كتبت هذه القصة كرواية او كملحمة في عدة ثقافات منها الأرمنية والاذربيجانية والفارسية والتركية والتركمانية والخراسانية وفي الملحمة قد تختلف بعض الاحداث او يختلف من يمثل القوى الخارقة فالبعض يرجعونه الامام علي والاخرون الى الفارس الأخضر أي النبي خضر او الخاتم الذي يعثر عليه الغريب ويخرج المارد من الخاتم ويلبي طلباته والبعض يرويها كرواية وليس كملحمة دون تدخل القوى الخارقة وحتى قد تتغير الأماكن فمثلا في السرد الاذربيجاني يذهب الغريب الى بغداد اما في رواية طالب القشقاي فيقول ان حضرة علي عليه السلام قد اعطى الغريب الخاتم ليعطيها لشاه صنم ,
وانا ساركز على ما جاء في الادب الغنائي الفلكلوري الايزيدي الذي يقدم العاشق الغريب وشاه سنم كملحمة لتداخل القوي الخارقة المتمثلة بالنبي خضر الياس في سردها والجدير بالذكر من بين كل الروايات حول هذين العاشقين فان رواية القشقاي قريبة من الرواية او الملحمة الايزدية حول هذين العاشقين .
الفصل الاول عائلة الغريب
كان احمد وزوجته يسكنان احد المدن الصغيرة ولم يكن لاحمد اقارب وفي احد الايام اتى رجل اسمه حسن واصبح جارا ل احمد فذهب احمد اليه وقال .
اتيت اهلا ونزلت سهلا
ستراني اخا وجارا واهلا
أتمنى ان تحظى سترا واملا
قال حسن
الحمد لله الواحد الاحد
قد تشرفت بجيرتك احمد
بعون الله ستكون لي السند
كان احمد متزوجا ولم يكن لديه اولاد ولكن حسن كان لديه زوجة وبنت ,وفي احد الايام توفي حسن تاركا زوجته وابنته دون معيل ولكن احمد كان يهتم بهما قد استطاعته وبعد فترة توفيت زوجة احمد فاصبح احمد وحيدا ,وفي احد الايام قرر احمد ان يفاتح زوجة جاره الارملة للزواج فوافقت وبعد مرور سنة رزقت بولد .
وشاءت الاقدار ان يموت احمد فظلت زوجته دون سند وبمرور الزمن نفذ ما لديها من المال ووصل الحال بها الى درجة ان تتوسل في البيوت لتتمكن من اطعام بنتها و ابنها ولكن الناس لضعف مقدرتهم المالية لم يعودوا يساعدونها فكادت ان تموت هي واطفالها ,وفي احد الايام نصحها احد الاشخاص بان تذهب مع اطفالها الى مدينة الشام مدينة( دمشق الحالية ) علها تجد عملا في احد البيوت وتتمكن من اطعام اطفالها الصغار فوافقت المراة وطلبت من الشخص ان يجد لها طريقة للذهاب لانها لا تعرف طريق الشام فاخذها الرجل الى احد التجار الذي بدوره وافق ان ياخذ المراة وطفليها مع قافلته ودون مبلغ , ورافقت المراة القافلة حتى وصلت للشام .
الفصل الثاني.. .
عند وصول القافلة اطراف الشام قال التاجر للمراة هذه هي الشام وينبغي ان تذهبي لوحدك الى المدينة فشكرته المراة وسارت في طريقها الى المدينة وقد هلكها التعب والعطش والجوع ومعها اطفالها الصغار وشاهدت قصرا فقضت ليلتها قرب احد جدران القصر ,وفي الصباح بينما كان صاحب القصر يصعد سطح قصره ويتامل في الدنيا شاهد المراة وطفليها فنزل واخبر زوجته بان تحضر بعض الطعام والماء وتاخذها للمراة ولما قابلت المراة وشاهدت حالتها وحالة اولاها شعرت بالحزن وطلبت من زوجها ان يوافق بان يسكنوا في احد غرف القصر المتروكة واعطت لهم بعض الملابس وشراشف وبساط للنوم ففرحت المراة كثيرا وفي الصباح الباكر قامت باعمال كثيرة من تنظيف والاهتمام بالقصر ولما نهضت صاحبة البيت وجدت بان اغلب اعمالها اليومية قد انجزتها المراة الفقيرة فاخبرت زوجها بذلك وطلبت من المراة البقاء في القصر مقابل الطعام والسكن ففرحت المراة ووافقت .
وقد كان الولد قد بلغ سبع سنوات واخته تكبره بسنتين واطلق صاحب القصر على الولد اسم الغريب وعلى اخته الشقراء لانها كانت ذات بشرة بيضاء وشعر اشقر وكان يعاملهما معاملة جيدة .
وفي احد الليالي حلم الولد بان النبي خضر( الفارس الاخضر ) اتاه في الحلم واخبره ان يتعلم مهنة الحياكة والنسيج وفي الصباح اخبر والدته بذلك وبدورها اخبرت صاحب القصر الذي فرح كثيرا واخذ الولد الى افضل حياكي المدينة ليعمل هناك ويتعلم ووافق صاحب المحل وفي منتصف النهار قال الحياك للولد ابقى هنا ساذهب لاكل و ساحضر لك طعاما , ولما رجع بعد ساعة وجد الولد قد قام بحياكة ما يقارب عمل يوم كامل فتعجب صاحب المحل وطلب من الولد البقاء ليتعلم هو منه ويكون شريكا له ولكن الولد قال كلا ساعمل لوحدي وغادر المحل وعاد الى صاحب القصر وشرح له ما جرى فقام صاحب القصر بشراء كافة مستلزمات الحياكة واستمر الولد في هذه المهنة واصبح اشهر حياك في البلدة واستمر حوالي خمس سنوات وفي احد الليالي اتى دليله النبي خضر وطلب منه ان يعمل في صناعة الاحذية اي اسكافي واخبر امه وصاحب القصر بذلك وذهب الى اشهر اسكافي في البلد ليتعلم منه ولكن عندما عمل الولد كان عمله يفوق عمل الاسكافي الذي طلب منه البقاء وليكون شريكا له ولكن الولد اصر ان يعمل لوحد وجهز له صاحب القصر كافة مستلزمات المهنة وبدا الغريب بالعمل واصبح اشهر اسكافي في الشام لعدة سنوات , وفي احد الليالي اتاه خضر الياس وطلب منه ان يتعلم الغناء والعزف على الة الطنبور اي البزق,وفي الصباح اخبر والدته وصاحب القصر بذلك فاخذه الى اشهر محل لصناعة الاوتار الموسيقية
وساله صاحب المحل الشاب هل عزفت قبل ذلك فاخبره كلا ولكنه متاكد ان سيعرف وطلب من صاحب المحل طنبورا وبدا بالعزف فتعجب الشخص وقال انتظر ساصنع لك احسن طنبور وذات أوتار ذهبية وبعد الانتهاء وضعها بيد الشاب فعزف اجمل الالحان وباعذب صوت واجتمع الناس حول المحل فقال الشاب لنجلس امام باب المحل واستمر الناس بالتدفق الى منتصف الليل ,حيث اخبرت والدة الشاب صاحب القصر بانها قلقة على ابنها لانه لم يرجع فذهب صاحب القصر الى السوق وشاهد جمعا غفيرا من الناس مجتمعين امام محل الأدوات الموسيقية وشاهد الشاب يغني ويعزف بشكل فريد فتقرب منه واخبره بانه يجب ان يعود الى البيت وفي اليوم التالي سالت الناس عن الشاب وبداوا ياخذونه الى افراحهم واعراسهم وزادت شعبية الشاب الى ان وصلت اخباره الى أولاد الاعيان والامراء وكان هناك مجموعة من أولاد الأغنياء متكونة من أربعين شابا يقضون اوقاتهم في السهر والمرح والصيد ويتزعمهم شاب اسمه عجيل النجمة الذي قام باستدعاء الشاب واخبره بانه هو وجماعته سيتكفلون بمعيشته ومسكنه وامه وشقيقته ولا يتجرا احد ان يتقرب منهم فوافق الشاب واصبحوا اصدقاءا أوفياء كانهم اشقاء وبعد فترة اشتروا للشاب قصرا وكذلك فرسا وكل ليلة يجتمعون في بيت الشاب ويسهرون على اغانيه والحانه وموسيقته العذبة واطقوا علية اسم العاشق الغريب (لكونه يعشق الموسيقى والغناء ولكونه غريبا عن الشام ,) وبعدها قرروا ان يزوجوا العاشق الغريب ونظرا لعلاقاتهم القوية فقد نظموا احتفالا في مركز مدينة الشام ودعوا كل الفتيات للحفل ليتمكن العاشق الغريب من اختيار واحدة بينهن ولما حضر العاشق الى المكان والتف يمينا ويسارا وقع عينه على فتاة فائقة الجمال واقفة مع جاريتها على شرفة قصر كبير واحبها من اول نظرة وان الفتاة أيضا اعجبت به ,فسال أصدقائه فقالوا انها ابنة سنان الشهبندر( رئيس التجار) في مدينة الشام وفي اليوم الثاني ذهب عجيل مع بعض أصدقائه الى بيت الشهبندر وطلبوا يد ابنته التي كانت تسمى شاه سنم ولكن اباها قال انها مخطوبة لابن عمها شاه وليد ,ولكن عجيل قال لما لا نسال الفتاة فيمكن ان تكون تحب العاشق ولا تحب ابن عمها وعندما سالوا الفتاة قالت لقد اعجبت واحببت العاشق الغريب من اول نظرة وانها لم تكن يوما تحب ابن عمها وان خطوبتها عليه كانت دون رضاها فقال عجيل اذن لنخطبها لصديقنا العاشق واطلب المهر الذي تطلبه فرفض والدها ولكن احد الأشخاص الموجودين وكان صديقا للشهبندر وكان ماكرا ففكر بخطة للخروج من الموقف ودون حدوث المشاكل وانفرد بوالد الفتاة للحظة ومن ثم رجعوا للديوان وقال شهبندر حسنا بما ان بنتي تحب الشاب فانا موافق ولكن بشرط ان يكون مهرها سبعة احمال للجمال من النقود المعدنية وبشرط ان تكون من خارج مدينة الشام ولكم مهلة سبعة أعوام ودون ان تساعدوه انتم بالمبلغ فغضب عجيل من هكذا الشرط التعجيزي وعرف انها خطة الرجل الماكر بكو عوانه واخبروا العاشق بذلك فقال انا اعرف انه مهر ثقيل على اكتافي ولكن ليس بيدي حيلة ساذهب الى حلب واعمل جاهدا فربما أتمكن من جمع مهرها لان شاه سنم تستحق اكثر من هذا .
وفي اليوم الثاني جهز الشاب نفسه وودع امه واخته وذهب مع أصدقائه الاربعون الى قصر الشهبندر وكانت شاه سنم جالسة مع جاريتها على شرفة القصر وكان هذا الحوار الشعري الرائع الذي دار بين شاه سنم والعاشق الغريب .
قالت الفتاة .
يا عاشقي فديتك روحي لا تفعل هذا الامر
لا تترك امك وشقيقتك واصدقائك الاخر
ولا تتركني وحيدة وكاسيرة في هذا القصر
خذ هذا المنديل لتذكرني بها مهما طال الدهر
اذا ذهبت الى حلب مدينة الامراء
سترى بنات الاعيان والحكام والوزراء
ولا تنسى حبيبتك شاه سنم تلك الاثناء
فاختر لنفسك ولي بعض الأسماء
الشاب.
يا فاتنتي ذات الايمان قامتك رشيقة كغصن الشجر
ادرك ماذا ستعانون هذه السنوات وصعوبة الامر
فليس بيدي حيلة وتعرفين كم ثمن ذلك المهر
واعرف بانها فكرة ذاك الدجال ذو الفتنة والمكر
نعم ساذهب الى حلب مدينة الامراء
حيث مكان وموطن الأجداد والاباء
وسارى بنات الاعيان والحكام والوزراء
والله لن انساك يا حبيبتي طول البقاء
وانا العاشق الغريب وانت شاه سنم من الأسماء
اخذت منديلك واعطيك هذا الخاتم تذكارا ووفاء
وبعد ذلك بكت شاه سنم وجاريتها فحاول العاشق ان يواسيها قائلا.
يا حبيبتي ذات الحسن والدلال
تبكين والدموع على خديك تنهال
امسحي دموعك وتفائل بالامال
ولا تجعليني ارحل وانا مشغول البال
استودعك واستودع اصحابي الابطال
وفي هذه اللحظة غادر الغريب مع بكاء حبيبته واصحابة واتجه بفرس نحو اطراف المدينة وفي تلك الاثناء كان شاه وليد يراقبه خفية ويتبعه ليتاكد من مغادرته الشام ولما وصل العاشق الغريب ضفة النهر وحاول ان يعبر من مكان قليل المياه وذهب الى الجانب الاخر تاكد شاه سنم بان لن يرجع فعاد الى بيت عمه شابندر وقال اني رايت الغريب يغرق في النهر ولكن شاه سنم لم تصدقه وقالت لقد امهله والدي سبعة أعوام وسانتظره فان لم يعد خلال هذه السنين فحينها ساتزوجك فسكت شاه وليد ورجع خايبا ناكسا راسه من الكذب والبهتان .
الفصل الثالث.
وبعد أيام وصل العاشق الغريب اطراف مدينة حلب وقد شاهده شخصين وتقربا منه وكان تعبا وجائعا وعطشا وفي حالة يرثى لها فاخذوه الى بيتهم وعندما ارتاح اخبرهم قصته وذلك المهر فقالوا وهل لديك مهنة لتكسب منها هكذا مبلغ خلال سبعة أعوام فقال انا مغني وعازف الطمبور وقالوا اذا لنستمع اليك وبها قد تنسى همومك فلما عزف وغنى امتلات الغرفة وثم خلاء البيت ومن ثم ذهبوا الى الزقاق وتجمعت حشود من المعجبين وقام الشخصان بترتيب مواعيد الحفلات والاعراس وجمع المبالغ واستمر الحال هكذا وقد نسى الغريب متى ينتهي الموعد الذي حدده الشهبندر وجمع 6احمال ونصف من النقود .
ولم يبقى من الوقت المحدد غير يوم ونصف حيث قام شاه وليد بالترتيبات اللازمة للعرس واشترى خمار ورداء العروسة ولكن شاه سنم ظلت متمسكة بالامل وفي الليل رات حلما بان هناك قافلة لاحد التجار ستاتي الى اطراف الشام وستتحقق امنياتها برجوع العاشق الغريب ولما نهضت في الصباح الباكر صعدت الى السطع ورات فعلا قافلة في المكان الذي شاهدته في الحلم فركضت مسرعة واخذت جاريتها معها وتوجهت نحو القافلة وكان هذا الحوار بين شاه سنم والتاجر صاحب القافلة.
التاجر.
يا فتاة صاحبة الايمان ما الذي اتى بك الى الارجاء اراك مسرعة ورافعة حافة فستانك وذلك الرداء فما هي حاجتك في الصباح الباكر وهذه الاثناء
يا مسؤول القافلة كرمها وزد من الهداية والعطاء
ويا جميلة ذات الايمان ماذا تفعلين في هذا المكان
اراك منفعلة ورفعت حافة الرداء والفستان
يا قائد القافلة اكرم هذه الفتاة بابهظ الاثمان
الفتاة.
يا تاجر القافلة الست بوعيك
قل هكذا كلام لخدمك ورجالك
فتراجي الذهبية تعادل كل مالك
التاجر.
يا فاتنة ما اتى بك وما السبب
من كثرة البكاء يبدو عليك التعب
ولكن لا اعرف هموم قلبك ومن احب
الفتاة .
يا تاجر القافلة الذي اتى بي لهذا المكان
فقامتي رشيقة كغص الشجر يتفرع الى الوديان
طالما يعلم ما في فكري وقلبي ربي الرحمن
ليعلم الناس وانت والحضور وكائن من كان
فهموم قلبي للعاشق الغريب الحبيب الولهان
سكت التاجر وتقدم باتجاهها مسؤول القافلة وانشد يقول .
يا الفتاة الجميلة الصالحة اراك تتحطمين
ولعيناك البلقائتين بالكحل السبحاني تبخلين
كانك عمياء والتاجر الكبير لا تعرفين
الفتاة.
يا قائد القافلة فداك روحي وما هذا السؤال
قد تجولت في السهول والجبال والتلال
التاجر هو النبي خضر محقق المراد والامال
قائد القافلة .
يا حسناء وصاحبة الايمان قد بان
ورقبتك من الياقوت والمرجان لا يبان
كانك عمياء فالتاجر له اسمان
الفتاة.
يا قائد القافلة اتجول في الجبال والتلال وبين الناس
واطير كطيور القط والباز والصقور و بالاحساس
وعنقي لا يبان من الياقوت والمرجان والالماس
والله التاجر الكبير هو النبي خضر الياس
الفتاة.
يا أيها التاجر هل لديك جنون
اذا انتم بالله والرسل تؤمنون
وتكسب الذهب والفضة بفنون
وقدرات الهية من الرب تملكون
اتوسل اليك لطلبي ان تلبون
قبل غروب الشمس بحبيبي تاتون
لاجتمع مع العاشق الغريب المفتون
التاجر .
يا فتاة الصالحة انا لست بمجنون
ونحن بالله والرسل مؤمنون
ونكسب الذهب والفضة بفنون
بعون الله قبل غروب الشمس ستلتقون
الفتاة .
يا تاجر لم تكن مجنونا ولكنك جننت
شديت السرج على الفرس وركبت
مسافة الشام والحلب 7ايام حسبت
وقلت بدقيقة ولحظة المسافة قطعت
ففداك روحي ان تعجل الامر
وتجهز فرسك وفي الدرب تمر
اذا وصلت الحلب يا الخضر
اصفعه ولا تؤلمه فهو حبيب العمر
واعطيه هذا الخاتم ليتذكر الامر
واطلب منه منديلي كتذكار في الفكر
الفصل الرابع.
ولما سارت الفتاة خطوة والتفت لم ترى التاجر ولا القافلة وتاكدت انه كان الفارس الأخضر محقق الامال والامنيات ورجعت الى القصر وتزينت بثياب العرس وظن شاه وليد بانها تحضر نفسها له وركبوها فرسا وافتروا بها المدينة مع أصوات الطبل والبوق وهلاهل النساء وادخلوها بيت العريس . وفي هذه الاثناء وصل خضر الياس الى الحلب وشاهد جمعا غفيرا من الناس يدبكون ويرقصون على انغام واغاني الشاب الغريب فتقرب منه وصفعه بخفة فالتف اليه الشاب وقال من انت واذا تريد فاخرج الخاتم واخبره انه من طرف شاه سنم ولم يبقى لديه متسع من الوقت فستزف عروسة لابن عمها ان لم يلاحقها ,فقال الغريب ولكني لم اكمل المهر وكيف ساصل الشام في هذا الوقت وبكى على حاله فاخبره الفارس الأخضر بان يوزع المال الذي جمعه خلال السنوات السبعة على الناس ويلحق به وبمشيئة الله في غمضة عين سيوصله الى اطراف مدينة الشام واعطاه منديلا اخضرا وباقة ورد وبعض التراب وطلب ان يمسح عينا امه بها لانها فقدت البصر وان تضع اخته على وجهها فتزداد انوثة وجمالا وقال للشاب.
يا العاشق هذه حلب وتلك الشام
القفل من الذهب والمفتاح من الزجاج التام
اخرج ذاك المنديل من السروال بالتمام
قد حان وقت القول والقرار والوئام
وطلب من ان يغمض عيناه ولما فتح عيناه كان الفارس الأخضر قد اختفى فشكر الغريب ربه وما ارسله من الفارس المحقق للامنيات وتقرب من المدينة وشاهد اخته تجمع الحطب وتبكي وتغني بمرارة فتقدم وسلم عليها وهي لا تعرفه وسالها عن سبب بكائها فقالت ارجوك ان تتركني لهمومي وامضي في طريقك ولكنه اصر فقالت الاتسمع أصوات الطبل والبوق فاليوم عرس شاه سنم حبيبة اخي الذي غادر قبل سبعة سنوات ليجمع مهرها ولكنه لم يعد وهي ستزف لابن عمها شاه وليد , فلح عليها الغريب ان تسمح له بالبقاء في بيتهم لانه غريب ولا يعرف أحدا فرفضت وقالت امي عمياء وحالتها النفسية صعبة ولا تقبل أحدا يدخل بيتنا ولكن لكثرة الحاحه قالت الفتاة ولكن عليك تحمل كلام امي التي قد تجرحك فقال انا موافق ولما وصلا البيت غضبت الام من ابنتها ولكن الغريب توسل بها وقالت الام سترتاح قليلا وتاكا وتشرب ولكن لن تبقى في الليل في بيتنا لأننا لوحدنا فقال الشاب حسنا وهو يدرك بانها امه ونظر الى الجدار وقال هل لي ان اعزف على الطمبور فقالت العجوزغاضبة هذا كلام زائد عليك وعلى ابيك فهذا طنبور ابني المفقود وحتى اذا اردت فلن تستطيع لانه الوحيد الذي يستطيع ان يحمله من الجدار ويعزف وقالت .
يا أيها الشاب انتبه لافعالك
اذهب وفي الليل لانرى امثالك
كلامك هذا يليق بك وباجدادك
اذهب يا الغريب فهذا ليس مكانك
ولكن إصرار الشاب جعل الام توافق فقام واخذ الطنبور وعزف أروع الحانه القديمة فبكت الام منادية اهذا انت يا ابني ياحبيبي فتقرب منها وقبل يديها وراسها وقبل راس شقيقته وقال .
يا امي يا طير الباز في السماء
في الصباح والمساء تستمرين بالبكاء
مما جعلك بائسة وتصبحين عمياء
ابشرك انا ابنك التي تودين به اللقاء
والتف العاشق الغريب الى شقيقته مخاطبا .
يا شقيقتي من امي الغالية
احضري الطمبور من الزاوية
لنلحق العرس في اللحظات التالية
يا شقيقتي من تلك الحرمة
اجلبي ذاك الطمبور وبهمة
لنحضر العرس وتلك اللمة
واخبرهم ما حصل له واخرج المنديل الأخضر وطلب من اخته ان تمسح عيني أمها بها وان تمسح وجهها به فعاد نظر الام ورات ابنها ورجعت الفتاة بوجه مشرق ناصع البياض وقال الغريب حاملا بزقه هيا لنذهب الى العرس,وعندما تقربوا من العرس شاهد الغريب صديقه عجيل وأصدقائه جالسين ويديون ظهورهم للعرس فمشى بقربهم فناد عليه عجيل أيها الشاب تعال اعزف لنا قد نستطيع ان ننسى احزاننا فتقرب الغريب وعجيل لا يعرفه وقال انا أخاف من أصحاب العرس ان يزعلوا ولا اريد ان اسبب المشاكل فقال عجيل بغضب ونحن نريد ان نخلق المشاكل لاقلب هذا العرس على رؤوسهم فجلس الغريب وعزف وغنى قائلا.
في هذا المجلس اسمع تمتمة وقيل وقال
ليت شخص كاخي عجيل يأتي في الحال
ليذهب الى شاه سنم ويبشرها بالموال
هل القادم هو الغريب ام تلميذ في المجال
فسمع عجيل هذا الكلام وركض مسرعا الى شاه سنم واخبرها بما قاله هذا الشاب في غنائه ومواله ففرحت شاه صنم وطلبت من عجيل ان يعود اليه ويساله قائلة.
يا رسول العشق ارجع بالعجل
فداك روحي من بين الاهل
اذهب وتاكد ودون تعب وكلل
وهديتك طوقة من الماس للعمل
ثمنها واموال مدينة الشام بالمثل
فعاد عجيل مسرعا وتقدم من الشاب فابتسم الشاب وقال .
في هذا المجلس كثر القيل والقال
ليت اخي عجيل يأتي في الحال
ليبشر شاه سنم باسعد الاقوال
بان القادم هو العاشق صديق الابطال
تاكد عجيل والأصدقاء الاخرون بان العاشق الغريب قد عاد بعد سبعة سنوات وفرحوا كثيرا ورجع عجيل مسرعا الى شاه سنم وقال .
قلبي يدق ويدق فرحا بالاخبار
ليذهب العريس واصدقائه للنار
قد عاد العاشق الغريب الى الديار
فقامت شاه سنم من بين النسوة وقبلت يد عجيل ووضعت يده على راسها واعطته طوقها الثمين وقالت له لتنعم بالخير في الدنيا والاخرة وهلهلت من الفرح ونزعت خمار العرس وركضت نحو العاشق وأصدقائه ولما تقربت من حبيبها وجدت ان شقيقته جالسة في يساره وامه على يمينه فخاطبت شاه سنم شقيقة العاشق وقالت.
يا شقراء انهضي وافسحي لي المجال
لاجلس قرب حبيبي العاشق في الحال
وتعرفين اشتياق قلبيي وفي أي حال
فردت شقيقة العاشق قائلة.
يا شاه سنم طلبك هذا محال
لا تعرفين انا كنت في أي حال
دموعي كينبوع وغدير في ليال طوال
اعذريني فانه اخي وقد عادت الامال
فالتفت شاه سنم الى والدة العاشق وقالت بتوسل ورجاء .
ارجوكي يا امي افسحي المجال
لاجلس قرب حبيبي في الحال
كفانا هذا العناد وهذا الجدال
فقالت الام .
حبيبتي شاه سنم لا تنسي انه الحبيب
في الوقت الذي كنت ارضعه الحليب
وسبعة أعوام كان بعيدا والان هو القريب
الا تعرفين من كثرة بكائي كان العمى نصيب
فقالت شاه سنم .
يا امي العجوز اذا لم تفسحي المجال
سافضح نفسي امام الجميع في الحال
وساجلس في حضنه رغم القيل والقال
الا ترين انا في أي موقف واي حال
فضحكت الام العجوز وفسحت لها المجال وجلست قرب العاشق وقبلت خده وحضنته طويلا ,وفي هذه الاثناء حضر شاه وليد وراى عروسته تعانق العاشق الغريب ولاحظ الغضب والكراهية على وجوه أصدقاء الغريب ووقع عينه على الشقراء اخت العاشق فقال .
يا أيها المحترمون ان كنتم تؤمنون بالرب الكبير
ليستمر هذا الفرح والرقص والعرس للأخير
ليتزوج العاشق شاه سنم بعد عناء كثير
وساتزوج الشقراء شقيقة العاشق للتغير
فوافق العاشق واخته وقالوا هذا خير تدبير
وبعد إتمام مراسيم العرس وتوجه العاشق الغريب الى غرفة شاه سنم وفور دخوله الباب حضر الأمين جبرائيل واخذ امانة الله من العاشق وشاه سنم حيث ماتا دون ان يتمتعوا بزواجهم وهذه إرادة ومشيئة الله حيث يقال لسبع حيوات لم يتزوج العشاق وكان دائما هناك من يفرق بينهم كما حصل مع قيس وليلى وخج وسيامند وفرهاد وشرين فرخ وستي وكيلي ومير اتلس وما يجلب الانتباه بان اكثر العشاق الذين يشاهدون القوى الخارقة المتمثلة بخضر الياس او الجبريل يكون مصيرهم عندم التداخل البشري أي عدم حصول الزواج بينهما.
المصادر
1:مقال الأستاذ بدل فقير حجي عن الغريب وشاه صنم والذي نقله عن لسان الفنان المرحوم قاسم ميرو
2.معلومات من الكوكل و اليو تيوب
د.خيري خضر الشيخ
المانيا
مقال اكثر من رائع، شكرا لكم على هذه الافادة، بتوقيع تك جينا