بداخل سجن ماريون الفدرالي بولاية إلينوي، يقبع في وحدة خاصة رجل ذو صدر عريض وشارب يلقب بـ “تاجر الموت” ويتحدث 6 لغات على الأقل، حيث يقضي حكما مدته 25 عاما بعد بناء إمبراطورية تهريب الأسلحة التي انتشرت بمختلف أنحاء العالم.
ويعتبر الروسي فيكتور بوت البالغ من العمر 55 عاما أشهر تجار الأسلحة في العالم ويهتم بتحقيق الربح من عملياته التي أججت الصراعات في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، بحسب صحيفة “واشنطن بوست“.
وتقول الصحيفة الأميركية إن بوت سيكون أكبر جائزة للمسؤولين الروس الذين احتجوا على معاملته منذ اعتقاله عام 2008 في تايلاند خلال عملية نفذتها إدارة مكافحة المخدرات الأميركية.
وسلمت السلطات التايلاندية بوت إلى الولايات المتحدة عقب عامين، إذ تم توجيه له تهمة التآمر لقتل أميركيين قبيل إدانته عام 2011.
وكانت شبكة “سي إن إن” قد كشفت عن عرض البيت الأبيض للإفراج عن بوت، مقابل إطلاق سراح أميركيين اثنين تحتجزهما روسيا، هما بريتني غرينر وبول ويلان.
وعلى الرغم من الغضب الروسي بشأن قضية بوت، إلا أن العديد من المسؤولين والمحللين الأميركيين يعتقدون أن ذلك غضب ليس مرتبا بالقضية بقدر ما هو مرتبط بعلاقة تاجر الأسلحة بالمخابرات العسكرية الروسية.
وقال لي ولوسكي، مسؤول مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، والذي قاد الجهود المبكرة للتعامل مع شبكة بوت، إنه “من الواضح أن لديه علاقات مهمة مع دوائر الحكومة الروسية”.
وتشير التقارير إلى أن بوت قد تكون له علاقات وثيقة مع إيغور سيتشين، نائب رئيس الوزراء الروسي السابق وحليف الرئيس الروسي الحالي، فلاديمير بوتين.
وخدم سيتشين وبوت مع الجيش السوفيتي في أفريقيا خلال الثمانينيات. وينفى بوت أي روابط تجمعه بوحدة المخابرات العسكرية الروسية. وقال أيضا إنه لا يعرف سيتشين.
بحلول عام 2000، كان بوت أحد أشهر مهربي الأسلحة في العالم. وأطلق عليه لقب “تاجر الموت” في البرلمان البريطاني، وورد اسمه في تقارير الأمم المتحدة لتزويده بأسلحة ثقيلة لحركة متمردة في أنغولا وكذلك تشارلز تايلور في ليبيريا ثم دعم حرب أهلية مميتة في سيراليون المجاورة.
ووسط ضغوط دولية متزايدة، بما في ذلك مذكرة توقيف من الإنتربول صدرت عام 2004، عاد بوت إلى موسكو.
وقال سايمون سارادجيان من مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد إن بوت لم يكن يستطيع أن يدير مثل هذه الأعمال التجارية الضخمة بتهريب الأسلحة بدون حماية حكومية، لكنه لم يتحدث عن ذلك مطلقا.
وأضاف أن “الحكومة الروسية حريصة على استعادته حتى يظل على هذا النحو”.
ورفض تاجر الأسلحة الروسي التعاون مع السلطات الأميركية حتى وهو يقبع لأكثر من عقد وحيدا في زنزانة على بعد آلاف الكيلومترات من وطنه.
وقال الصحفي الروسي، أندريه سولداتوف، “لقد احتفظ بهدوئه في السجن، ولم يكشف عن أي شيء للأميركيين على حد علمي”.
من جانبه، قال الخبير في الأمن الروسي، مارك جاليوتي، إن تحرير بوت سيرسل رسالة إلى الآخرين الذين قد ينتهي بهم الأمر في ورطة: “وطنك الأم لن ينساك”.
وتابع: “إن استعادة الروس (بوت) بنجاح سيعتبر انتصارا. دعونا نواجه الأمر، في الوقت الحالي يبحث الكرملين عن الانتصارات”.