مع التطورات الملفتة للنظر على صعيد إضرابات العمال في الاهواز وعمال هفت تبە لقصب السکر والتي صارت تلفت الانظار إليها ولاسيما بعد فشل السلطات في حلها بالطرق السلمية وإيغالها في الاساليب القمعية، فقد تصدرت الانباء إجراء إيران تجربة جديدة على صاروخ باليستي، والذي يعتبر إنتهاك قرار مجلس الأمن 2231 الذي يمنع إيران من التجارب الباليستية بعيدة المدى والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية. والذي يجمع بين هذين المشهدين، هو إصرار النظام الايراني على التمسك بنهجه ومنحه الاولوية لأهدافه الخاصة على حساب المصلحة العامة للشعب الايراني.
إضرابات العمال المستعرة حاليا في إيران، تٶکد فصل مسار وإتجاه المصالح العامة في إيران عن مصالح النظام الخاصة ولاسيما فيما يتعلق بمشروعه في المنطقة وتدخلاته فيها، عندما بادرت لترديد شعارات بهذا المعنى ولاسيما شعار”اتركوا سوريا وفكروا في حالنا”، بما يعني وبمنتهى الوضوح أن سبب تردي أوضاعهم مرتبط بالمخططات الخاصة التي يقوم النظام بتنفيذها والتي صار الشعب الايراني بمختلف شرائحه يرفضها رفضا قاطعا حيث إنه ليست المرة الاولى التي يرفض فيها شريحة من شرائح الشعب الايراني هذه التدخلات بل سمع ورأى العالم ذلك جليا في شعارات إنتفاضة عام 2009 وإنتفاضة 28 ديسمبر2017، لکن المهم والملفت للنظر حاليا هو إن هذه الفترة تحديدا ليست کسابقاتها، فالنظام کما نعلم داخل في مواجهة ضمنية إقليمية وأخرى دولية مباشرة ضد الولايات المتحدة الامريکية، ولهکذا تطور دلالاته ومعانيه التي لاتخدم مصالح النظام أبدا.
التأکيد والإصرار من جانب مختلف شرائح الشعب الايراني التي تخرج في تحرکات إحتجاجية صاخبة ضد النظام، على إن هناك تقاطع وتضاد وتناقض بينها وبين النظام، يتم تأکيده في شعارات أخرى ذات دلالة أطلقها العمال المضربون في الاهواز عندما رددوا شعار: “جعلتم الإسلام سلما وأذللتم الناس”، ذلك إن إستغلال العامل الديني وتوظيفه من أجل مخططات النظام ومشروعه قد صار مکشوفا للشعب الايراني، خصوصا وإن إحصائية نشرها مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني في يوليو/تموز الماضي، والذي أشار إلى “الانخفاض الكبير في عدد المؤمنين بالحجاب، وزيادة المعارضة الشعبية لتدخل الحكومة في قضية الحجاب، وفشل الهيئات الدينية والحكومية والجهات الأمنية في التعامل مع ما يوصف بـ”السفور” أو “سوء التحجب” من قبل المتشددين، و انتشار ظاهرة “الحجاب الجزئي” في المجتمع الإيراني.”، والذي يلفت النظر کثيرا ويٶکد فشل النظام الايراني في فرض طروحاته الدينية المتطرفة على الشعب هو ماقد جاء في هذا التقرير الذي أفاد أيضا بأن الانخفاض الكبير في عدد المؤمنين بالحجاب، وزيادة المعارضة الشعبية لتدخل الحكومة في قضية الحجاب، وفشل الهيئات الدينية والحكومية والجهات الأمنية في التعامل مع ما يوصف بـ”السفور” أو “سوء التحجب” من قبل المتشددين، و انتشار ظاهرة “الحجاب الجزئي” في المجتمع الإيراني. وکل هذه الامور إذا ماقمنا بجمعها الى جانب بعضها وإستخلاص دلالاتها النهائية فإن ذلك يعني بأن نظرية ولاية الفقيه في طريقها لکي تأخذ مکانها الى جانب الاحتفالات الاسطورية التي کان النظام الملکي يقوم بها وإنه وکما لم يشفع للنظام الملکي جعله الجيش الايراني خامس جيش في العالم، فإن هذا النظام أيضا لن تشفع له مزاعمه الدينية التي إتضح للشعب أهدافها السياسية التي لاعلاقة لها بالدين أبدا!