أوكرانيا قد تختفي من خريطة العالم
.
– تتوالى المواقف الروسية المحذرة بشدة من مغبة استمرار تدفق السلاح الغربي بعيد المدى إلى الجيش الأوكراني، ومن أن روسيا سترد بقوة على ذلك وستوسع نطاق أهدافها الجغرافية في الجبهة الأوكرانية، بحيث لا تقتصر على الشرق.
وفي أخر هذه المواقف، تحدث نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، الخميس، عن إمكانية اختفاء أوكرانيا عن خريطة العالم، وذلك عبر منشور بحسابه على “تلغرام” جاء فيه إن أوكرانيا كدولة “نتيجة لكل ما يحدث قد تختفي من خريطة العالم”، مضيفا أن السبب هو “خطاياهم” وأن روسيا “لا تتحمل مسؤوليته”.
وعن مغزى وتبعات كلام المسؤول الروسي الكبير حول احتمال اختفاء أوكرانيا من خريطة العالم، يقول ماهر الحمداني الباحث الخبير في الشؤون الأوروبية، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “على الأرض هناك حقائق كبرى تشير إلى أن أوكرانيا باتت في طور التقسيم، حيث تتشكل جمهوريات وإدارات مستقلة عن كييف ومرتبطة بموسكو، ويتم منح الجنسية الروسية لسكان مناطق أوكرانية واسعة، وهكذا فمع طول أمد الحرب فإن الأمر الواقع الروسي يترسخ في تلك المناطق ولا يمكن تغييره”.
ويتابع الخبير بالشؤون الأوروبية: “روسيا منذ البدء تعي أن دونباس هي مجرد معركة صغيرة في سياق حرب كبيرة بينها وبين الغرب، وتمتد ليس فقط في الساحة الأوكرانية والأوروبية فقط، وإنما ميادينها ممتدة على امتداد قارات العالم ومحيطاته وصولا حتى للقطبين الشمالي والجنوبي، فالروس يرون أن أوكرانيا غدت منصة للتآمر الغربي عليهم، وهي من دفعت الثمن بالمحصلة جراء ذلك وإعلانها السعي للانضمام للكتلة الأطلسية لضمان أمنها، وما حدث كان العكس تماما حيث تكاد تتعرض أوكرانيا الآن للانهيار التام، حيث فقدت الأمن ودمر اقتصادها وباتت تحت المديونيتين المالية والسياسية لجهات عديدة حول العالم”.
ولهذا يخلص الحمداني إلى القول: “كلام مدفيديف يبدو واقعيا في تحذيره من إمكانية زوال أوكرانيا من خارطة العالم، سيما في ظل إيغال بعض العواصم الغربية في تسعير الصراع ومد كييف بالأسلحة المتطورة، وهو الأمر الذي يقود بداهة لتسعير الحرب ولردود فعل روسية أشد”.
في المقابل يقول الأكاديمي والخبير في الشؤون الأوكرانية، خليل عزيمة، في حديث مع سكاي نيوز عربية: “بداية مدفيديف ليس له وزن في الساحة السياسية الروسية، ولذلك لا توجد قيمة فعلية لتصريحاته، ويعكس كلامه حول ثورة ميدان عام 2014 والتي يسميها انقلاب، مدى الرعب الروسي من امتداد التجربة الديمقراطية الأوكرانية لروسيا”.
وأردف قائلا: “منذ فترة طويلة تعمد روسيا لتوظيف فزاعة الناتو لتبرير حروبها التوسعية على الدول المجاورة لها، رغم أن الناتو كان ومازال موجودا في تركيا وبولندا ودول البلطيق، وهو الآن سيصبح أكثر قربا من موسكو وسانت بطرسبورغ، ولنتذكر هنا تصريحات بايدن وشولتز قبل الحرب والتي تضمنت تعهدات صريحة بعدم الجاهزية لضم أوكرانيا للناتو، ولهذا فموضوع الناتو كان من البداية مجرد حجة للتمهيد لاحتلال روسيا لأوكرانيا”.
ويضيف عزيمة: “ستتغير الخريطة السياسية في أوروبا ولكن ليس كما يتوقع مدفيديف بأن تزول أوكرانيا من تلك الخريطة، إلا في حال استخدمت موسكو ورقتها الأخيرة وهي السلاح النووي، عندها سيكون وجود روسيا الحالية نفسه هو موضع سؤال كذلك”.
ويسترسل الخبير بالشؤون الأوكرانية: “بعد فشل الروس وعدم قدرتهم على تحقيق أهدافهم باحتلال كييف، وكذلك الهجوم المعاكس للقوات الأوكرانية في الجنوب على جبهة خيرسون، وتكبد القوات الروسية الخسائر الفادحة نتيجة دخول منظومة هيمارس ومنظومة أم 270 جبهات القتال، بدأت تصريحات التهديد تتعالى من روسيا، وليس فقط من مدفيديف بل من بوتين نفسه عندما قال أن روسيا لم تبدأ بعد الحرب الحقيقية”.
وعليه، يخلص عزيمة للقول: “كل هذه التصريحات الروسية هي للاستهلاك الإعلامي والمحلي الداخلي، ولرفع معنويات الجيش والمواطنين الروس”.
وتابع ميدفيديف خلال تصريحاته تلك قائلا: “بعد انقلاب عام 2014، فقدت أوكرانيا استقلالها وأصبحت تحت السيطرة المباشرة للغرب، واعتقدت أيضا أن الناتو سيضمن أمنها، ونتيجة لكل ما يحدث، قد تفقد أوكرانيا بقايا سيادة الدولة وتختفي من خريطة العالم”.
وأضاف “في الحقيقة لا يهتم حلف الناتو بتوفير الأمن لأوكرانيا، بل يهتم بالوصول إلى حدود روسيا عبر أوكرانيا. كما يجبر قادة الاتحاد الأوروبي الأوكرانيين على تقديم حياتهم فداء من أجل الانتساب إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. وقد تكون النتيجة أن تفقد أوكرانيا ما تبقى من سيادتها وتختفي من خريطة العالم”، وفقا لما نقلته وسائل إعلام روسية.
ولفت مدفيديف إلى أن “الناتو يواصل، خلافا للمنطق والفطرة السليمة، الاقتراب من حدود روسيا، مما يخلق تهديدا حقيقيا بالصراع العالمي وموت جزء كبير من البشرية”.