مثالا المحاميين (موسى الهايس وعبدالله السلطان)
لم تضف هذه الدراسة أي جديد على سابقاتها، باستثناء إصدارها بصفحات أنيقة، وكأنها بطاقة دعوة أو دعاية لحفلة أوركسترا عالمية، مضمونها ضحل، بخرائطها وإحصائياتها ومعلوماتها، وهو ما جعلنا نستغرب هل حقاً يحتاج إلى محاميين لتجميعها، ولكاتب بمقام موسى الهايس أن يلتهي بها، مع ذلك سنقوم بتحليل النص، كرد ليس عليهم بل على ما سبقوهم وجعلوهم مصادر لدراستهم، علما إننا وبعض الأخوة الكورد قدمنا ردود كافية على الضحالة الفكرية التي يكررونها، وهو ما جعلنا نضطر على المسايرة بالتكرار لعلهم ينتبهون لما يبثونه من الشرور والآفات الفكرية بين مجتمع الجزيرة.
الدراسة جلها منسوخة أو مسروقة من دراسة سابقة أعدها (خضر عواركه، والدكتور علي جمعة وتوثيق زينة يوسف، تحت عنوان (بحث، شرق الفرات ولائحة بالعشائر العربية وزعاماتها، الجزء الخامس) المنشورة في وكالة أنباء أسيا، وهي ذاتها التي استنسخها كاتب آخر سبقهم إليها، ونشرها كدراسة عن القبائل العربية والشعب الكوردي في الجزيرة، مع إحصائية عشوائية عن عدد القرى الكوردية والعربية ونسبة الكورد إلى العرب في الجزيرة، أي عمليا الكل يسرق من بعضه نفس المفاهيم والإحصائيات وحتى أسلوب الكاتبة، والغريب أنهم يعرضون بعضهم البعض كمصدر لدراساتهم، أي عمليا القراء أمام عدة مقالات منسوخة عن بعضها تتحدث عن العشائر العربية في الجزيرة- شمال وشرق الفرات.
ولتبيان الغاية من تكرار هذه النصوص المستنسخة عن بعضها، وإعادة نشرها من قبل المحاميين تحت عنوان جديد وفي موقع أمريكي، مرفق بالإحصائيات العشوائية ذاتها التي قدمها الكاتب البعثي المطعون في مصداقيته والمقدم ذاته كباحث ووطني سوري، في هذه المرحلة الحرجة التي تتعرض فيها سوريا بكل مكوناتها إلى الدمار والتشتت والانقسام، كان لا بد من كتابة التالي والذي سننشره على حلقات على أمل أن يتحرك فيهم القليل من الوطنية المدعاة.
ومن الغرابة أن يتنازل المحامي موسى الهايس ويلهي ذاته بهذه الدراسة الضحلة، وقد عرفناه من خلال مقالات قدم فيها مفاهيم منطقية وقابلة للحوار الجدي عليها، رغم خلافنا معه على كثيره.
لاحظنا وبعد التدقيق أن المقالة، والتي سميت جدلاً بالدراسة، تندرج ضمن سلسلة كتابات يتم تحت عباءتها التعتيم على المتلاعبين بالقضية السورية ومآسيها، ولتعمية المجتمع عن التبعية التي سقطت فيها المعارضة للقوى الإقليمية العاملة على تقسيم سوريا واحتلال أجزاء من أراضيها. كما وعن طريق العبث بتاريخ الكورد في غربي كوردستان، وتعميق التحريفات التي طالت تاريخ منطقة الجزيرة بشكل عام، وهي من القضايا التي تثير الخلافات بين شعوب المنطقة، يحاولون كسب ود الأنظمة الإقليمية الاستبدادية ؛ التي تعمل المستحيل لئلا تنجح القضية الكوردية، ولجذب ودهم والحصول على بعض المكتسبات، ربما جلها شخصية، أثاروا قضية رسم جغرافية غربي كوردستان، وهو ما أوردوه في الصفحة الرابعة؛ وهي لب الدراسة “…حاولت أن ترسم مستقبلا شوفينياً ومظلماً للمحافظة عبر نشرها لمعلومات مغلوطة واعتماد تزوير الواقع برسم خرائط قومية بعيدة كلياً عن الواقع ولا تعبر أبدا عن ثقافة ونسيج وتاريخ المنطقة” والمقصود هنا الحراك الكوردي، ومن الغرابة أنهم يتناسون أن خرائط سوريا جميعها تحمل أعلى السمات العنصرية، فكما نعلم أنه وطن افتراضي نشأ من العدم، وعلى حساب جزء واسع من جغرافية كوردستان ومن ضمنها الجزيرة المنسوبة جدلاً إلى سوريا، لذلك وللتغطية على الحقيقة الغائبة المعروفة، يحاولون تكوين تاريخ للقبائل العربية المهاجرة من الجزيرة العربية إلى المنطقة الكوردية ومن ضمنها الجزيرة الكوردستانية.
ومثلها خرائط الأنظمة المحتلة لكوردستان، وبينهم خريطة الوطن العربي والتي تسندها جامعة لأنظمة تغتصب حقوق شعوب محتلة منذ قرون طويلة، سميت بالعربية، وليست الإسلامية، رغم أن الأوطان في شمال أفريقيا على سبيل المثال، هي للأمازيغ وفروعها والقبط والطوارق، وفي سوريا ولبنان والعراق وكوردستان هي لشعوب كانت لها حضارات عريقة قبل أن تخرج الغزوات العربية-الإسلامية من أحضان الجزيرة العربية. والمقارنة كارثية، بين هذه الأوطان الافتراضية وعرض الحراك الكوردي لجغرافية كوردستان المحتلة التي يتم الحكم عليها ضمن قاعات كتاب يفتقرون إلى أدنى مستويات الثقافة الديمقراطية وقبول الأخر وحرية الرأي والقوانين الإنسانية، لكنهم لا يدركونها أو ربما يتعامون على هذه الحقائق، وبالتالي لن يكون غريبا لنا ولكل إنسان مدرك، الحكم على خريطة كوردستانية على إنها مغلوطة وتزوير للحقائق وبعيدة عن الواقع، ويتناسون ما فعلته الأنظمة الشمولية العنصرية بتاريخ الشعوب ورسمهم لخرائط على مزاجية عروبية، ويجدونها منطقية ويجب حمايتها والافتخار بها، علما إن كثيرها رسمت في البدايات لتوزيع السبايا والموالي بين المناطق التي كانت تقيم أسواق النخاسة، إجمالا خرائط الدول المحتلة لكوردستان وشمال أفريقيا أكثر الخرائط في العالم هدماُ لثقافة التآلف بين شعوب المنطقة، وتشويها للحقائق، وتزويراً للواقع.
المجموعات التي تتبنى منهجية هذه الدراسة ليسوا سوى كتاب مرتزقة، مأجورون إما: من قبل بعض الأنظمة العروبية العنصرية، كأولئك الذين يخدمون في (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) القطرية ومنهم عزمي بشارة ومحمد جمال باروت وغيرهم وجلهم من أيتام البعث، وأغلبية نشاطات هذا المركز تصب في خدمة الأجندات التركية، وقد تشكلت على أثر تصاعد الخلافات بين قطر والسعودية، وكانت من الأساليب التي أرادت قطر عن طريقها كسب الجانب التركي كقوة إسلامية لمواجهة السعودية. أو من قبل الدول المحتلة لكوردستان بينهم من يعرض ذاته كاقطاب للمعارضة السورية العروبية.
بغض النظر على أن الإحصائيات الواردة عن القرى الكوردية ونسبتها مقارنة بالعربية في الجزيرة، لا تستند إلى أية مصادر رسمية، وتفتقر إلى أدنى مقومات الدراسات الديمغرافية، فالطرق التي تم فيها عرض الإحصائية الديمغرافية عامة والعرقية بشكل خاص، ليس فقط تغلب عليها العشوائية، والنزعة القومية وخالية من الأساليب العلمية، بل تعكس منهجية الانحياز الكلي للنزعة العنصرية العروبية.
الدكتور محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@Gamil.com
18/8/2022