مناورات عسكرية روسية صينية.
– يستمر التوتر الصيني الأميركي بصورة تصاعدية منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي الأخيرة لتايوان، والتي تبعتها زيارة أخرى لوفد من الكونغرس الأميركي ضم 5 أعضاء، الأحد الماضي، والتي عدها مراقبون وخبراء عسكريون أشبه بصب الزيت على نار أزمة زيارة بيلوسي التي لم تنطفئ بعد.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، قالت وزارة الدفاع الصينية، الأربعاء، إن قوات صينية ستتوجه إلى روسيا للمشاركة في مناورات “فوستوك 2022” مع روسيا ودول أخرى بينها الهند وبيلاروسيا وطاجيكستان، والتي ستجرى قريبا وعلى مدى نحو أسبوع.
وقالت الدفاع الصينية في بيان: “كجزء من خطة التعاون السنوية بين الجيشين الصيني والروسي، بالإضافة إلى التوافق الذي توصل إليه الطرفان، سيرسل جيش التحرير الشعبي قريبا جزءا من القوات إلى روسيا، مضيفة أن مشاركة الصين في المناورات المشتركة “لا علاقة لها بالوضع الدولي والإقليمي الراهن”.
ويرى محللون أن الصراع الصيني الأميركي بعد زيارة بيلوسي لتايوان، قد دخل مرحلة جديدة ومغايرة تماما على قاعدة أن المزاحمة حد التصادم المباشر باختلاف أشكاله باتت عنوان العلاقة بين الجانبين من الآن وصاعدا، ولا سيما في مناطق الاحتكاك الأسخن بينهما في جنوب وشرق آسيا ومجمل منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
كما يرون أن الصين وروسيا تاليا سترفعان من وتيرة تحالفهما وتعاونهما المشترك ولا سيما في المجال العسكري، للوقوف بوجه الولايات المتحدة والمحور الأطلسي.
الصين تستعرض عسكريا حول تايوان.. هل وصلت الحمم الأوكرانية؟
وحول المغزى من إرسال قوات صينية لإجراء مناورات عسكرية مع نظيرتها الروسية، وتأثير ذلك على مآلات الصراع الدولي المحتد في ملفي أوكرانيا وتايوان، يقول الزميل غير المقيم بمعهد ستيمسون الأميركي للأبحاث عامر السبايلة، في حديث مع سكاي نيوز عربية: “لا شك أن سياسة الاستفزاز الأميركية الحالية حيال الصين، تدفع الأخيرة لاتخاذ خطوات مضادة مشابهة لها، حيث أن الحياد الصيني في الموضوع الأوكراني لم يقابل من قبل الولايات المتحدة بإيجابية بل على العكس قوبل بالتصعيد في تايوان”.
وهكذا، يضيف السبايلة: “لا يمكن قراءة أي تحرك صيني الآن بعد زيارة بيلوسي لتايوان إلا في إطار الرد الصيني على الاستفزاز الأميركي، بمعنى أنه رد فعل مساو تقريبا للفعل الأميركي، وبالتالي فالذهاب لمناورات عسكرية صينية روسية في هذه المرحلة هو رسالة موازية للرسالة الأميركية المستفزة، وربما تتطور المناكفات وتصبح أكثر حدة وسخونة، وأن تتخذ الصين سياسات ومواقف أكثر استفزازا للولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة”.
من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي محمد صالح الحربي، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: “نحن في خضم تغيرات عاصفة بخارطة معادلات وتوازنات القوى دوليا ولا شك، لجملة عوامل كبرى، أهمها اعتبارات التغير المناخي بتأثيراتها الكارثية على مصادر الدخل والقوة، وتباطؤ النمو العالمي وتضرر سلاسل التوريد العالمية واضطرابات الأمن الغذائي والطاقي على وقع زلزال الحرب الروسية الأوكرانية، وجاء التوتر الصيني الأميركي على وقع زيارة بيلوسي الأخيرة لتايوان ليزيد الطين بلة، ويعقد المشهد الدولي المضطرب أصلا”.
وهكذا، يضيف الخبير الاستراتيجي والعسكري: “ترتسم معالم هندسة تحالفات ومحاور دولية كبرى متصادمة وبعنف، أطاحت عمليا بنظام الأحادية القطبية السائد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وعليه فالصين تنتقل الآن من سياسة التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة إلى سياسة التنافس الاستراتيجي معها، وخاصة في مناطق حيوية وحساسة كبحر الصين الجنوبي”.
بدوره يقول الخبير في الشؤون الروسية مسلم شعيتو، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “بالفعل الزيارة الاستفزازية لبيلوسي عززت التقارب بل والتحالف الصيني الروسي كونها أثبتت أن موسكو وبكين مستهدفتان من واشنطن، وحيال ذلك فالواضح أن التعاون بين الصين وروسيا سيشهد إيقاعا تصاعديا في مختلف المجالات ليس فقط عسكريا بل واقتصاديا وثقافيا وعلميا، والإعلان عن هذه المناورات المشتركة بين الجيشين الصيني والروسي هو رسالة واضحة في هذا المنحى”.