يوم امس قضيت بضع ساعات وانا ادرس قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي صدر في شهر شباط الماضي وثبت ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب وبحضور ثلثي اعضاء مجلس النواب.
قرأت القرار نفسه الذي يستند الى نص دستوري واضح وصريح. كما يستند ايضا الى نص قانون انتخاب رئيس الجمهورية.
وتناقشت مع قانونيين اكدوا لي ان القرار سليم 100% من الناحية القانونية والدستورية.
كما طلبت في صفحتي على الفيسبوك من القانونيين الادلاء برأيهم فيه فكانت المعارضة له من غير القانونيين وايد جميع القانونيين القرار باستثناء واحدا فقط.
كما اطلعت على رأي القاضي رحيم العكيلي في القرار الذي نشر في صحيفة الشرق الاوسط وهو يرى عموما ان القرار سيلوي ذراع الفائز وهنا اتفق معه في ذلك واختلف في ان هذه الجزئية دستورية 100% وهكذا ارادها من كتب الدستور.
من جهة ثانية وللتوضيح فان قضية اغلبية الثلثين ليست بدعة عراقية كما يتخيل البعض. في كثير من دساتير العالم اقر المشرعون ضرورة الحصول على اغلبيات تتجاوز ال 50% + 1 لاهمية الموضوع ولان المشرع ارتأى تحقق شبه اجماع على هذه القضية.
انتخاب رئيس الجمهورية من هذه القضايا المهمة والاصل في الموضوع هو في الحقيقة رغبة الكورد في ان لا يسمح بفئة واحدة – الشيعة تحديدا – المضي قدما في اقرار كل ما يحلوا لهم دون الحاجة للحصول على موافقة الفئات الاحرى او على الاقل جزء من هذه الفئة او الفئات.
والحقيقة انه في المرات ال4 التي تم بها انتخاب رئيس الجمهورية في اعوام 2006 و 2010 و2014 و 2018 تم تطبيق الدستور العراقي بحذافيره فيما يخص هذه النقطة.
في انتخابات 2006 حصل جلال طالباني على 198 صوتا من اصل 255. وفي انتخابات 2010 حصل على 195 من اصل 213. وفي انتخابات 2014 حصل فؤاد معصوم على 175 صوتا في الجولة الاولى لتعاد ويفوز في الجولة الثانية. وفي 2018 حصل برهم صالح على 219 صوتا وفاز بالجولة الثانية.
ولاستكمال دراسة موضوع الاعتراضات على قرارات المحكمة العليا (الاشكالية) فقد درست موضوع قرار الغاء عقود نفط اقليم كوردستان مع الاطلاع على الحجج القانونية للطرفين ووجدت ان قرار المحكمة صحيح ايضا.
وهناك امر لطيف في هذا الموضوع. منذ عقدين وكثير من العراقيين العرب يتهمون سلطات اقليم كوردستان ب(سرقة) عائدات نفط العراق او الحصول على حصة اعلى مما يستحقون وكثير ممن كانوا يطالبون بوقف هذه (السرقة) كانوا صدريين. اليوم لانهم يريدون القول ان المحكمة العليا متحيزة ومسيسة يرفضون هذا القرار!
على العموم هذه القضية توضح كيف يفكر الانسان العراقي العادي. لا يوجد شخص قانوني يمكن ان يرفض قرار المحكمة العليا لان القرار سليم 100% ويستند الى نص دستوري واضح وصريح.
والحقيقة ان المحكمة العليا ردت اغلب دعاوى الاطار بما فيها قرار الثلث المعطل لكن ذكر الثلث المعطل جاء ضمن حيثيات الرد.
من يرفض القرار هو العراقي المسيس غير المختص بالقانون ولهذا فانه هو يمثل ما يتهم به المحكمة العليا من التسيس وعدم الامتثال للقانون والدستور…