لا شك إن زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية في 15-7-22والمتزامنة مع أنعقاد قمة جدة ( مشبوهة ) وخاصة الزيارة المسبوقة لبايدن لآسرائيل قبل حجهِ لجده ، ونحن لا نثق بهذا الرجل لكونه عراب التقسيم ( تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم كوردستان و عربستان وشيعستان ) وهدفه الطفيلي جاء يبحث عن مصالح أمريكا وأمن أسرائيل ) و خاصة إنه الصديق الحميم القديم والجديد لآسرائيل ولأجل أن يملي عليه الموساد الأسرائيلي ما تريد ، لقد أثارت الزيارة لدى وسائل الآعلام سؤالاً ملحاً : ما الذي يحملهُ بايدن إلى منطقة الطاقة ( الشرق الآوسط ) ؟ إنهُ سؤال كبيريحمل في طياته العديد من الآسئلة تكون حصيلة أجاباتها :
-نجاح (التطبيع) مع أسرائيل وكانت حصيلة الزيارة التأكيد على موضوع الساعة حلحلة الجمود مع الدولة العبرية والأشارة إلى قرار السعودية فتح أجوائها أمام رحلات الطيران المدني مع أسرائيل والتي تعتبر خطوة رسمية للتطبيع المذل ، أضيف إن من ضمن أهداف قمة جده دمج الكيان الصهيوني بالدول العربية عن طريق رافعتها الأستراتيجية ( التطبيع ) وربط دول الخليج وعلى رأسها السعودية بحلف ستراتيجي بأسم (ناتوالخليج )
– من أجل التفرغ لمواجهة التحديات الأكثر سخونة ( الصين وروسيا )
– مواجهة أزمة الطاقة العالمية أثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا يتحتم على أمريكا كسب منطقة الطاقة التي مركزها السعودية وما يحيط بها من كبار عمالقة منتجي النفط والغاز في العالم والتي مخرجاتها الكارثية أرتفاع أسعار النفط والغاز السائل عالمياً
– تحقيق ما يصبو أليه بايدن هو حث منطقة الطاقة زيادة الأنتاج للتعويض الناجم عن الصادرات الروسية
– بأعتقاد أمريكا أنها ماسكة بالورقة القوية التي هي مصادر الطاقة الشرق أوسطي للتعويض عن موقفها الضعيف في : فشلها في الملف النووي الأيراني ، والتداعيات الكارثية المقلقة لها في المناطق الساخنة والتي تنتظرها في جهنم تايوان الصين ، وأرتفاع لهيب أسعارالنفط والغاز ، وجل مشاكلها هذه ربما تبدو عصية التجاهل في موقف بايدن الذي لا يحسد عليه .
– والمخفي عن الأعلام هو أن الحلف الأطلسي ( الناتو) غايته حماية الخطوط البحرية وطرق أمدادات الطاقة ومن تحديات أمنية مثل الأرهاب والقرصنة والتسلح لتأمين مصالح دول الحلف على رأسها أمريكا
علماً إن ما سمي بناتو الخليج ولد ميتاً منذ الحرب على اليمن قبل أكثر من سبع سنوات ، وكان أغلب حكام العرب يريدون المصالحة مع أسرائيل ولكنهم يخافون من ردة فعل شعوبهم ، وحكاية التطبيع مع العدو الأسرائيلي هي حكاية مأساوية تراجيدية وهي بدأت من أوائل القرن الحالي بتحركات مريبة وخجولة وخصوصا دول خليجية وتطورت لزيارات مكوكية لآسرائيل بحجة توسيع العلاقات العسكرية والأمنية وصفقات التسليح والتنسيق الأستخباري، وليس غريباً أن يكون للتواجد العسكري الأسرائيلي في القواعد العسكرية البحرية الأمريكية وبشكل علني ولم يخفى على الأعلام العربي زيارة قائد جيش الأحتلال ( أفيف كوخافي) إلى البحرين ألتقى نظيره البحريني (ذياب صفرالنعيمي) ، وشهدت قاعدة (العديد) الجوية لقطرأستضافت الدوحة مؤتمرحلف الناتوفي 2015بحجة حماية مونديال قطر الذي أقيم في 23 حزيران 2022 ، وكل هذه المواقف البائسة والخنوعة أصبحت قمة جده بوابة جديدة لجر المزيد من الدول العربية نحو التطبيع والحث الأمريكي لتحقيق حلف شبيه بحلف شمال الأطلسي
أمريكا اليوم تختلف عن الأمس ربما كان الأسلاف من4رؤساء أمريكا من رقم 44 وما دون ينظرون إلى معادلة الحقل والبيدر مع الشعوب المقهورة بالقبول بالمقسوم فأما الحقل أو البيدر ، لكون كان هناك توازن دولي بوجود منظومة الأتحاد السوفييتي والدول الحُرة التي في فلكها مع وجود القلة من ( النداوة ) على جبين قادة العرب ، واليوم في غياب ثقل الموازنة وفقدان تلك قطرة الماء اليتيمة من على جبين أصحاب القرار السياسي العربي والهرولة المذلة في عار التطبيع مع المغتصب للأرض العربية .
ماذا تريد واشنطن ؟! ترك صراعات المنطقة للقوى العربية الحليفة للتخفيف عن الجيش الأمريكي ، وتمكنت واشنطن من أحتواء الدول العربية الخليجية الثرية بالمال النفطي وتوجيهها إلى التطبيع مع أسرائيل ، وترويج لسوق السلاح وردت أمريكا لهذه الدول أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً حيث باعت للنظام السعودي 3-1 مليار دولار .
وهوبالحقيقة تحالف أمني في الشرق الأوسط (مقترح) تشكيلهُ قبل أجتماع عُقد في الرياض وهي دفعة جديدة في أطار السعي لأحياء الجهود التي يقودها البنتاكون لجمع الحلفاء العرب في معاهدة أمنية سياسية للتصدي لتوسع النفوذ الأيراني وللحد من نفوذ روسيا والصين المتزايد في المنطقة ، بالأضافة إلى التوجه الأمريكي الجديد التمحور حول الأنسلاخ من المنظمات الدولية والتخلي عن ألتزاماتها التي كلفت الخزينة الأمريكية عقوداً ، بشعار: أمريكا أولا يتضمن تخفيف الأعباء الأقتصادية عن الخزينة وتحميل الشركاء الحلفاء أكبر قدر ممكن من تلك الأعباء ، فهو مجرد أقتراح ولكن بدرجةٍ ( محمومة ) من قبل صقور الكونكرس الأمريكي وبأتفاق الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، وخاصة اليمينين منهم ، وهو بالحقيقة يمثل نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وهوربما يعتبره الأعلام اليميني المتطرف في واشنطن وتل أبيب ( هندسة أستراتيجية لأدارة رؤساء أمريكا في أحتواء أيران ) وهو بالحقيقة وسيلة لحلب البقرة الخليجية النفطية تحت ذريعة تعزيز قدراتها الدفاعية أستعدادا لمواجهة البعبع الأيراني عسكريا ، والتمدد الروسي الصيني من الناحية التجارية والأقتصادية ، ويضم هذا التحالف ثمان دول هي أمريكا والسعودية والأمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان وكذلك الأردن .
مصيرالتحالف الأمريكي الخليجي ( الناتو العربي ) !؟
——————————
أرى أن هذا التحالف سوف يجد صعوبة في بلورتهِ ، وقد لا يرى النور ولا يمرْ وذلك :
-لأنسحاب مصر من التحالف يوم الخميس 11/4/ 2019 بدليل أنّها لم ترسل وفداً إلى الأجتماع الذي عُقد يوم الأحد في الرياض ويمثل هذا الأنسحاب ضربة لمساعي أدارة الرئيس دونالد ترامب لأهمية مصر ذات التأريخ العريض وصاحبة أكبر جيش في الشرق الأوسط لأجل أحتواء النفوذ الأيراني وكذلك لتشككها في جدية المشروع الذي هو مجرد أقتراح فالأنسحاب المصري يمثل أحدث أنتكاسة لمبادرة أنشاء هذا التحالف في الشرق الأوسط وقد أبلغتْ قرارها للولايات المتحدة الأمريكية .
– المقاطعة الأقتصادية والسياسية لقطر بقيادة السعودية من الصعوبة أنسجام قطر مع حلفائها الذين أوصلوا المقاطعة لحد كسر العظم وأن الحلف يزج بدول الخليج بحربٍ أقليمية وهذا ما لا يتفق مع توجهات قطرالسلمية مع أيران شريكتها في حقول تصدير الغاز السائل .
– تجاهل الحلف المزمع تأسيسهُ للخطر الصهيوني وهو أحد أهم العوامل المؤثرة في تعجيل ووأد هذا التحالف المسخ ، وأن هذا الحلف يفتقد الدعم الشعبي خصوصاً في مصر والأردن المتعبة أقتصادياً ، وهو أساسا حلف طائفي يثير النزعات الطائفية التي أحرقت نارها المجتمع العربي لسنين طويلة كالحرب الأهلية اللبنانية مدة 15 عام والحرب الطائفية في العراق بين 2006- 2014 ، بأعتقادي أن تأسيس هذا الحلف في هذا الوقت الملغوم والمأزوم هو بمثابتة بث الضبابية على الحماقات السياسية للرئيس ترامب في نقل سفارتها إلى القدس تمهيدا لجعلها عاصمة للكيان المغتصب وكذلك سيادة أسرائيل على الجولان السورية المحتلة مما زادت سخط شعوبها والرأي العام العالمي .
– أن مثل هذا التحالف المحتوي على فقرات جديدة تخالف روح التحالفات التأريخية ربما تزج بالمنطقة إلى ما حدث قبل الحربين الكونيتين بحمى تأسيس المحاور تزج بالمنطقة لحروب عبثية حرائقها تلتهم الأوطان وشعوبها .
– أحتدام التناقضات العربية وصعوبة تحديد مصادر التهديد هل هي أيران أم داعش الأرهابي أم أسرائيل أم من جماعات محلية خارجة عن سلطة الحكومات المركزية أم أعداء اللوبي الأمريكي الكثر في العالم ؟ .
– ومن الأسباب المؤثرة والقوية أزمة الخليج مع قطر وفرض دولها حصاراً خانقاً عليها براً وبحراً وجواً خلقت بؤرة من العداء شعبيا وحكوميا من المستحيل خروج مثل هذه الفكرة وخصوصا في تحالف عسكري ، وأساس هذا العداء المستحكم يرجع إلى أنخفاض مستوى الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء ، لطبيعة تحديات الدول العربية العسكرية ، وأختلاف تلك الدول في العلاقات مع أيران .
– وللحلف تداعيات خطيرة على أمدادات الطاقة الخليجية واللأسواق الآسيوية ، فاتورتها ثقيلة على المنطقة وأنهُ يدفع إلى المزيد من الصراعات وخلخلة الأستقرارفي المنطقة لدى ( بعضها ) نظم ديمقراطية حافظت على الأمن في زمن الحرب الباردة
وأخيرا ليس آخرا { أقول : إن رمال الشرق أوسطي المتحركة سوف تطيح بالناتو العربي }
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
هوامش
-الأمارات للدراسات والبحوث الأستراتيجية/ خضر عطوان 2008 شمال الأطلسي
– ستراتيجية حلف شمال الأطلسي تجاه منطقة الخليج العربي/مصطفى علوي
– كتاب النار هذه المرة –جرائم الحرب الآمريكية في الخليج/ رامزي كلارك- الأردن –ترجمة 1991( النت )
كتب في تموز2022