بعد ثلاثة عقود من العلاقات الودية المتزايدة، تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في أسوأ “تصدع” في العلاقات بين روسيا وإسرائيل منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وفق وكالة بلومبرغ.
وقالت بلومبرغ إن الجدل الدائر بشأن محاولة موسكو إغلاق مكتب الوكالة اليهودية، وهي منظمة تابعة للحكومة الإسرائيلية تساعد يهود الشتات على الهجرة، ترفع الأمور إلى ذروتها.
وفي الأشهر التي أعقبت الغزو الروسي، لم يدل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، بأي انتقاد للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مؤكدا حاجة إسرائيل إلى علاقات قوية مع موسكو.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، يائير لبيد، انتقد بشكل مباشر الغزو الروسي لأوكرانيا.
واعتبر محللون أن تصريحات لبيد دفعت جزئيا إلى تحرك موسكو لإغلاق فرع الوكالة اليهودية في روسيا.
وحذر لبيد من أن إغلاق فرع الوكالة سيشكل “حدثا خطيرا” يمكن أن يؤثر على العلاقات بين البلدين.
وقال مسؤولان في إسرائيل، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لبلومبرغ، إن المبعوثين الإسرائيليين الذين زاروا موسكو لمناقشة القضية لم يحرزوا أي تقدم.
وقال شخصان في موسكو مقربان من الحكومة الروسية إن الضغط لإغلاق الوكالة اليهودية هو “تحذير لإسرائيل بعدم الانحياز إلى الولايات المتحدة وحلفائها ضد روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا”.
وقالت إلينا سوبونينا، محللة شؤون الشرق الأوسط في موسكو: “بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، انفتحت الأمور أكثر فأكثر” لكن لم تنخفض “العلاقات بين إسرائيل وروسيا إلى هذا الحد”.
وتثير المواجهة الحالية القلق في أوساط الجالية اليهودية في روسيا، التي تشعر بتداعيات المشاعر القومية المتزايدة في أعقاب الغزو.
ويغادر العديد منهم البلاد بالفعل، وقد سجلت الوكالة اليهودية زيادة في طلبات الهجرة من روسيا بمجرد بدء الحرب.
وغادر حوالي 17 ألف شخص إلى إسرائيل، هذا العام، وهناك آلاف ينتظرون المغادرة.
وقد حذرر الحاخام الأكبر السابق لموسكو الذي غادر روسيا احتجاجا على غزو أوكرانيا من إمكانية تصاعد معاداة السامية في روسيا متحدثا عن “سحب سوداء” في الأفق بالنسبة إلى اليهود الروس.
وتقول بلومبرغ إن علامات الأزمة ظهرت، في مايو، عندما أثار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ضجة بتصريحه أن لأدولف هتلر أصولا يهودية، ما دفع بوتين إلى الاعتذار لإسرائيل.
وتفاقمت التوترات بعد أن أصبح لبيد رئيسا للوزراء، الشهر الماضي. وفي مؤتمر صحفي في 14 يوليو مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، أدان لبيد “الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا”.
وجاء التصريح بعد يومين من إرسال إسرائيل دفعة ثانية من المساعدات العسكرية غير الفتاكة لأوكرانيا.
وبينما يقول المسؤولون الروس إن مصير الوكالة اليهودية قضية قانونية، انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الخطاب الإسرائيلي “غير البناء” و “غير الموضوعي” بشأن أوكرانيا في مقابلة الأسبوع الماضي.
وقال تشاك فريليتش، النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل، إن الوكالة اليهودية واجهت صعوبات مع السلطات الروسية منذ عامين، لكن يبدو أن روسيا استهدفتها الآن “لخلق أزمة من أجل معاقبة إسرائيل” بشأن أوكرانيا.
وقال سوبونينا، المحللة المقيم في موسكو، إن روسيا قلقة من أن الولايات المتحدة قد تقنع إسرائيل بتقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، وأشارت أيضا إلى أن الكرملين مستاء من الهجمات الإسرائيلية في سوريا التي تستهدف إمدادات الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله.
وأكدت إسرائيل الأسبوع الماضي تقريرا، صدر قبل شهرين، بأن صواريخ روسية مضادة للطائرات في سوريا أطلقت على طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
وذكرت صحيفة Israel Hayom الأسبوع الماضي أن الحكومة الإسرائيلية تدرس سلسلة من “الإجراءات السياسية” الصارمة ضد روسيا إذا تم إغلاق الوكالة اليهودية.
ومع ذلك، من المرجح أن يتم تقدير هذا الانتقام بعناية لأنه “من وجهة نظر إسرائيل، لا يمكننا السماح لهذا بأن يخرج عن السيطرة”، وفق فريليتش.