لكل شعب تراث يترجم عاداته وتقاليداته، وهو يمثّل مختلف أوجه الحياة. والفولكلور يرتبط بالتراث ويجدد فيه، ويعزز مكانته. ولنا كشعب كوردي، تراث غني، ولدينا فولكلور يستحق التقدير.
في هذا الفولكور نسمع ونرى ونحس بما كان عليه آباؤنا وأجدادنا. ومن ذلك: الأمثال أو الأقوال المأثورة، التي تعبّر عن تجارب حياتية ، وفي مواقف حياتية ، تعرّفنا بمدى انخراطهم في الحياة
أقوال كثيرة جداً، تملأ مجلدات كاملة، وهي بالآلاف، وهي ثروة قومية لنا .إنها لا تفقد قيمتها، أو عمق محتواها مع الزمن، لأنها نابعة من الحياة، وقائمة فيها.
أورد بعضاً منها، وفي مقدور القارىء الكريم التوقف عندها والنظر:
الأسد أسد ذكر وأنثى: مثلٌ لا نعرَف منذ متى قيل وانتشر، لكنه ينيرنا بحقيقته القيّمة، وهي أن لا تفريق بين الرجل والمرأة، فلكل منهما عطاؤه وشخصيته، كما هو الأسد، والمثل هذا يعبّر عن أن الاثنين هما عماد الحياة .
يضرب إناءه الفارغ بالإناء الممتلىء: وما أكثر ما نشهد ذلك. حين يتصرف أحدهم وهو مفلس وكسول وخامل،يحاول منافسة من يعمل بجد، وله اعتباره الاجتماعي .
بئس من راقب أبواب الناس: وهناك نماذج كثيرة في مجتمعنا. فبسبب الحسد والطمع وضيق العين، نرى أناساً من حولنا همهم الوحيد الثرثرة ومراقبة بيوت الآخرين بلا توقف، وينسون أنهم بذلك يسيئون إلى أنفسهم ويقللون من قيمتهم الاجتماعية .
حين يأتي أجَل العنزة تأكل خبز الراعي: وهو قول مأثور. ويدل على الشخص الذي لا يدقق فيما يقوله أو يقوم به، وهو في سلوك يستفز الآخرين، وتكون العاقبة كبيرة ونهايته وخيمة.
الطمع عمره ما نفع: وهو قد يكون قاتلاً، ويتعلق بالشخص الذي لا تشبع نفسه، ويضع الخطط للنيل من الآخرين بأشكال مختلفة، حتى لو كانوا أقرباءه، ولهذا قد يدفع الطمع صاحبه إلى إلحاق الأذى بأخيه، أو تشويه سمعته، وحتى تصفيته. والأفضل، أن ينصرف كل منا إلى عمل يمنحه قيمة ومكانة بين الآخرين،ـ وليس مثل ما يجعل الإنسان محبوباً في أعين من حوله .
بالمسايسة تخرِج الحيَّة من الجحر: وهو أسلوب جميل، ما أحوجنا إليه في الحياة. فهناك من يعتمد خشونة في التعامل مع الآخرين، دون التفكير في النتائج. وخطر تصرف كهذا، مثل من يحاول إخراج الحية من الجحر، بشدها من ذنبها، فهي قوية، وقد تندفع وتلدغه. أما المرونة فهي كفيلة بالنجاح، وكسب الآخر، وليس بالقوة الدالة هنا على ضعف النظر وسوء التقدير.
الإنسان الصالح مثل الذهب لا يغطيه الصدأ: وهو قول عظيم في مضمونه. فالذهب، أينما كان يحافظ على لونه، والصدأ لا يمكن أن يلصق به. هكذا الإنسان الطيب والصالح في مجتمع، إنه بعمله الصالح، وكلامه الحسن، والفكر الرزين، يكبر في أعين الناس، ويكون مقره قلوبهم .
الواحد بالآخر والاثنان بالله: وهو قول أو مثل عظيم لكم نحتاج إليه. فليس لأحدنا بقادر، وبمفرده أن يحقق كل ما يريد. نحن جميعاً بحاجة إلى بعضنا بعضاً، وبالطريق هذه نلقى رضى الله ومحبته والتوفيق من قبله، أما الكراهية التي تفرّق بين الناس، لوجود من يعمل باسمها، فليس هناك ما هو أسوأ منها، ومن شرورها، لأنها تخرب النفوس، وكذلك المجتمعات.
إذا أرنا أن نحمل أنفسنا وبيوتنا ووطننا من الأعداء، ونحمي حدوده، علينا أن نتضامن مع بعضنا البعض، والمحبة هي السلاح الفعال الذي يحمينا منهم، ويمنحنا السعادة المشتركة، والاستقرار في المجتمع الذي يضمنا جميعاً، ويكون لكل منا مكانته وقيمته بالمقابل .
من كسب فلنفسه، ومن أساء فعليها: فالإنسان يحصد ما يزرع. وكل منا، حين يقوم بعمل معين، فإنه يسمّيه وينعكس عليه سلباً وإيجاباً. والعمل بذلك يمثّل معدن كل منا. وللأسف في مجتمعنا، هناك من يتجاهل حقيقة مثل جميل كهذا، أي حين يقوم بعمل مشين، وما أكثر أنواعه، دون أن يحسب أنه أول من يعرَف به .
يحصد الشوك بيد غيره: وهذا المثل المأثور لا ينفصل عن سابقه. فهناك من يحاول تحويل غيره إلى وسيلة ابتزاز له، وهو يتستر وراءه، ليحقق له غاية خاصة به، وهي تخص أنانيته القاتلة، وعماه في التعامل مع الموجودين من حوله !
إن الإنسان الصادق مع نفسه، المخلص لسواه، وحده من يتجنب مثل هذه السلوكات المريبة والشائنة، لأنه واضح وصريح وشريف الغاية، ولأنه غني بروحه تماماً .