اجبر مسلحوا داعش، الياس صالح بالوقوف امام حفرة كبيرة ومشاهدة عمليات اعدام اقاربه امام انظاره رميا بالرصاص، ومع كل عيارة نارية يطلقها مسلحي التنظيم، كان يفقد احد اقاربه واهالي قريته، كان الياس هو الاخر الذي ينتظر نفس مصير ابناء بلدته وتعرضه لاطلاق النار.
كان الياس صالح 47 عاما ينتابه الخوف، لان الوجبة الثانية من الايزيديين سيلقون حتفهم على يد مسلحي داعش بعد دقائق، وبدأت القصة منذ تلك اللحظة، بعدما عزلوه عن بقية افراد اسرته وخصوصا ابنه البالغ من العمر 15 عاما والذي كان يسعى جاهدا للبقاء مع والده.
الدولة الاسلامية “داعش” كان يفعل كل مايريد فعله باهالي قرية كوجو، والا انه لم يفلح في اقناع الايزيديين على تغيير ديانتهم واعتناق الاسلام.
تسليب المواطنين في بداية دخول مسلحي داعش الى كوجو
الياس صالح قاسم، في الساعة 10 من صباح 15 اب 2014، كان يعمل داخل عيادته بقرية كوجو التابعة لسنجار، عندما دخل 20 سيارة رباعية الدفع القرية مع شفلين اثنين.
“كنت داخل عيادتي، وفي تلك الاثناء دخل ابني البالغ من العمر 15 عاما مسرعا الي وقال: بابا يستوجب علينا الذهاب الى مدرسة كوجو، مسلحي داعش يطلبون ذلك”، الياس قال هذا.
توجه الياس بصحبة ابنه الى مدرسة كوجو، “عند وصولي الى المدرسة شاهدت جميع اهالي القرية مجتمعين داخل المدرسة، الاطفال والنساء مع المسنين والشباب”.
قام مسلحوا داعش بجمع الرجال في الطابق الاول للمدرسة، اما النساء والاطفال فكانوا بالطابق الثاني.
في وسط المدرسة، بدأ احد قادة داعش كان يدعى (ابو حمزة) يتحدث الى نايف جاسو، احد وجهاء قرية كوجو وقال “ابلغناكم منذ اليوم الاول باعتناق الاسلام، الا انكم رفضتم ذلك، والقرار بيدكم الان”، ويقول الياس بانه بعدما سمع هذا الكلام بدأ يشعر بالامان بانهم لا يصيبهم مكروه من قبل مسلحي التنظيم، لان والي داعش في الموصل انذاك ابلغ نايف جاسو ان “الايزيديي احرار ولن يصيبهم اي مكروه”، هذا ماقاله الياس.
ابلغناكم منذ اليوم الاول باعتناق الاسلام، الا انكم رفضتم ذلك
في ذلك اليوم، بدأ ابو حمزة يعلوا صوته على الايزيديين وقال لهم “من يعتنق الاسلام سيطلق سراحه مباشرة”، ويقول الياس “لم يجيبه احد من الحضور تعبيرا منهم لرفض الطلب”.
بدأ مسلحوا داعش فيما بعد، بتسليب المواطنين، وقاموا بأخذ جميع ما يمتلكون من المال والموبايلات وحتى المخشلات الذهبية التي كانت ترتديها النساء والاطفال، وبعد ذلك قالوا لنا “اخرجوا جميعا واحدا تلو الاخر”، وتابع الياس، فرحت بهذا الكلام وكنت اعتقد بأنهم سيطلقون سراحنا فيما بعد.
خرج الياس بصحبة ابنه فقط من المدرسة، الا ان مسلحي داعش اجبروا الايزيديين على الصعود سيارة من نوع كيا كان على الصعود الى السيارة بالقوة.
“كان ابني خائفا جدا من ذلك المشهد، وحاول الصعود معي والقى بنفسه في السيارة، الا ان مسلحي داعش منعوه من الصعود وعزلونا عن بعضنا البعض”.
اخبرنا مسلحي داعش بأنهم يأخذوننا الى جبل سنجار، والذي كان انذاك تحت سيطرة القوات القريبة من الحزب العمال الكوردستاني، ولكنهم اوقفوا السيارات على بُعد 300 مترا وانزلوا جميع الركاب من السيارة بالقرب من ثكنة عسكرية فيها حفرة عميقة.
“بعد نزول المواطنين من السيارة، وقف ستة مسلحين تابعين لداعش وبدأوا باطلاق النار عليهم على شكل مراحل”، ويقول الياس بأنه شاهد بأم عينه كيف قتل مسلحي داعش اقاربه وكانوا يقعون في الحفرة العميقة التي كانت موجودة في القرية، وكان باقي مسلحي التنظيم يقومون بتصوير المشهد بواسطة هواتفهم.
وقف ستة مسلحين تابعين لداعش وبدأوا باطلاق النار عليهم على شكل مراحل
“بعد بقتل جميع المواطنين الذين كانوا ضمن الوجبة الاولى، جاءوا الينا لاننا كنا ضمن الوجبة الثانية وقاموا باطلاق النار علينا”، يقول الياس بأن عيارات نارية اصابت فخذه، الا انها عضامه لم يتعرض للكسر.
واضاف، القيت بنفسي على الارض وتظاهرت بالموت، على الرغم من ان مسلحي داعش كانوا يطلقون النار على الجثث فيما بعد للتأكد من وفاتهم، الا ان الياس لم يصب بعيارات نارية فيما بعد.
هاجم تنظيم داعش في 3 اب 2014، قضاء سنجار والنواحي التابعة له وبدأوا بارتكاب عمليات القتل الجماعي في 15 اب ضد اهالي قرية كوجو الايزيدية. وبحسب احصائيات المديرية العامة لشؤون الايزيديين في وزارة الاوقاف التابعة لحكومة اقليم كوردستان، قتل مسلحوا داعش 1293 شخصا بعد هجومهم على سنجار.
الياس ينجو بحياته من الموت
في وقت متأخر من تلك الليلة وعندما خيم الظلام على المنطقة، ترك الياس مكان المجزرة على الرغم من اصابته ووصل الى مزرعة قريبة وبعد ذلك توجه الى جبل سنجار.
“عانيت كثيرا للوصول الى جبل سنجار، وعند وصول الى الجبل شاهدت عددا من الاسر الايزيدية هناك”، يقع جبل سنجار على بُعد 23 كم شمالي قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار.
وفي اليوم التالي، قامت القوات التابعة للحزب العمال الكوردستاني بنقل الياس الى مدينة ديرك السورية بهدف اخضاعه للعلاج من الاصابة.
عندما كان الياس ينظر الى صور ضحايا المجزرة في قرية كوجو، قال “صحيح انني نجوت من الموت، ولكني فقدت جميع افراد عائلتي ولم يبقى لدي احد”.
وبدأت الحكومة العراقية، في شهر اذار 2019، بفتح اول مقبرة جماعية لضحايا الايزيديين بقرية كوجو التابعة لقضاء سنجار، وبحسب الاحصائيات توجد 73 مقبرة جماعية مع عشرات المقابر الشخصية.
ابراهيم ايزيدي – سنجار