الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتالمخفي من زيارة جو بايدن 2: د. محمود عباس

المخفي من زيارة جو بايدن 2: د. محمود عباس

 

1-    تتمة…

حسب تقارير خبراء النفط ومجلة (النفط والغاز) تراجع الإنتاج الأمريكي للنفط والغاز الطبيعي من قرابة 17 مليون برميل عام 2019م إلى 16 ونصف عام 2021م، وظل السعودي بحدود 11 ونصف مليون برميل يوميا، والروسي منافساً للسعودي، اللذين يستورد منهما أمريكا قرابة مليوني برميل، وعلى خلفية الأزمة الحالية يقدر الخبراء على أنها قد ترفع من سقف إنتاجها إلى أكثر من 17 مليون برميل يوميا، في منتصف السنة  القادمة 2023م، مع ذلك فهي لا تزال تستورد بحدود 7 مليون برميل يوميا من 72 دولة كانت بينهم روسيا، وتصدر مقابلها  قرابة 6 مليون، أي أن أسواقها ليست بحاجة إلى الاستيراد، باستثناء كميات لبعض المصافي المبنية على النوع الخفيف، إلى جانب بعض الشركات التي تستورد وتصدر بغرض التجارة، والفرق هنا قرابة مليون برميل يوميا، والمتوقع أن يتزايد حاجتها إلى قرابة 3 مليون برميل في السنوات القادمة، رغم أن هناك خطط استراتيجية لإيقاف صنع السيارات التي تستخدم الوقود في عام 2035م، والتركيز على السيارات الإلكترونية، ومثلها معظم وسائل المواصلات.

مع ذلك ستظل أمريكا والدول الأوروبية بحاجة إلى استيراد كميات متزايدة من النفط، ولا بد من أيجاد الحلول بين المخزون، والإنتاج  اليومي المتناقص مع الزمن، خاصة بعدما خفضت أوبك إنتاجها من 29 ونصف مليون برميل عام 2019 إلى 25 ونصف مليون عام 2021 إلى جانب الدول النفطية الأخرى، وهو ما أدى إلى تناقص الإنتاج العالمي من 100 مليون ونصف إلى قرابة 95 مليون برميل يوميا، رغم زيادة حاجة السوق والذي بلغ عام 2021م إلى أكثر من 101مليون بعد ضعف تأثير الوباء، وهو ما أدى إلى تناقض المخزون العالمي والزيادة المتسارعة للأسعار، والتضخم في الأسواق العالمية، كل هذا كان نتيجة الوباء الجاري (كورونا-كوفيد19) تغطي حاليا تحت سقف الحرب الروسية-الأوكرانية، علما أن تأثير العامل الأخير على الأسعار العالمية كانت بضغوط سياسية، وليست نتيجة العرض والطلب، أو على خلفية الحصار على التصدير الروسي، والذي أدى إلى قفز الأسعار فجأة إلى 135 دولار للبرميل ويتراجع بعد شهرين إلى أقل من 100 دولار.

تزايد الطلب على الطاقة في السنتين الأخيرتين بالوتيرة المتسارعة، إلى جانب ضعف قدرة الشركات على إنتاج الكمية الكافية، دفع بإدارة جو بايدن، والذي يعد ذاته عراب الحصار على روسيا وأزمة الطاقة في أوروبا، على حث الدول النفطية لزيادة النسب الحالية من الإنتاج، وملء الفراغ في مستودعات التخزين، لتأمين الاستهلاك الداخلي والأوربي، وقد كانت هذه من بين إحدى أولويات زيارته إلى دول الخليج.

أمريكا تخطط عن طريق ديمومة مقاطعة الإنتاج الروسي، واستمرارية الحصار على إيران، إبقاء مستويات إنتاجهما النفطي ومن ثم التصدير الحالي على ما هو عليه، علما أن الأسواق العالمية بحاجة إلى أكثر من 10 مليون برميل يوميا وربما أكثر فيما بعد، وهو ما كان يعوضه النفط الروسي المصدر لقرابة 7 مليون برميل يوميا، والإيراني أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا. وعليه فأمريكا تواجه أزمة التأمين، وقد تضطر إلى فرض شروط على الدول المتحالفة لتأمين النقص، إلى جانب رفع سقف إنتاجها الوطني أيضا.

2-    المهمة الإستراتيجية لتجميع قوى شرق الأوسط وضم إسرائيل إليهم، لتوسيع حلقة الحصار على روسيا، وإلغاء احتمالية ولوجها إلى سوق الخليج ربما عن طريق تركيا، وهو ما أدى بها إلى التحضير لمؤتمر ثلاثي (روسيا وإيران وتركيا)، بعدما تتبين أن مواجهتها من الجغرافية الأوكرانية لم تعد كافية، والاقتصاد الروسي لايزال متماسكا، حتى ولو إن بعض المؤشرات، حسب الخبراء الغربيين، تبين على أنها تتجه إلى تراجع متسارع. وما تم الدعاية على أنها ستشتري طائرات إيرانية بدون طيار لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، ليست بأكثر من دعاية على حدين: ترهيب دول الخليج وإسرائيل على أن إيران ليست قوية فقط عندما ستمتلك السلاح النووي، بل في صناعاتها العسكرية، إلى درجة أن روسيا بحاجة إلى تطورها التكنولوجي. ومن جهة أخرى لتبين على أن الحصار الاقتصادي على نفطها لم تعد تؤثر فبإمكانها أن تعتمد على الدول الصديقة لشراء ما تحتاجه، ليس النفط، بل السلاح.

3-    أمريكا لا تزال تبحث عن استراتيجية الهيمنة البعيدة المدى، كإمبراطورية، عسكرية -اقتصادية، بدون منافس (في مرحلة ترمب تم محاولة تطوير البنية الإستراتيجية، والتركيز على نقلها من واقعها المعروف إلى الاقتصادية-السياسية) ولن تسمح بظهور القطب الثاني أو الثالث، تماشيا مع مصالح شركاتها الرأسمالية العالمية، أي أنها ستحمي الأسواق العالمية من المد الصيني المتسارع والمتصاعد، والمتوقع أن تصبح القطب المنافس اقتصاديا قبل أن تكون عسكريا، أي أنها ستنافسها في الأسواق العالمية، وسوق الخليج والشرق الأوسط أحد أهم تلك الأسواق، والمبان على أن دول الخليج بدأت تفتح الأبواب للصين وفي مجالات عدة، خاصة بعدما سادت على الأسواق الأفريقية، وبدأت تجتاح الأوروبية، وقد كانت هذه من بين أهم جوانب الرحلة والذي لم يتم البحث فيه ضمن قاعة المؤتمر، لأنها نواة الإستراتيجية الأمريكية المستقبلية، ولا تطرح على طاولة الحوارات الدبلوماسية،  وقد نوه إليها رئيس وزراء إسرائيل دون المسميات، بل أكد على أنها ستتبين بعد عقود من الأن.

يتبع…

 

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

16/7/2022م

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular