طوال الأشهر السبعة الماضية، استلمت سعدة ألياس الحصة التموينية التي تزودها الحكومة العراقية مرتين فقط، لكنها لم تستخدم أياً من مفردات الحصة، فباعت قسماً منها بثمن بخس وتخلصت من البقية.
سعدة، أم لثلاثة أطفال والمعيل الوحيد للعائلة هو زوجها الذي يعمل عامل بناء، لذا فهي بحاجة ماسة للمواد الغذائية التي توزعها عليهم الحكومة كل بضعة اشهر، إلا أن رداءة نوعيتها يجبرها على شراء السلع الغذائية من السوق بسعر أغلى.
“آخر حصة تموينية استلمناها كانت في شهر آذار، لكن المواد الغذائية كانت منتهية الصلاحية، لذا لم نتمكن من استخدامها واشترينا السلع من السوق”، حسبما أوضحت سعدة ألياس لـ(كركوك ناو).
بحسب سعدة التي تعيش في مخيم خانكي للنازحين بدهوك منذ 8 سنوات، لم تكن المواد الغذائية التي تزودها بهم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية صالحة للاستخدام في أي وقت، “أما أنها منتهية الصلاحية فنرميها أو تكون ذات نوعية رديئة فنبيعها بسعر زهيد”.
أستغرب كيف أن هؤلاء لا يفكرون أن تلك السلع تُعطى للأطفال والمسنين وقد تصيبهم بعشرات الأمراض
مفردات الحصة التموينية التي أرسلتها بغداد لسكان المخيمات في شهر أيار الماضي شملت خمسة كيلو غرام من الرز، ثلاث عبوات من زيت الطبخ، ثلاثة أكياس طحين، معجون طماطم، فاصولياء، حمص، عدس، سكر وشاي.
“أستغرب كيف أن هؤلاء لا يفكرون أن تلك السلع تُعطى للأطفال والمسنين وقد تصيبهم بعشرات الأمراض”، وطالبت سعدة الحكومة الاتحادية بإيجاد حل جذري للمشكلة.
حسب متابعات مراسل (كركوك ناو)،حالة عدم الرضا من نوعية مفردات الحصة التموينية التي توزعها الحكومة العراقية سائدة في كافة مخيمات النازحين بدهوك.، مدير مخيم خاتكي –يقع المخيم في قضاء سيميل بدهوك ويأوي أكثر من 14 ألف نازح-، قال لـ(كركوك ناو)، “بعد تفشي وباء كورونا (منذ منتصف عام 2020)، تغيرت نوعية المواد الغذاية كثيراً ولم تعد صالحة للاستهلاك، النازحون يشكون إلينا ونحن نوصل صوتهم للجهات المعنية”.
تملك كل عائل نازحة بطاقة تموينية واحدة أو أكثر، لكل كوبون توزع عليهم سلة غذائية وكرتونة من المنظفات، الحصة التموينية وزِّعَت مرتين فقط منذ مطلع عام 2022.
“لم يتم توزيع مواد غذائية فاسدة على النازحين، لكن نوعيتها غير جيدة ولا تصلح للاستهلاك، وهذا الشيء ينطبق على كافة المخيمات”، يقول مدير مخيم خانكي، غير أن سعدة ألياس المقيمة في نفس المخيم تؤكد أن المواد الغذائية منتهية الصلاحية، لم تكن أي من مفردات الحصة التموينية بحوزة سعدة لكي تثبت لمراسل (كركوك ناو) صحة ما تقول.
رداءة نوعية المواد الغذائية التي ترسلها الحكومة العراقية يأتي في الوقت الذي أوقفت فيه المنظمات الدولية مساعداتها للنازحين في إقليم كوردستان، من بينها برنامج الغذاء العالمي (WFP) التي قررت هذا العام وقف المساعدات المالية التي كانت تمنحها شهرياً لسكان المخيمات”.
فيصل علي، نازح مقيم في مخيم جمشكو، قال لـ(كركوك ناو)، ان “نوعية المواد الغذائية التي نستلمها سيئة جداً، شخصياً لم أستخدمها بعد استلامها، بعت السلة الغذائية بعشرة آلاف دينار، في حين أنها قد تكون كلفت حوالي 50 دولار”.
يقع مخيم جمشكو في قضاء زاخو ويأوي أكثر من 21 ألف نازح.
“المواد الغذائية لم تنته صلاحيتها لكنها غير صالحة للأكل، رائحة زيت الطبخ كريهة جداً، الفاصولياء غير قابلة للطبخ وكذلك الحمص، حبات الأرز صغيرة جداً وهشة، المفردات الأخرى أيضاً رديئة”، وأشار فيصل الى أن المواد المنظفة “من اسوأ الأنواع الموجودة في السوق ولا يستعملونها، وقال بامتعاض، “نحن نازحون لا حول لنا ولا قوة، لذا يوزعون علينا تلك المواد ذات النوعية الرديئة”.
مراسل (كركوك ناو) تقصى أكثر عن نوعية المواد التي توزع على النازحين واستفسر من عدد من محال بيع السلع الغذائية.
فارس بريام كمور، نازح في مخيم جمشكو يشتري المواد الغذائية والمنظفات من النازحين منذ أكثر من خمس سنوات ليبيعها بعد ذلك في السوق بربح قليل، قال لـ(كركوك ناو) “نوعية المواد الغذائية التي يستلمها النازحون رديئة منذ سنوات، وحسب علمي 80 بالمائة من النازحين لا يستخدمونها ويبيعونها”.
مفردات الحصة التموينية ليست فاسدة لكن نوعيتها سيئة
أثناء توزيع السلة الغذائية يشتري فراس يومياً 60 سلة غذائية من النازحين بأسعار تتراوح بين 10 الى 12 ألف دينار لكل سلة غذائية، ثم يبيعها في الاسواق خارج المخيم بحوالي 14 ألف دينار.
“المواد الغذائية ليست منتهية الصلاحية لكنها لا تصلح للاستهلاك البشري بسبب رداءتها، رائحة زيت الطبخ الذي تم توزيعه ضمن الحصة التموينية لشهر أيار كانت كريهة جداً، الشاي لم يكن له لا طعم ولا لون، الفاصولياء لا تطهو، ونوعية الرز سيئة”، بحسب فارس.
يتواجد أكثر من 664 ألف نازح في اقليم كوردستان، ويتوزع قسم منهم على 26 مخيماً للنازحين في محافظات دهوك، أربيل والسليمانية.
يان جعفر، مدير مكتب دهوك لمركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لوزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان –يشرف على المخيمات-، قال لـ(كركوك ناو)، “وفقاً لمتابعاتنا، مفردات الحصة التموينية ليست فاسدة لكن نوعيتها سيئة، في مخيم خاتكي لوحده، رفضنا حتى الآن توزيع المواد الغذائية على سكان المخيم مرتين بسبب رداءة نوعيتها”.
ويقول أنهم اتفقوا مع مؤسسة البارزاني الخيرية على فحص المواد الغذائية التي ترسلها الحكومة العراقية قبل توزيعها على النازحين وعدم السماح بتوزيعها في حال لم تكن نوعيتها جيدة”.
وزارة الهجرة والمهجرين العراقية وصلتها شكاوى سكان المخيمات وتعهدت بحل المشكلة في الأشهر المقبلة.
اسكندر محمد أمين، مدير دائرة الهجرة والمهجرين العراقية في محافظة دهوك قال لـ(كركوك ناو)، “صحيح أن المواد الغذائية ليست ذات جودة عالية، لكن نفس تلك المفردات التموينية توزع على المواطنين العراقيين وهي صالحة للأكل، رغم ذلك من المقرر تحسين نوعية تلك المواد في الأشهر القادمة”.
ونفى اسكندر أن يكون قد وزعت مواد غذائية منتهية الصلاحية على النازحين قائلاً أن جميعها خضعت للفحص.
حسب وعود الوزارة، من المقرر توزيع حصو تموينية على سكان المخيمات في شهر أيلول القادم.
باستثناء نينوى، أغلقت الحكومة العراقية مخيمات النازحين في جميع المحافظات الأخرى وأُعيدوا الى مناطقهم الأصلية، ما عدا مخيمات اقليم كوردستان التي تم الابقاء عليها بموجب تفاهم مع حكومة اقليم كوردستان حيث يرفض النازحون المقيمون فيها لعودة الى ديارهم بحجة عدم استتباب الأمن وانعدام الخدمات الأساسية.
عمار عزيز – دهوك