسمية بعد فيما إذا كانت هذه إصابات بالكوليرا أم لا، لكن مع ذلك يبقى من المهم التشديد على شرب المياه النظيفة ويفضل أن تكون معدنية معبأة، أو حتى من خلال تركيب أجهزة تحلية وتنقية المياه المنزلية لأغراض الشرب والطبخ، وهي متوفرة في الأسواق وأسعارها في متناول الجميع”.
ويستطرد: “كما أن الأكل الملوث، خاصة المعروض على العربات، يعد أحد أبرز مسببات مثل هذه الأمراض، لا سيما في فصل الصيف الذي عادة ما نبلغه في العراق مبكرا، والعامل الآخر المتسبب بانتشار مثل هذه الأوبئة هو إهمال جانب النظافة الشخصية ونظافة مرافق الصرف الصحي وتهالك إمداداتها”.
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن الكوليرا “مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد، ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة، وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء، ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج”.
ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تُطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصا آخرين.
ومعظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضا خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.
وانتشرت الكوليرا خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم، انطلاقا من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند. واندلعت بعد ذلك 6 جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع القارات.
أما الجائحة الحالية (السابعة) فقد اندلعت بجنوب آسيا عام 1961 ووصلت إلى إفريقيا في 1971، ثم إلى الأميركيتين في عام 1991، وتتوطن الكوليرا الآن العديد من البلدان حول العالم، وفق الصحة العالمية.