في استعراض جديد للقوة.. الصدر يرد على خصومه باقتحام البرلمان
في استعراض جديد للقوة ورفضا لمرشح الإطار التنسيقي المدعوم من إيران لمنصب رئيس الوزراء اقتحم متظاهرون مؤيدون للتيار الصدري مبنى البرلمان. وبعد أن خاطبهم الصدر قائلا “وصلت رسالتكم” انسحب المتظاهرون.
اقتحم مئات المتظاهرين المؤيدين للتيار الصدري الأربعاء (27 يوليو/ تموز 2022) مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد والتي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، للتنديد بمرشح خصوم الصدر لرئاسة الوزراء، في استعراض جديد للقوة وسط أزمة سياسية معقّدة يعيشها العراق منذ تسعة أشهر.
وبعد نحو ساعتين من دخولهم، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة مناصريه إلى الانسحاب، قائلاً “ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين… عودوا إلى منازلكم سالمين”.
وإثر هذه الدعوة بدأ المتظاهرون على الفور الانسحاب تدريجياً من مبنى البرلمان، كما أفاد مراسل فرانس برس.
لم يتمكن العراق من الخروج من الأزمة السياسية بعد مرور تسعة أشهر على الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث لم تفضِ المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد منذ العام 2003، إلى نتيجة.
وتمكّن المتظاهرون، المحتجون على تسمية الإطار التنسيقي الشيعي، خصم التيار الصدري، لمحمد السوداني كمرشحه لرئاسة الوزراء، من دخول المنطقة الخضراء وأطلقت القوات الأمنية عليهم الغاز المسيل للدموع لمنعهم من التقدّم نحو البرلمان، كما أفاد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية وكالة فرانس برس.
ومع ذلك، نجح المتظاهرون في دخول مبنى البرلمان، واقتحموا قاعته الرئيسية وهم يرفعون الأعلام العراقية ويطلقون الهتافات، فيما حمل بعضهم صور مقتدى الصدر، كما أفاد مراسل فرانس برس من المكان.
وقال المتظاهر بشار من داخل البرلمان لفرانس برس “دخلنا رفضاً للعملية السياسية كلها، لا نريد حكومة توافقية، نريد شخصاً مستقلاً يخدم الشعب. وحسب التوجيهات نغادر أو نبقى”.
وإثر اقتحام المنطقة الخضراء، شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان أن على المتظاهرين “الالتزام بسلميتهم …وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين”، ودعاهم إلى “الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء”. ودعا في بيان ثانٍ “المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب”.
“رفض” لترشيح السوداني
وتوجّه مسؤولون في التيار الصدري، بينهم حاكم الزاملي الذي كان نائب رئيس مجلس النواب قبل استقالته من البرلمان إلى المكان، وطلبوا من المتظاهرين الانسحاب، وفق المسؤول في وزارة الداخلية.
شاهد مراسل فرانس برس الذي دخل المنطقة الخضراء مع المتظاهرين، أحد المحتجين وقد أصيب إصابة طفيفة في قدمه جراء قنابل الغاز المسيل للدموع.
انطلقت التظاهرة بعد الظهر من ساحة التحرير في وسط العاصمة، حيث رفع المتظاهرون الأعلام العراقية وصوراً للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، معبرين عن رفضهم ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، ثمّ توجهوا عبر جسر الجمهورية إلى بوابات المنطقة الخضراء.
وقال المتظاهر علي الشمري البالغ من العمر 40 عاماً لفرانس برس “خرجنا للمطالبة بتغيير الطبقة السياسية الفاسدة”، مضيفاً “أنا أرفض ترشيح محمد السوداني لأنه فاسد ويتبع كتلة دولة القانون”. تابع “نرفض السوداني وأي شخص يأتي به الإطار التنسيقي”.
وقال كذلك المتظاهر محمد علي الذي يعمل عاملاً يومياً ويبلغ من العمر 41 عاماً إنه يتظاهر “ضد الفاسدين الموجودين في الحكم”، مضيفاً “أنا ضد ترشيح السوداني لأنه فاسد وتابع للمالكي. كلهم فاسدون، الإطار التنسيقي فاسد”. وتابع “الشخص الوحيد الموجود الذي يطالب بحقوق الشعب اليوم هو مقتدى الصدر”.
سمّى الإطار الذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، النائب الحالي والوزير والمحافظ السابق محمد شياع السوداني، المنبثق من الطبقة السياسية التقليدية، مرشحاً له.
وتعليقاً على أحداث الأربعاء، أصدر الإطار بياناً قال فيه إنه “منذ يوم أمس هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي”. واعتبر أن “ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب …وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير”.
كان السوداني (52 عاماً) سابقاً في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الوزراء في العام 2019. لكن المتظاهرين رفضوا ترشيحه حينها.
وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة. ومن شأن أحداث الأربعاء أن تزيد من عرقلة المشهد السياسي ومضي خصوم الصدر السياسيين في عقد جلسة برلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثمّ تسمية رئيس الحكومة، كما يقتضي الدستور.
ودائماً ما يذكّر الصدر، اللاعب الأساسي في المشهد السياسي العراقي، خصومه بأنه لا يزال يحظى بقاعدة شعبية واسعة، ومؤثر على المشهد السياسي رغم أن تياره لم يعد ممثلاً في البرلمان. فقد استقال نواب التيار الصدري الـ73 في حزيران/يونيو الماضي من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
وتمكن الصدر من جمع مئات الآلاف منتصف تموز/يوليو في صلاة جمعة موحّدة.
خ.س/أ.ح (ا ف ب)