الآن ماذا نقول والوضع أسوأ من السيء كما ترونه وكما توقعنا حدوثة وقد يكون القادم ما هو إلا كارثة تعم على البلاد وهذا الاستنتاج ليس وليد اللحظة فحسب بل نتيجة لتجربة سنوات ما بين 2005 وعام 2022 وهي فترة كانت من أردء الفترات التي مرت على البلاد منذ 2003 ، قضية احتلال البرلمان بهذه الطريقة من قبل التيار الصدري ثم دعوة الإطار التنسيقي لجماهيره للخروج والتظاهر دليل قوي على عدم وجود دولة تدافع عن مؤسساتها وممتلكاتها مما يسهل خرقها والتجاوز على حقوق المواطنين وهذا الصراع ما بين الأحزاب والكتل الشيعية هو عبارة عن جزء صغير من قوام الشعب العراقي الذي ابتلى بساسة أحزاب الإسلام السياسي الشيعية وبالنتيجة لا نرى آفاقاً لحل هذه الازمة المستعصية، هذا التوجه الموسوم بالمخاطر والهائل من سياسة المحاصصة والفساد والتابعة كمحصلة حاصل للخارج وما ادراك ما الخارج!! وهذه القوى المتنفذة الطائفية على ما يظهر ليس في نيتها الوصول إلى اتفاق يجنب البلاد الحرب الاهلية الداخلية التي ستكون بدايتها حسب الرؤيا الواقعية بين المكون الشيعي ثم تنتقل إلى المكونات الأخرى حتى تكون شاملة وهذا الاستنتاج ليس تهويلاً ذو قصدٍ إنما حقيقة لرؤية الأوضاع التي تنحدر نحو الطريق المسدود مع السعي لجعل الاعتصامات والمظاهرات والضغط بطريقة سلمية هي ضمن الأدوات التي تخدم التغيير الشامل وأن تتخلص وبخاصة القوى السياسية الدينية من انانية المصالح الذاتية الحزبية والطائفية والشخصية.
احتلال البرلمان أظهر بؤس المقارنة على لسان البعض من المتواجدين في قاعة البرلمان وهو يحاول ان يشبه ما بين ثورة الحسين وما يقام في البرلمان ونسى هذا الرجل ومن معه بأن الحكام الذين يحكمون البلاد والمهيمنين على السلطة في هذه الظروف هم بدورهم يدعون أنهم اتباع الحسين وهم يحاربون اتباع يزيد ( حسب تصريح سابق لنوري المالكي ) ، وما يؤسف له استغلال ثورة الحسين في أي حدث أو صراع سياسي للتنكيل بالمعارضين هو نهج طائفي مؤذي لا يمكن أن يكون علاجاً لما تقوم به القوى المتنفذة بل يزيد من حدة الانقسام ويهدد السلم الاجتماعي ووحدته الوطنية
والسؤال الملح
ـــــ من هم اتباع يزيد في الوقت الراهن؟ الفطين يفهم أنه شعار طائفي معادي للوحدة الوطنية
وهنا تكمن المشكلة في إدراك الاختلاف في جوهر القضية، وهو ليس كما يقال “كلاسيكياً” بالضد من حاكم ظالم فحسب، بل أحزاب الإسلام الشيعي وحلفائهم لأنهم الحكام الحقيقين خلقوا هذه المأساة . احتلال مجلس النواب والاعتصام فيه تطور في مفهوم قضية الإصلاح والتغيير فهنا ظهرت مثلما ذكرنا في مقال سابق أن الأمر سينتقل إلى قضية اعقد من التعقيد وهي
ـــــ حل مجلس النواب والذهاب الى انتخابات مبكرة، من سيتخذ القرار أهو مجلس القضاء الأعلى ووفق الآليات الدستورية، او المفوضية التي تطالها الشكوك كونها غير مستقلة؟ أهي الحكومة؟ اهو رئيس الجمهورية ؟
ثانياً : المطالبة بأجراء انتخابات مبكرة من يقرر الذهاب الى انتخابات مبكرة؟ من يحدد الوقت؟ هل ستجري على المنوال نفسه أي بقانون انتخابي غير عادل أو قانون انتخابي عادل نسبياً إسوة بجميع الدول التي تتبنى نهج الحكم البرلماني؟
ــــــ هل ستبقى المفوضية العليا للانتخابات بدون أي تغيير وبخاصة هناك ملاحظات على ادائها غير المستقل؟
هذه الهوة التي هي بلا حدود كيف يمكن الخروج منها بشكل صحيح؟ هل ستبقى الطريقة القديمة، وقد أشار لها الحزب الشيوعي العراقي « نرى أن أية حكومة جديدة، تتشكل وفق نهج المحاصصة، سيكون مصيرها الفشل، أيا كان المكلف برئاستها. ولن تختلف – تلك الحكومة، في جوهر الأمر، عن أية حكومات تشكلت على أساس المحاصصة في السنوات الماضية”.
التأكيد حصراً يشير إلى أن الازمة التي تمر فيها البلاد لا يمكن الخلاص منها والوصول الى شاطئ الأمان إلا ” بالتغيير الكامل لمنهج الحكم ” ونرى حل الازمة ليس تغييره من نظام برلماني الى نظام رئاسي فردي إلا في حالة سن دستور دائم جديد والتصويت الشعبي عليه وهلمجرا، لهذا نجد في العديد من المفردات أسئلة مشروعة يجب الإجابة عليها، منها
ــــ كيف يمكن حل مجلس النواب ثم الانتظار لأجراء انتخابات مبكرة وقد تطول الفترة أكثر من فترة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021 ؟ ثم مثلما أشرنا ـــــ من هو الذي يدعو لحل مجلس النواب؟ وفي هذه النقطة بالذات وبالضد من أي التباس نتفق مع رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي “حل مجلس النواب والذهاب إلى الانتخابات المبكرة ليس الحل المطلوب لكنه خطوة مهمة نحو التغيير بمحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتوفير الخدمات للشعب العراقي”، مشيراً للتمييز بين المواقف والمطالب ” إلى ان القوى السياسية أعلنت تأييدها للانتخابات المبكرة، بما فيها قوى المحاصصة المعارضة لها حتى الأمس القريب، إلا أن هذا التوافق الظاهري لا يعني إجماعاً على دورها.. فيما تريده قوى التغيير طريقاً واداة للتغيير، تجعله المنظومة الحاكمة هدفاً نهائياً مشددة على الآليات أملاً في اعادة انتاج حكمه”.
ــــ من يضمن اعتماد قانون الانتخابات العادل وانتخاب مفوضية عليا للانتخابات مستقلة لأجراء انتخابات مبكرة على اسس ديمقراطية؟
ــــ هل ستبقى البلاد والعملية السياسية تقاد من قبل حكومة مصطفى الكاظمي التي تعتبر حكومة وقتية لإدارة الدولة بدون أي تشريع برلماني؟
ـــــ وماذا عن رئيس الجمهورية هل يقوم بإصدار قرار يعتمد قانونياً لحل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة بتحديد وقت زمني سريع حتى لا تكون الفوضى؟
ــــ ما هي معطيات مرحلة الفراغ الدستوري وكيف ستتم ادارته؟
ــــ هل هناك جهة سياسية أو دينية لديها النية والتوجه لإلغاء البرلمانية والعودة الى النظام الرئاسي؟ بادعاء (حقوق الجماهير، او فائدة الوطن والشعب أو شعارات أخرى مثل ضد مؤامرات الخارج ، والاتهامات بالعمالة والارهاب…الخ)
ـــــــ النظام البرلماني جاء بتصويت شعبي من خلال الدستور الدائم الذي اقر الحياة البرلمانية وليس الرئاسية الفردية
ــــــ من يضمن الميليشيات الطائفية المسلحة والتابعة ألا تتدخل أو تخلق مشاكل وحوادث تعطل العملية برمتها؟
هذه النتيجة البائسة والازمة في نظام الحكم التي وصلت اليها البلاد والعباد والعملية السياسية إلى الانسداد السياسي وهي تتبنى نهج المحاصصة الطائفية والتبعية في الكثير من الحالات أو الصراع من اجل ترشيح رئيس الوزراء الذي اصبح حجر عثرة تبرز بعد كل انتخابات ونحن نتذكر تلك الصراعات التي حلت بالتوافق والمصالح، ، وهي مسؤولية أكثرية القوى المتنفذة وبخاصة الأحزاب والكتل الشيعية التي قامت بقيادة السلطة منذ 2003 تقريباً وبخاصة بعد انتخابات 2005 البرلمانية وهذا ما أكده الحزب الشيوعي العراقي ” ان الأزمة الراهنة ليست إلا تعبيرا عن أزمة الحكم والحكومة، والحل لا يكمن في اسناد رئاسة الوزارة الى هذا الشخص او ذاك، على أهمية دور الافراد ومواقفهم، بل الحديث عن المنهج، وعن برنامج الحكومة وآلية تشكيلها، وقدرتها على الفعل والإجراءات الملموسة”
في كل ما مر من وقت وتعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني يبقى البعض من القوى المتنفذة يفكر بالطريقة القديمة نفسها ولا يريد أن يساهم في انقاذ البلاد من المأزق الحقيقي هي احتكار السلطة طائفياً بالاعتماد على أدوات اوجدتها لصالحها وفي مقدمتها مجلس النواب وغيره، وإبعاد النهج الوطني الذي سيقوم بالتأكيد في المساهمة في حل المشاكل وتبني النهج الوطني في إدارة البلاد، لكن الازمة التي استمرت وقتاً طويلاً وبخاصة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة تطورت وتوسعت وانتقلت من طور إلى آخر حتى استقالة نواب التيار الصدري وانسحابهم من البرلمان ثم انطلاق مظاهراتهم واحتلال مبنى مجلس النواب ولم تتمكن الأطراف المتناحرة التيار الصدري والإطار التنسيقي رغم الاجتماعات واللقاءات الى حل الإشكاليات والتفاهم كي لا تدخل البلاد الى مأزق جديد ولكن بدون فائدة، وأشار احد أعضاء التيار الصدري ونوابه إلى أن “الأزمة تكمن في عدم وجود ضامن لأي اتفاق مع قوى (الإطار التنسيقي)، خصوصاً مع تاريخ غير مريح من الاتفاقيات والتفاهمات التي تنصل منها أعضاء هذا التحالف سابقاً”. هذا الموقف قابله موقف آخر حيث أشار سعد السعدي عضو تحالف الإطار التنسيقي في حديث خص به العربي الجديد إن “القبول بإجراء الانتخابات من قبل حكومة الكاظمي، المتهمة بعمليات تلاعب في الانتخابات السابقة أمر مستحيل”.
هكذا يظهر الصراع بشكله الواضح وهو في أوج تضاده بينما تبقى البلاد ويبقى الشعب العراقي يدفع ضريبة الصراع غير المبدئي والتعسف والتخلف والإساءة بدون ان يرى افقاً للحل على الرغم من الادعاءات المتمثلة بالأطراف المتصارعة . اذن حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة جديدة يحتاج الى آليات وثوابت تحدد المسؤولية وتتفق على تنظيم العملية مع مراعاة التحرك الجماهيري السلمي وإبعاد القوى الخارجية من التدخل في القرارات العراقية كما يحتاج إلى إرادة وطنية مخلصة ولها رؤيا وطنية مخلصة وهنا يكمن الأمر في التيار الوطني الديمقراطي الذي يجب ان يكون ضمن الأدوات الجديدة حتى فيما يخص التطابق مع ” بيان قوى التغيير الديمقراطية” التي اكدت “موقفها الثابت من عملية التغيير الشامل، بالطرق السلمية، الذي يفضي الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية، القائمة على اساس المواطنة والعدالة الاجتماعية. وتشدد قوى التغيير، على انها لم تكن ولن تكون جزءاً من أي صراعات لا تخدم مصالح العراقيين وتطلعاتهم” وتسلسل البيان حول دعوة قوى التغيير والديمقراطية وحددت مسارها وفق مصلحة البلاد والشعب العراقي