بعد عام 2003 أيام سقوط عرش الدكتاتورية الصدامية استقبل الشعب العراقي الاستعمار الأمريكي بالورود والاهازيج , وعلى أنغام الموسيقى والدبكات الراقصة , بل تعدى الأمر إلى الذبائح والقرابين والعزائم والولائم , فرحا بما جرى , لاننسى هذا الاستعمار نفسه توحد العراقيين جميعا بمحاربته والوقوف ضده ايام صدام .
قبل هذا المشهد كانت الوحدة أهداف الجميع , المعارضة الشيعية هدفها خدمة العراق والأولوية للطائفة الشيعية, اما سنة العراق بما فيها أقرباء الدكتاتور حاولوا مرارا وتكرارا زواله , لكي يتنفسون الهواء العليل دون خوف .
اما الأكراد كانوا على نهج البارزاني ملا مصطفى القائد والاب الروحي للجميع , بغض النظر عن اختلاف الأحزاب لان الهدف الأسمى هو الكردياتي وكوردستان .
بعد السقوط استطاعت أمريكا النيل من العراق والعراقيين , من خلال زرع بذور التفرقة بين تلك المكونات من جهة , وكذلك بين المكون او الطائفة نفسه , فقد انقسم الشيعة وكذلك السنة واختلف الأكراد ايضا فيما بينهم .
لقد تحولت المبادئ السامية إلى المصالح المادية , والأهداف التي نادت بها تلك الجهات ايام المعارضة إلى سراب , وجاهدوا من اجل الكعكة التي ابتدعها الامريكان , واختلف الجميع من اجل الحصول على اكبر قدر ممكن من القطعة .
لقد ضحى الأكراد بكركوك وتناسوا المقولة الخالدة لمام جلال( كركوك قلب كردستان ) .
وضحت عرب السنة بمناطقها قاطبة وجعلوها هدية كباقة ورد وقدموها الى داعش الإرهابي في 2014 .
اما قادة الشيعة كانوا مشغولين بالكعكة وتوزيعها , وبناءا على اوامر قم وطهران وتنفيذا لاجندات ايران كان من اولياتهم وخاصة لدى نوري المالكي تهميش وإقصاء جميع مكونات الشعب العراقي من المشاركة بالقرارات وكذلك من الخدمات والعيش برفاهية .
لم يستثني المالكي وأتباعه حتى الشيعة من الحرمان والعوز , والمجاعة والتخلف بل انتشر بين شباب المحافظات الجنوبية الإدمان على المخدرات , وانتشار جميع انواع الأسلحة الفتاكة , وكذلك السرقة وشبكات التهريب وعصابات القتل والدكات العشائرية , كما ضحى بشباب السبايكر .
اليوم اختلف المشهد العراقي كليا , حيث انقسم الشيعة على الأهداف والروئ المستقبلية , والمباركة الإيرانية ولى زمنها لدى بعض الجهات الشيعية , والانقسام الشيعي الشيعي يختلف عن الانقسام السني السني او الكردي الكردي , لان مصير الدولة العراقية بيدهم .
يبدو إن المشهد القادم اشبه بثورة لتحرير الشعب من الذل الإيراني , وان الخضراء لابد ان تعود إلى طبيعتها بعد التخلص من رياح الشرق الصفراء وان توجب ان تسيل الدم الحمراء .
ان تكاتف الشعب الجنوبي مع قيادة الثورة او المعارضة, ستكون الحكومة القادمة قصيرة العمر والامد .
اما بالنسبة للأكراد فهم على أعتاب فرصة تاريخية اذا توحدوا , وجعلوا من البارزاني قائدهم الأوحد , وان يكون لهم المرجع الوحيد لاتخاذ القرارات المصيرية , والحوارات المستقبلية