قام بعض الباحثين بإجراء هذه التجربة، وجاءت النتائج متفاوتة جداً بين البلدان.
كم عدد المرات التي وجدت نفسك فيها في موقف تنتظر فيه كلياً لطف الآخرين لإخراجك منه؟ كأن تغير عجلة سيارتك أو أن تضيع في مدينة بدون خريطة أو أن تحتاج لشخص يعيرك هاتفه لإجراء مكالمة… هذه وغيرها مجرد أمثلة قليلة عن المواقف التي لن تتمكن فيها من حلّ مشكلتك بدون مساعدة شخص ما.
شيء واحد تستطيع أن تتعلمه من هذه المواقف وهو أن تكون لطيفاً دائماً عندما تجد شخصاً بحاجة للطفك، لأنك وبكل بساطة لا تعلم متى سيأتي الوقت الذي تحتاج فيه إلى لطف ومساعدة أحدهم!
أجرى باحثون في مجلة Science مؤخرا تجربة كلفتهم حوالي نصف مليون دولار. الفكرة بسيطة للغاية، سافر 11 رجلاً وامرأتين إلى 355 مدينة رئيسية في 40 دولة حول العالم، حيث ”فقدوا“ عن عمد 17000 محفظة.
كان الهدف الرئيسي من التجربة هو معرفة الطريقة التي سيتعامل المواطنون بها في كل مدينة مع تلك المحافظ المفقودة، هل سيعيدونها؟ أم أنهم سيحتفظون بالمال؟ وماهو السبب وراء تصرفهم؟
استخدم نوعان من المحافظ في التجربة، حيث يحتوي النوع الأول على مفتاح بدون وجود أي مال في الداخل، أما النوع الآخر فكان يوجد به بعض المال ومفتاح. كما تحتوي هذه المحافظ على قوائم للبقالة مكتوبة باللغة الأم لكل بلد، وبطاقات عمل بها اسم المالك وبريد إلكتروني مكتوب عليها وبعض المال ومفتاح.
كان متوسط فيمة مبلغ المال في المحفظة هو 13.45 دولاراً أمريكياً (أو ما يعادله بالعملة المحلية)، وكانت المحافظ المستخدمة في عدد قليل من البلدان (المملكة المتحدة وبولندا والولايات المتحدة) تحوي 94.15 دولاراً. كما ذكرنا سابقاً، كانت هناك أيضاً محافظ لا تحوي مالاً على الإطلاق، وإنما مجرد مفتاح.
فيما يلي الرسم البياني الذي يوضح كيفية استجابة مختلف البلدان لهذه التجربة:
كما هو موضح في الرسم البياني، ترمز النقطة الصفراء إلى النسبة المئوية للمحافظ غير الحاوية على مال والتي اُرجعت إلى أصحابها، بينما توضح النقطة الحمراء النسبة المئوية للمحافظ التي تم إرجاعها والتي تحتوي على أموال بداخلها. تفوّقت الدول الاسكندنافية في التجربة، حيث كانت من أكثر الدول إعادة للمحافظ المفقودة. لكن لسوء الحظ، حققت بلدان مثل الصين والمغرب والبيرو وكازاخستان أصغر معدل للمحافظ المعادة.
هناك بعض العوامل التي أثرت على الطريقة التي استجاب بها الأشخاص للمحفظة المفقودة: حيث وجد الباحثون أن المحافظ الحاوية على مفتاح أُرجعت أكثر من تلك التي لا تملك المفتاح، ربما يتعلق الأمر أساساً بالأشخاص الذين يعتقدون أن للمفتاح قيمة أكثر أهمية للمالك.
أما ردود الفعل تجاه الموضوع فكانت بحسب البلد، حيث علّق أحد الساكنين في اليابان: اليابان لم تمتلك معدّلاً عال لأن لا أحد ينتشل شيئاً لا يعنيه من الطريق أو الأماكن العامّة هنا. حيث أوضح أنه نسي محفظته في أحد الحمامات العامة ذات مرة، وعاد بعد أسبوعين ليجدها في نفس المكان الذي نسيها به موضوعة أمام المرآة بدون أم يمسّها أحد.
وهناك من اقترح اعطاء مكافأة لمن يعيد محفظة لصاحبها، حيث أوضح هذا الشخص أن في سويسرا عرف متداول بين الشعب، فمن يعيد محفظة ضائعة لصاحبها يأخذ 10٪ من المال الموجود بها كمكافأة!
علّق أحدهم ساخراً على الموضوع حيث قال: في إحدى المرّات، وجدت محفظة وبقيت طويلاً أفكّر محاولاً اتخاذ قرار إما بالإبقاء عليها أو إعادتها لصاحبها! بعدها قررت إعادة المحفظة بدون أن آخذ أي مبلغ منها، وعندما أعدتها، من شدّة فرح صاحبها، قام بإهدائي كامل المبلغ الذي كان موجوداً بالمحفظة.