السبت, نوفمبر 30, 2024
Homeمقالاتمعاناة الانسان المضطهد  في الديوان الشعري ( ثلاث روايات ) للشاعر عبد...

معاناة الانسان المضطهد  في الديوان الشعري ( ثلاث روايات ) للشاعر عبد الستار  نور علي:جمعة عبدالله

تشير بوضوح قصائد الديوان الشعري في بدايات السبعينات القرن الماضي , الى ولادة ونبوغ شاعر ملهم في الصياغة والمضمون الشعري , المرتبط بشكل وثيق  بالوطن والإنسان  والنضال  , في اعمق الدلالات الغزيرة والبليغة , تشير بأنه أخذ العهد على نفسه وهو في بدايات عمره العشرين , أن  يترجم معاناة الانسان الكادح والمضطهد في وطن بدل بوصلته ببوصلة البطش والظلم والإرهاب ,  يوظف تعمقه بالجانب اللغوي ومدى معينه الثقافي في التراث والتاريخ والاسطورة , ان يوقد شعلة الوعي والنضج عند القارئ والمتلقي , أن يجعله في دوامة التفكير والتأمل والتمعن في الأشياء  الحياتية ومفرداتها في عقل القارئ ,  في قصائد مرتبطة بالأحداث   في قوة الملاحظة , براعة القصيدة انها تحلق بجناحين : الحدث والسيرة الحياتية والذاتية , يوظف ينابيعه الفكرية  والسياسية في نص شعري مفتوح , يحلق في فضاء واسع , ركيزته التمرد على الواقع الثقيل . وكذلك التمرد على الصياغة الشعرية التقليدية بالتجريب الشعري الحديث , فشعره  يحمل رسالة موجهة الى القارئ في دلالات معنى الالتزام الاخلاقي في القصيدة , مهما كانت الظروف والعواقب القاسية في معاناتها , فهو شاعر التزم أن يكون صوت الشعب المظلوم والمكافح , لا صوت سلاطين النفوذة والمال والقوة الغاشمة في الجبروت  , في القصيدة أن تملك  قيمة ووجود وضمير, ان  تتنفس برئة الشارع وتراب الوطن ,  يسكبها  في جمالية شعرية في الشكل والمضمون في فيض شعري معمق بالعطاء المتعدد الجوانب , والديوان الشعري ( ثلاث روايات ) هي روايات حياتية في مسيرة الشاعر ومسيرة الأحداث المتلاحقة التي مرت بالوطن  , روايات تلك بمثابة  ملحمة  المعاناة والمجابهة عند الانسان الكادح والمضطهد, مرتبطة بشكل عميق بالحدث المتفجر,   والسيرة الحياتية ,  والتاريخ , واقصد تاريخ القصائد لأنها تملك أهمية بالغة في المعنى , ليس أنها تشير الى نبوغ شاعر ملهم في بدايات نبوغه الشعري .  في تواريخها عام 1971 و 1972 وما بعدها  , ليس  في جماليتها الشعرية ,ولكنها تشير بشكل حيوي الى ذكائه السياسي  والفكري في اتجاه بوصلة الاحداث في تلك الفترة البغيضة وخاصة ( الرواية الاولى والثانية أو القصيدة الاولى والثانية عام 1971 وعام 1972 كيف عبرت من مقص الرقيب والرقابة آنذاك ) أما الرواية الثالثة أو القصيدة الثالثة فهي تمثل المحصلة النهاية من الرحلة الملحمة  القاسية في المعاناة , كتبت عام 2011   , وبقية القصائد تدور في فلك قصائد الروايات الثلاث , في مسيرة الانسان الكادح والمناضل , في مسيرة الانسان الملتزم ونقاء الضمير الحي .

ولكن لابد الاشارة الى قصيدة ( المسرح ) وهي تمثل مسرح الحياة في الاتجاه التراجيدي أو الملهاة في ملحمة البشر ,كل نوازعها تترقب في نهاية المعاناة الى ضوء حتى  لو كان  في آخر النفق .  حتى لو كان باهتاً أو خافتاً .

 

أكتبُ كي أحيا،

أشمُّ صفحةَ الهواءِ والغبارِ والمطرْ،

أناولُ البشرْ

يدي التي من جسدِ الشجرْ،

أفتحُ ما في الروحِ من بوابةِ البصرْ،

————————

 

حملْتُ فوق الكتفِ الأحلامَ والآلامَ

والطريقَ والسهرْ،

حملْتُ ما في سيرةِ الكونِ

وفي ملحمةِ البشرْ،

 

الفرحُ  الموعودُ ضوءٌ باهتٌ .

1 – الرواية الاولى : رواية التحدي والوجود , رواية اختبار الحب على مجهر الواقع , في مدلولات الوطن , بأن حناجر العشق التي ترن في مزاميره , لا يمكن أن تستسلم لليأس وترد خائبة  من بيدر الحصاد  .

 

أتلك روايتي ؟

قالوا : نعم !

ولكنْ تلكمُ الراياتُ سودٌ ، والرماحُ لظىً ،

وخيلُ الشوقِ قد هُدّتْ أعنتُها ،

 

فهامَ الفارسُ الغافي على صوتِ الشجا يروي ملاحمَهُ

ويحكي قصةَ الانسانِ في حبِّ المرايا

يرتمي في نبضها يغفو على هزِّ الأراجيحِ

فتاهَ وما خيولُ الشوقِ عادتْ منْ حصارِ البيدِ ماعادتْ ،

——————

ورغم ان التراب يمتص دماً قانياً , يروي عطش الديدان , من عرائس دم العشاق , لكنهم يلوحون بالراية الحب الخضراء, يلوحون بالصمت بحثا عن الانسان والحب ,   ولا يقعون في الخديعة في ارض المواعيد .

 

الترابُ يمتصُّ الدمَ قانياً

يروي عطشَ الديدانِ في زوايا ممالك النملِ والعقارب،

 

وتلكَ روايةٌ عمياءُ عن حبٍّ يلوحُ على حبالِ مشانق الرغبةْ،

يموتُ الرسمُ فوق جدار حلمٍ راقصٍ في ساحةِ النشوةْ،

يذوبُ الصوتُ في وهجِ التراتيلِ

تلوحُ الرايةُ الخضراءُ في صمتِ المواويلِ   /   تاريخ القصيدة عام 1971

2 – الرواية الثانية :

عندما يسقط الحب والهوى في قعر الرغبات , والواقع يمشي  عكس تيار الحب , يطارد الحب والهوى . فيصبح الحب مطارداً وشريداً , لذلك تصبح حكاياته حكايات الحنين الغارقة في المعاناة , تغرد داخل الضلوع .

 

سقطَ الهوى

في قعر رغبتنا البليدهْ،

وتراجعتْ

لغةُ الموداتِ العنيدهْ،

بقي الحنينُ على العيونِ تدفقاً

يروي حكاياتٍ شريدهْ.

 

يا مهجةَ الصبِّ المولّعِ

بالرواياتِ الطريدهْ،    / تاريخ القصيدة 1972

————————-

3 – الرواية الثالثة :

يتطلع الى رحلة العمر الطويلة من شرفة الغربة بعد عناء طويلة سنواتها العجاف في الوطن البعيد  , ويتذكر كل أحداثها  بدراميتها الفاعلة  , التي انهكت الروح والجسد في تعب السنين وغيومها السوداء لا تنتهي فصولها , كل جوانح أحاسيسه  الداخلية تتطلع الى القادم الموعود بكل شوق واشتياق من خلف الضباب , واصبح يعاشر الغربة  والثلج والغابة والحرف الصموت . وكل نبض فيه يحن الى الحب في مسيرته الطويلة . ولن يحيد عن طريق الحب مهما كانت العواقب , فلابد ان يأتي اليوم الموعود , وقد سقطت كل الازمنة الطاغية ونهبت كنوز قارون , وسقط الجبروت  , وظل الحب حياً , ولم يعد الحب إلا  شفيعه في البقاء والديمومة  .

 

آهِ يا سيرةَ هذا الحبِّ

القلبُ انشطارٌ بينَ سُـودِ الخَـطِّ

بينَ البيضِ تُخفي الوجهَ خلفَ الشاشةِ العمياءِ

والأقدامُ  في مزرعةِ الشوكِ ثباتٌ ومناجاةٌ :

تُرى هلْ مِـنْ سميعْ !

 

وشفيعي في مُرادي

أنَّ كفيَّ بياضٌ

ولساني منْ صداحِ العندليبْ

 

سمعوا الصوتَ

فناموا فوق مهدي

وأحالوهُ صداعاً

منْ مقاماتِ اللهيبْ  / تاريخ القصيدة عام الخميس 8 ديسمبر 2011.

× الغناء لحن الحياة والوجود , لحن المقاومة والتحدي في معصم هذا العالم الثقيل المثخن بالجراح . قيثارة القلب تعزف بما يحمل من مشاعر للغناء , يكون زقزقة العصافير على الأغصان , دندنة الأطفال في المهد . موجات تتناغم مع مياه النهر , الغناء يحمل اناشيد ومزامير  للبيت الكبير , فهو الشاعر والحالم والمغني .

 

سأغنّي

زقزقاتٍ للعصافيرِ على الأغصانِ

للزورقِ في النهرِ

وللأطفالِ في مهدٍ جميلْ

 

سأغنّي

ضُمَّ صوتي

بينَ أصواتِ أناشيدِ المزاميرِ

فللحريةِ الحمراءِ ما غنّيْتُ

مِـنْ حبٍّ أصيلْ

 

أضلعي لحنُ جراحٍ

منْ نِصالِ الخنجرِ المسمومِ

في السجنِ الثقيلْ

 

أنملي شدوُ غناءٍ

صادحٍ توقاً

إلى نافذةٍ تهزجُ

بالوردِ وبالنورِ

على البيتِ الجليلْ

جمعة عبدالله

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular