ركبنا السيارة وتوجهنا إلى باعدري ,هناك نزلنا السائق الذي كان يسوق السيارة وقام ولدي بهمند بسوق السيارة,بالصدفة كانت امرأة تدعى عيشو قد توفيت,فتوجهنا إلى المقبرة وسلمنا على أهلها,بعد ذلك زرنا مزار حجي علي هناك ,ومن ثم توجهنا إلى منزل الأمير حازم والأميرة ميان في باعدري ,كان المنزل موجودا فوق مرتفع شبيه بتل ويشرف على باعدري بحيث أن المرء يستطيع أن يرى باعدري بشكل جيد ,هناك وجدنا الحراس أمام مدخل باب الأمير ,سلمنا عليهم ودخلنا باحة المنزل ومن ثم دخلنا الدار ,هناك استقبلنا الأميرحازم بحرارة وكل احترام,كانت حالته الصحية ليست على ما يرام ويبدو متعبا,بعد الجلوس بوقت قصيرجاءت الأميرة ميان بنت الأميرخيري وزوجة الميرحازم ,سلمت علينا بإحترام شديد وجلست في كرسي مقابل ,كان اليوم مازال عيدا ,لأن العيد أي الأربعاء الأحمر يستمر 3 أيام ,وكانت الحلويات والبيض الملون والمسلوق موجودة على الطاولة ,وبدأنا بالحديث عن وضع الإيزيديين ونحن نتناول الشاي ,فقد تطرقنا إلى أمورهامة وخاصة إلى الوضع الإيزيدي العام وتوحيد النصوص الدينية (قول وبيت ودعاء) الإيزيدية ,لأنه ليس من المناسب أن يتلو كل واحد القول كما يريد أو يزيد أو ينقص أو يغير كلمات تلك النصوص المقدسة,أو أن يتلو كل شخص تلك النصوص بشكل مختلف عن الآخر,وكذلك تطرقنا إلى قانون الأحوال الشخصية الخاص بالإيزيديين ,وقد أخبرت الأميروالأميرة بأنني قد كتبت ذلك القانون منذ 1993م وقد أعطيت نسخة منها لسمو الأمير الراحل تحسين سعيد علي بك ,هناك توقف الأميروالأميرة على هاتين النقطتين بكل اهتمام وشارك الشيخ زيدو الباعدري في المناقشة بشكل قوي وحماس وأكد أهمية هاتين النقطتين ,وكانت الأمير ميان تتفحص كل كلمة تقال بهذا الشأن وتهتم بشدة بهذه الأموروطلبت مني إرسال نسخة عن ذلك القانون وكذلك نسخة عن الكتاب الذي جمعنا فيه النصوص الدينية المقدسة (الدعاءوالقول والبيت)وقد قمت بترجمة تلك النصوص إلى اللغة العربية بنفسي كي يستطيع العارف باللغة العربية ماذا يوجد في نصوصنا المقدسة وكذلك كي يعرف حتى الإيزيديين تلك النصوص ومضامين تلك النصوص,لأن الكثيرمن الإيزيديين لايفهمون لغة ومعاني النصوص الدينية الإيزيدية ,وقد وعدتهما بإيصال نسخة من هذين الكتابين لهما ,
بعد ذلك صرنا نتبارز بالبيض كتسلية وكعادة الإيزيديين في ذلك العيد ,ومن ثم قامت الأميرة ميان بإهداء كتابين لها لي وهما :1-ديوانها الشعري بعنوان ضفائر مايا 2-كتابها بعنوان شؤون وشجون في الشأن الإيزيدي وقد توقفت على هذين الكتابين ووجدت مضمونهما هكذا :
1-بالنسبة لديوانها (ظفائر مايا):
القصائد مكتوبة بلغة سلسة ومفهومة ويستطيع كل فرد يقرأ تلك القصائد أن يفهمها لسهولة لغتها ووضوح كلماتها ولم أجد فيها أي تصنع أوانتقاء لكلمات,كما تميزت القصائد بأنها قصيرة مما يدل على عدم تحملها للوضع كي تستطيع متابعة الكتابة ,لذلك جاءت القصائد مبتورة ومختزلة .
الديوان يبدأ بالحزن والألم وذلك بقصيدة رثاء على أخيها المرحوم كاميران وفي المنتصف نجد كذلك الحزن والألم في رثاء مايا (صغيرتي اسمها مايا) وفي النهاية نجد الحزن والألم في رثاء والدها الأمير خيري (مولاي الأمير).
اليأس ظاهر بوضوح في الكثير من قصائدها مثل (في قلبي جرح)و(تاريخ مسلوب)و(الجديد)و(أنا ضائعة)
الأمل:في (عندما تأتي)
العتب في (لغة بلدي)
الإمتنان لزوجها (جئت اليوم)و(كلما سافرت)و(عندما يتحدثون عنك)و(في غيابك)و(لو تعلم)
الثورة ضد الطغيان وعدم الرضوخ للوسط المعاش والتحدي وقد ظهر ذلك في (لاشئ)و(هواجس)و(أنا كائنةمختلفة) والشجاعة في موقفها في كثير من القصائد والمواقف
الألم والشعور بوضع شعبها وظهر ذلك في (دموع السبية) و(شنكال)
أما كتابها (شؤون وشجون في الشأن الإيزيدي)فقد تميز كما تميز به ديوانها تقريبا
فتجد الحزن والتألم(ما يجب أن يقال عن كارثة شنكال)و(ناديا نادت وتنادي) و(ما يحدث في الساحة الإيزيدية …)والدعوة المستمرة للإتفاق(فوضى إعلامية)و(إلى المرشحين والناخبين الإيزيديين)و(دعوة للتوحد…)و(رسالة إلى الرأي العام الإيزيدي)
الطلب من الإيزيديين التحلي بالأخلاق في الكتابة والتعبير عن الرأي (فوضى إعلامية)و(المثقف الإيزيدي ووباء التسقيط المميت إعلاميا) .
بعدإنتهاء اللقاء مع سمو الأميروسمو الأميرة,غادرناهما وقد رافقتنا الأميرة حتى خارج الباب وهي تتمنى لنا الخير والسلام ,ركبنا السيارة وتوجهنا نحو مدينة أربيل (هولير)وكان بهمند يسوق السيارة ,وللعلم النظام المروري الذي وجدته كان فوضويا جدا وقد تذكرت النظام المروري في باريس بفرنسا عندما كنت هناك بيوم من الأيام ,فلا أحد ينتبه لأحد وكل فرد يسوق كما يريد وعلى هواه وتعجبت كيف لاتحدث حوادث مرور بكل دقيقة ,حوالي الساعة 11 ونصف وصلنا إلى الفندق الذي نسكن فيه ,بعد اخذ الراحةلبعض الوقت والحديث عن الذي جرى ذهبنا للنوم في الغرفة 110 ,كانت الغرفة تحتوي سريرين وصالون وكانت هادئة وليست كمثيلتها السابقة والتي كانت تشرف على الشارع العام ولم نستطع النوم فيها ,لذلك تم تبديلها .
.
أما عن شخصية الأميرة ميان ,فإنها تتميز بالذكاء الحاد لأنك عندما تتحدث معها تلاحظ بانها تنتبه إلى كل كلمة تقولها ,كما تتميزبالإحترام الشديد لكل الناس ومن دون تمييز,ومن ناحية أخرى فإنني وجدت بأنها قد كسرت البرج العاجي وخرجت من الواقع الإجتماعي الذي يتميز به مجتمعها كأميرة ومن الطبقة العليا في المجتمع الإيزيدي ,فملابسها لاتختلف عن ملابس أي إنسان ,وعندما تجلس تجدها تجلس بكل تواضع وإحترام ,فلا تضع رجلا على رجل ولاتمد بقدمها وإنما تسند فقط على جانبي الكرسي وتصغي إلى المرء بكل إحترام مما يحعل المرء يشعر بكل راحة وكأنه يتحدث مع أخته فعلا,عندما تتكلم ,تتكلم قبل كل شئ عن واقع شعبها وتتألم عندما تتكلم لأن واقع شعبها المؤلم يؤثر عليها بشكل شديد جدا ,لم أجد ذلك اثناء اللقاء معها ,ولكن وجدت ذلك في لقاءاتها مع الإيزيديين ولكن هنا تأكدت بأن حدثي كان صحيحا وفي محله ,فهي مرهفة وحساسة جدا وتتألم بشدة بواقع الإيزيديين ,كما وجدت فيها أملا كبيرة في أنها ستخدم الإيزيدياتي دينا ومجتمعا وسيفتخربها الإيزيديون في المستقبل وستكون التاج الذهبي للإيزيدياتي الآن وفي المستقبل.
7 أيام في كوردستان العراق الحلقة 6 فرماز غريبو
في ضيافة الأمير حازم والأميرة ميان 22-4-2022م
