الشام وما أدراك ما الشام!!! إنها أقدم بلد على وجه الأرض، 9000 سنة قبل الميلاد – كما يقول التاريخ -.
إنها الأرض المباركة التي تشرفت وتباركت بأقدام الرسول صلى الله عليه وسلم التي وطأتها مرتين قبل البعثة.
وبعد البعثة، قال عليه الصلاة والسلام أحاديث عديدة عن فضائل الشام (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا»، قالوا: “يا رسول الله، وفي نجدنا؟” فأظنه قال في الثالثة: «هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان» أخرجه البخاري.).
عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام» (أخرجه أحمد، وأبو داود، وصحّحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.).
أرض البطولات
إنها أرض البطولات، التي رُويت بدماء الصحابة الزكية، رضوان الله عليهم، وأرض الشرف، حيث تشرفت باحتواء أجساد شهداء الصحابة الطاهرة، حين فتحها وتحريرها من رجز الرومان البغاة، وأرض الأمجاد، التي سطرها التاريخ بأحرف من نور، وأرض العزة والكرامة، وأرض الملاحم الكبرى، والأرض المباركة، حيث ينزل عليها عيسى بن مريم عليه السلام، من السماء كما ورد في الصحيح (أنَّهُ إذا خرج مسيحُ الضَّلالةِ الأعورُ الكذَّابُ نزل عيسَى بنُ مريمَ على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَيْنِ ).
وقد مدح الشامَ، كثيرٌ من الشعراء، وتغنوا بجمال ربوعها، ونضارة بساتينها، وروعة طبيعتها الخلابة التي تفوق أي بلد على وجه الأرض، وبالأخص عاصمتها دمشق، التي كانت عاصمة الدنيا كلها لقرابة مائة عام في عهد الأمويين.
(تذكر المصادر أن الوالي العثماني ناظم باشا ضاق صدره واكتأب، فأمر أعوانه ببناء مكانٍ له يستريح فيه من ضوضاء المدينة، وما هي إلا ساعة حتى أقاموا له كوخاً على سفح جبل قاسيون، فجلس مذعوراً مسحوراً بالجمال الاخاذ، وقال: «إن الله عندما خلق الكون قسم الجمال نصفين، اعطى النصف الأول لهذا المكان ووزع النصف الثاني على باقي الارض» فقالوا له: «يا سيدي هذا المكان بعيد لا ماء ولا نبات ويحتاج السفر اليه ساعة كاملة», لكنَّ الوالي اصرَّ على البناء فبني القصر ليكون مقراً له وليصبح فيما بعد «القصر الجمهوري»). نقلاً عن ويكيبيديا.
ومن أكثر الشعراء الذين مدحوها وهاموا بها حباً سعيد عقل وله قصائد عديدة نجمع بعض أبيات من كل قصيدة.
قرأتُ مجدَكِ في قلبي و في الكُتُـبِ شَـآمُ ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ
أيّـامَ عاصِمَةُ الدّنيا هُـنَا رَبطَـتْ بِـعَزمَتَي أُمَـويٍّ عَزْمَـةَ الحِقَـبِ
شَـآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِرٍ أبداً كأنّكِ السَّيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُ
شآمُ أرضَ الشّهاماتِ التي اصْطَبَغَتْ بِعَـنْدَمِيٍّ نَمَتْـهُ الشّـمْسُ مُنسَـكِبِ
شامُ يا ذا السَّـيفُ لم يِغب يا كَـلامَ المجدِ في الكُتُبِ
قبلَكِ التّاريـخُ في ظُلمـةٍ ****** بعدَكِ استولى على الشُّهُبِ
وأما أحمد شوقي فينبهر انبهاراً كبيراً، ويندهش اندهاشاً عظيماً بروعة وجمال دمشق، حينما يصلها قبل مائة سنة تقريباً، فيشدو طرباً بها.
آمَنتُ بِاللَهِ وَاِستَثنَيتُ جَنَّتَهُ ،،، دِمَشقُ روحٌ وَجَنّاتٌ وَرَيحانُ
قالَ الرِفاقُ وَقَد هَبَّت خَمائِلُها ،،، الأَرضُ دارٌ لَها الفَيحاءُ بُستانُ
جَرى وَصَفَّقَ يَلقانا بِها بَرَدى ،،، كَما تَلقاكَ دونَ الخُلدِ رَضوانُ
محاسن وجمال دمشق
ويذكر الشيخ علي الطنطاوي بعضاً من محاسنها وجمالها في كتابه القيم (دمشق.. صور من جمالها)..
(دمشق… وهل توصف دمشق… هل تصور الجنة لمن لم يرها… كيف أصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود.. من يكتب عنها وهي من جنات الخلد الباقية… بقلم من اقلام الأرض فان…
(دمشق التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والجبل، المترفع عن الأرض، ترفع البطولة العبقرية . الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق .
(دمشق التى تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدا . تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة وقهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى… الراكضة دائما نحو مطلع الشمس …
(دمشق التي تحرسها الربوة ذات الشاذروان وهي خاشعة في محرابها الصخري، تسبح الله وتحمده على أن أعطاها نصف الجمال حين قسم في بقاع الأرض كلها النصف الثاني ….
(وفي دمشق النعيم المقيم، وليست تخلو من ثمر قط لا في الصيف ولا في الشتاء، أما جودة ثمارها فأجود من أن تذكر، وفيها من العنب ما يزيد على خمسين نوعاً، ومن التفاح ما ينيف عن الثلاثين، واللوز ما لا يوجد مثله في غيرها ).
(فأي مزاياك يا دمشق أذكر وفيك الدين وأنت الدنيا وعندك الجمال وعندك الجلال وأنت ديار المجد وأنت ديار الوجد جمعت عظمة الماضي وروعة الحاضر )..{1}.
وينقل أحد الكتاب العراقيين (ع. شعبان ) علمتني الشام حب الصباح فيقول:
(دمشق أو الأرض المسقية حسب معناها القديم، هي أقدم مدينة مسكونة ومتواصلة في التاريخ، وإحدى محطات طريق الحرير، وطريق البحر، وموكب الحج الشامي، والقوافل المتّجهة إلى بلاد فارس، أو آسيا الصغرى، أو مصر، أو الجزيرة العربية. وبقدر ما هي مدينة تجارية، فلها مركز سياسي مرموق تاريخاً، منذ الدولة الأموية، وأقام فيها أو دفن صلاح الدين الأيوبي، والظاهر بيبرس، وعُرفت بأنها مدينة الياسمين، وجاء في وصف ياقوت الحموي قوله: “ما وصفت الجنّة بشيء، إلاّ وفي دمشق مثله”.
(ودمشق هي الشآمُ، أو: الشام: سُمّيتْ بذلك لأن أول مَن نزل بها سام بن نوح، فجُعلت السين شيناً لتغير اللّفظ الأعجمي؛ وكان اسم الشام الأول: سُورَى. وقال جماعة من أهل اللغة: (باعتبار) أنه يجوز أن لا يهمز فيقال “الشام”، فيكون جمع شامة، سمّيت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض فشُبِّهت بالشامات..!
(وهذه الشام لا تشعرك بالغربة، فالغريب فيها مثل ابن البلد، ولم يحدث أن أحسست يوماً من أن هناك فارقاً بيني وبين أي شامي، أو أنني أختلف عنه في “الحقوق” الشخصية والاجتماعية. قد ينطبق على وصفنا هذا بيت الشعر العربي: يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا / نحن الضيوف وأنت ربّ المنزل
(دمشق سرّة الياسمين حسب أدونيس، جمعت بين عظمة الماضي وروعة الحاضر، هي السندس الأخضر واللاّفندر (الخزامى)، هي الفل والياسمين والقرنفل والريحان.).{2}.
ونقول: ذكرى للتاريخ…
ولإثبات أن الشعب السوري عامة – وليس كله – يتصف بالأصالة، والعراقة، والإباء، والشموخ، والسمو، والعلو، وكرم الضيافة..
فهل يوجد في الدنيا كلها حي يسمى (المهاجرين) كما يوجد في دمشق، عاصمة الأمويين، بل عاصمة الأرض كلها، في ذلك الحين.
وهل يعلم الناس – وخاصة عبيد العبيد – سبب تسمية هذا الحي الأصيل، الشامخ بأرضه، وتراثه، وعراقته، باسم (المهاجرين)؟؟
تسميته وتاريخه
(أطلق على المنطقة اسم المهاجرين منذ بداية القرن العشرين عندما جاءها جماعة من المهاجرين، من كريتيين وأتراك وشراكس ووسواهم ممن قدموا إليها بهجرات مختلفة الأسباب، أول المهاجرين كانوا من البلقان الذين وصلوا عام 1890 ثم من الروملي عام 1896 ومن كريت عام 1900 وقد بقيت في الحي عائلات تركية كثيرة في سورية بعد رحيل الحكم التركي 1919 م. كما بقيت أقليات قادمة من المحافظات السورية، فجميع من قطن في المنطقة حينها تجمعهم الغربة وحميميتها كأنهم أقرباء[2]). نقلاً عن ويكيبيديا..
لقد استقبل السوريون، الأتراك منذ قديم الزمان، قبل أن يستقبلوا هم السوريين بأكثر من مائة وعشرين سنة – هكذا يقول التاريخ – واحتضنوهم، وأكرموهم، وأسكنوهم في أجمل بقعة في دمشق..
ولا يزالون حتى الآن – كما يقول التاريخ والواقع – ولم يفكروا – مجرد تفكير – في طردهم، وإخراجهم – طواعية أو كراهية – .
ولكن فصيلاً من المخلوقات الفقارية.. شعبة الآدميات، والذين يمثلون أدنى مرتبة فيها، وهم حثالات عبيد العبيد.. ينكرون الفضل، لأولي الفضل، ولا يعرفون خُلقاً، ولا ديناً، ولا مروءة، ولا شهامة!!!
ويقومون الآن! بقتل، وطرد، وسفك دماء أحفاد الذين استقبلوا أجدادهم بالأحضان أيام العُسر، والقحط ، والجوع، والخوف .
وهكذا يتبين للعالم أجمع..
عظمة ومهابة الشام قديماً وحديثاً وإلى آخر الزمان، وعلى أرضها ستجري الملاحم والأحداث الأخيرة قبل قيام الساعة.
وقد حث وشجع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على الإقامة في الشام (قلنا: “فماذا تأمرنا يا رسول الله؟” قال: «عليكم بالشام» (أخرجه أحمد والترمذي وصحّحه الألباني في تخريج أحاديث فضائل الشام).
22/11/1443 22/6/2022