في كوردستان أناس يفهمون السياسة والحاجيات والإمكانات والأولويات، ويواصلون اللعب في دروب السياسة ومتاهاتها، لذلك يرفعون شعار (كوردستان قوية)، ويحاولون التهدئة والانفتاح الممنهج على الأحزاب السياسية الكوردستانية والتحاور معها بحثاً عن الأمن والإستقرار والسلم والأحسن والأفضل، وخفض منسوب التوترات، ورسم لوحة وطنية تتناغم مع العطاء والقيم المبدئية التي ترتكز عليها المقتضيات الموضوعية والذاتية، وفي الوقت ذاته، يتجاهلون تعرضهم للتهجمات والإتهامات وما إلى هنالك من إساءات وخيانات طالتهم من إخوان وأصدقاء الأمس، رغبة في إتاحة الفرصة أمام نجاح اللقاءات والمداولات وفك العقد وتذليل العقبات، ومناقشة الاستحقاقات الدستورية والسياسية والإنتخابية في المرحلة الحالية والمقبلة. ومراجعة المرحلة الماضية، وعرض الخيارات المتاحة، وبحث الفرص والتحديات التي تواجه كوردستان وما تستوجبها من زيادة تماسك الكوردستانيين، وتوحيد الخطاب بخصوص الملفات المهمة التي تضع الجميع أمام مسؤوليات أخلاقية ووطنية لايمكن إغفالها، بالذات في هذه المرحلة التي يفترض فيها أن تكون مواقف الأحزاب مفهومة وصريحة وشجاعة، وبعيدة عن الحساسيات الشخصية لتنجح في التعامل مع المكاسب المشتركة.
أصحاب شعار(كوردستان قوية)، بعد أن تأكدوا من حجمهم من خلال التفويض الشعبي لهم عبر صناديق الإقتراع، وبعد أن تأكد الآخرون من حجمهم الحقيقي، وجهوا رسالة واضحة المعالم الى كل الأطراف وأعلنوا تفهمهم للأوضاع الصعبة التي تواجهنا، وتطالبهم بالحفاظ على الثوابت، وعدم اللجوء نحو صراعات جديدة تعكس الرغبة في إغتنام الفرص وإثارة الفوضى بالمزاج والمزايدة السياسية ونعراتها الحزبية والمناطقية ومؤاخذاتها السطحية. وعدم محاولة سحب البساط من تحت أقدام الآخرين في عملية تشكيل الحكومة الكوردستانية الجديدة، وأثناء كتابة دستور الإقليم أو تعديل قانون رئاسة الإقليم من قبل البرلمان الكوردستاني، لأن ذلك لن يحقق سوى الإحباط والاحتقار والاحتقان. كما دعوا الى إحتساب طرح مواقف معينة في الغرف المغلقة، وإن كانت فيها شيئاً من التنازل، ضمن الأسرار التي يجب ان تحفظ، وأن تحتسب كنقاط قوة للطرف المبادر، لإن إصلاح الواقع لا يتحقق إلا بأخذ العبرة من الماضي، وإحترام قواعد اللعب الجديدة الجيدة، وبتشخيص الواقع، وتوفر الإرادة ونقاء العزائم وإستيقاظ الضمير الجمعي والتصالح والتسامح مع الآخر إستكمالاً للصورة التي نحلم بها.
وبالعودة الى شعار( كوردستان قوية)، وعند النظر الى الواقع بواقعية، وما يمتلكه أصحاب الشعار من أوراق وخيارات مختلفة، نعلم حقيقة ما يستطيعون أن يفعلوه ويحققوه من رغبات وطموحات ومن مجموع ما يريدونه ويقصدونه، وكل ما هو ممكن التطبيق والتفعيل بسبب واقعيتها أو ميلها نحو الواقعية والإمكانات المتوفرة أو رجحانها نحو العقلانية. ونعرف ما يجب مواجهته من ضغوطات وتهديدات.
أصحاب شعار( كوردستان قوية) بعد قراءة كل المؤشرات التي تدل على أن المنطقة برمتها تمر بظروف حساسة وخطيرة جداً، وكوردستان والعراق، جزء من هذه المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن وتقف على عتبة تطورات مصيرية في ظل ما يجري بين الأقوياء، ومن أجل التعاطي الإيجابي مع المعطيات الجديدة، ومنع التداعيات المحتملة التي تفترض سيناريوهات سياسية عديدة، ومن أجل إستشراف المستقبل، وتجاوز الصعوبات، ونتيجة لضرورات كثيرة، رشحوا نيجيرفان بارزاني لرئاسة الإقليم، ومسرور بارزاني لرئاسة حكومة كوردستان المقبلة. ولكي تكون المرحلة المقبلة متجانسة بين الجميع، لابد من الوقوف وقفة واحدة وإعادة اللحمة للوضع السياسي الكوردستاني من أجل مجابهة التحديات، ولابد من تسريع وتيرة التحضيرات لتشكيل الحكومة الجديدة، عبر تسهيل المشاورات بين الأحزاب التي تريد المشاركة في الحكومة، وتبسيط برامج الأطراف الفائزة في الانتخابات البرلمانية وآلية توزيع المناصب، وعدم الإصرار على الحصول على مناصب حكومية تتجاوز الإستحقاق الانتخابي، لكي لا تأخذ اللقاءات أكثر من نصيبها في مناقشة آلية وهيكلة الحكومة الكوردستانية الجديدة .