ما ثمن قبول تركيا الموافقة لصالح عضوية فنلندا والسويد في حلف الناتو؟
هل سيكون طريق الدولة الفنلندية إلى الناتو ممهدًا بدماء الأكراد حقا؟
بعد موافقة تركيا، أمين عام حلف الناتو مع الرئيس التركي، الرئيس الفنلندي ورئيسة وزراء السويد في مدريد على هامش قمة حلف الناتو
هلسنكي ـ يوسف أبو الفوز
نشر في طريق الشعب البغدادية عدد يوم الاحد 3 تموز 2022
أخيرا، وبعد مارثون المفاوضات السرية والعلنية والاجتماعات التي عقدت في العاصمة الاسبانية، مدريد، وكما هو متوقع، وافقت تركيا على التصويت لصالح عضوية كل من السويد وفنلندا في حلف الناتو، وبهذا يكون البلدان قد أنهيا عقودا من اتباع سياسة الحياد. ونقلت شبكة خدمة الاخبار الفنلندية STT، رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي علق بانها ليست مشكلة لروسيا، بل هي مسألة داخلية بين البلدين، وإن بلاده (لن تنزعج) من ذلك لكنه حذر من أنها سترد على أي (تهديدات). وأعلن الرئيس الفنلندي سولي نينيستو في بيانه بهذا الخصوص من مدريد، إنه تم توقيع مذكرة مشتركة بين تركيا وفنلندا والسويد قبيل انعقاد قمة الناتو، وانهما سيوقعان قريبا على بروتوكول الانضمام وبموجبه يصبحان عضوين مراقبين في حلف الناتو.
وإذ سبق وواصلت تركيا القول بأن فنلندا والسويد يأويان منظمات إرهابية، بالإشارة الى حزب العمال التركي، وجاءت مذكرة التفاهم المشتركة، بصفحاتها الثلاث وبنودها العشر، لتؤكد التزام فنلندا والسويد وتركيا (بتقديم دعمها الكامل ضد التهديدات لأمن بعضها البعض)، فان العديد من المتابعين، تسائلوا: ما الذي جعل تركيا تتنازل وتنهي مماطلتها وتعطي الضوء الأخضر للبلدين بعد الإصرار على انها لا تنظر للأمر بشكل إيجابي؟ ما هي البنود السرية التي تحملها مذكرة التفاهم المشتركة؟ كيف سينفذ عمليا الوعد بمعالجة مخاوف تركيا الأمنية، فيما يخص المجموعات الكردية؟ هل سيتم التخلي تماما، عن دعم وحدات حماية الشعب الكردية، أو YPG، بعد ان اعتبرا حزب العمال الكردستاني، الحزب السياسي، على أنه منظمة إرهابية؟ والاهم هل ستقوم فنلندا والسويد بتنفيذ مطالب الجانب التركي بتسليم عدد من الناشطين الكرد المقيمين في اراضيهما وبعضهم حاصل على جنسية البلدين؟، وكان بيان الرئيس الفنلندي أشار الى عندما نصبح حلفاء في الناتو، سيصبح هذا الالتزام أقوى وأضاف (عندما نطور تعاوننا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتصدير الأسلحة وتسليم المجرمين، من الطبيعي أن تواصل فنلندا العمل وفقًا لتشريعاتها الوطنية).
لا تزال الأمور غامضة لبعض المراقبين، لان بعض بنود الاتفاق مكتوبة بلغة تحتمل التأويل، ويبدو ان حرص واستقتال فنلندا والسويد للحصول على موافقة تركيا للانضمام الى حلف الناتو، دفع البلدين للموافقة على العديد من طلبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أشار لها بيان الرئاسة التركية الذي قال ان (تركيا حصلت على ما تريد) وأوضح البيان أن البلدين تعهدا بالتزام (التعاون التام مع تركيا في مكافحة حزب العمال الكردستاني، وكذلك ضد الحركات التابعة له)، وتابع البيان أن البلدين سيحظران أيضا (نشاطات جمع الأموال وتجنيد المسلحين الأكراد وسيحظران الدعاية الإرهابية ضد تركيا). وكذلك التعهد بـ (إظهار التضامن مع تركيا في الحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله)، ولم ينس البيان الإشارة الى قبول فنلندا والسويد بعدم (فرض قيود أو حظر على الصناعات الدفاعية) في إشارة إلى الحظر المفروض على تسليم الأسلحة إلى تركيا ردا على التدخل العسكري لأنقرة في سوريا عام 2019. وبهذا ستتماشى فنلندا والسويد، مع سياسة الولايات المتحدة الامريكية في النظر الى الجماعات الكردية بانها مجاميع إرهابية.
رئيس كلية الأبحاث في جامعة هلسنكي، توماس فورسبيرج، تحدث لموقع هيئة الإذاعة الفنلندية Yle، قال ان الامر يتطلب عاما حتى توافق وتصدق جميع الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو على عضوية فنلندا والسويد، وان انتقادات وخطاب بوتين بدأت تتحول أكثر من موضوع العضوية بحد ذاتها، إلى موضوع البنية التحتية العسكرية لحلف الناتو وما يجلبه انضمام فنلندا والسويد بهذا الخصوص.
وتصاعد العديد من التصريحات المعارضة والمنتقدة في السويد و فنلندا إذ ادان الحزب الشيوعي الفنلندي المذكرة المشتركة واعتبر ان فنلندا (تخلت عن بعض مبادئها الخاصة بحقوق الإنسان وسياستها الخارجية بالفعل أثناء عملية العضوية في الناتو) بينما اعتبرت ( عصبة البروليتاريين) الفنلندية اليسارية ، (ان طريق الدولة الفنلندية إلى الناتو ممهدًا بدماء الأكراد)، ونقلت الانباء ان تركيا تطالب بالفعل بعمليات الترحيل الأولى، فوزير العدل التركي بكر بوزداغ قال لوسائل إعلام تركية إن هناك حوالي 21 شخصاً مطلوباً في السويد و 12 في فنلندا، أي ما مجموعه 33 شخصاً، بينما كرر الرئيس التركي في مؤتمره الصحفي، عقب توقيع المذكرة (إن على السويد وفنلندا الوفاء بالوعود التي قطعتاها في الاتفاق مع تركيا، وإذا وفوا بوعودهم، فسنرسل بروتوكولات الانضمام للناتو إلى برلماننا للتصديق عليها).