حالة الجمود التي تخيم على المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني يمکن القول بالاستناد على العديد من المعطيات المستشفة والمستخلصة من الواقع الايراني، هذه الحالة تنکعس سلبا على النظام الايراني وتزيده إرهاقا لأن الاوضاع تزداد سوءا وحالة السخط والغضب الشعبي تتعاظم يوما بعد يوم، والمشکلة الاضافية التي يعاني منها النظام الايراني هي إن الشارع الايراني لم يعد بوعود وعهود النظام وخصوصا بوعود رئيسي وحکومته التي يمکن وصفها بأنها واحدة من أکثر الحکومات الايرانية سوءا وأکثرها مکروهية ورفضا من جانب الشعب الايراني.
في ظل حالة الجمود على صعيد المفاوضات فإن التصريح الاستعراضي الذي يسعى لإبتزاز الغرب والذي إطلقه وزير الخارجية الإيراني الأسبق كمال خرازي، وقال فيه أن لبلاده “القدرات الفنية” لصناعة قنبلة نووية، إلا أنه كرر موقفها الرسمي بعدم وجود قرار بذلك” وأوضح أن طهران رفعت خلال أيام فقط نسبة تخصيب اليورانيوم من 20 إلى 60%، موضحا أنه يمكن رفعها ثانية ببساطة إلى 90%، وهي نسبة التخصيب القابلة للاستخدام العسكري، بحسب زعمه. هذا التصريح يسعى کما هو واضح من اسلوب صياغته تقديم عرض للبلدان الغربية بالامتناع عن صناعة القنبلة النووية في الوقت الذي هي في متناول اليد في مقابل رفع العقوبات وضمانات ومکاسب أخرى.
ماهو رأي الشارع الايراني، وهل إنه سيزداد بهجة وفرحا في حال إعلان إمتلاك النظام الايراني للقنبلة النووية؟ من دون شك فإنه وطبقا لما جرى ويجري في داخل إيران والاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يواجهها الشعب الايراني، ولأن حيازة النظام للقنبلة النووية سيعقد موقف النظام مع البلدان الغربية أکثر وسيزيد الطين بلة، فإنه لن يلاقي بطبيعة الحال أي ترحيب، ذلك إن القنبلـة النووية لم تطعم الجياع ولن تسد النقص الفظيع في سفرة الطعام الايراني، وهذه الحقيقة ومن دون أدنى شك فإن النظام يعلمها جيدا ولذلك فإنه يعلم بأنها ستضره ليس خارجيا بل وحتى داخليا!
النظام الايراني يقف أمام خيارات لاأثر لأي خيار حلو فيها، فکلها مرة کالحنظل وإن السعي للخروج من هذا المأزق العويص الذي أوقع النظام نفسه بيده فيه، يتطلب من النظام العودة الى المربع الاول لمحادثات فيينا، ذلك إن المطالب الدولية المطروحة في آخر جولة جرت مع النظام الايراني وکذلك التي تم طرحها في أول جولة منها، هي ذاتها، وإن النظام في حال إضطرارها للموافقة عليها”ولايوجد من خيار آخر لديه”، فإنه ومن دون شك سيضع نفسه موضع تساٶل؛ لماذا کل هذه المماطلة والتسويف وهدر الزمن على حساب معاناة الشعب الايراني؟
لکن الذي يجب الانتباه له وأخذه بنظر الاهمية والاعتبار هو إن مايجري حاليا على الساحتين الداخلية والخارجية ليسا في صالح النظام إطلاقا، وخصوصا بعد أن تمت إدانة حميد نوري، نائب المدعي العام في سجن جوهر دشت في عام 1988، أثناء تنفيذ مجزرة السجناء السياسيين في ذلك العام، أمام محکمة سويدية وحکم عليه بالسجن المٶبد، وإن رئيسي نفسه قد تم ذکر اسمه في هذه المحاکمة کثيرا، وإن التجمع السنوي للمقاومة الايرانية على الابواب في يومي 23 و24 من تموز/يوليو الجاري، حيث سيتم الترکيز على مختلف القضايا الحساسة للنظام مما سيصعب موقفه ووضعه أکثر داخليا وخارجيا ولاسيما وإن الاوضاع إذا مابقيت على هذا المنوال فإن الامور ستجري في النهاية بسياق لايمکن أن يکون في صالح النظام الايراني أبدا.