خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، شهدت اليابان تغييرات جذرية سرعان ما أسهمت في تحويل البلاد من مجتمع فلاحي متخلف لدولة صناعية معاصرة متعطشة للتوسع على حساب دول الجوار. ومع نجاحها في فرض شروطها على الصين عقب الحرب الصينية اليابانية الأولى ما بين عامي 1894 و1895، أذهلت اليابان العالم بتغلبها على الإمبراطورية الروسية بالحرب اليابانية الروسية التي اندلعت ما بين عامي 1904 و1905.
بفضل هذه الإنجازات العسكرية، نجحت اليابان في إخضاع شبه الجزيرة الكورية لسيطرتها وزادت من نفوذها بمنشوريا تزامنا مع حصولها على امتيازات اقتصادية كبيرة بالصين.
خلال الحرب العالمية الأولى، مثلت اليابان قوة عالمية صاعدة. ومع اندلاع الحرب، على الساحة الأوروبية، اتجهت اليابان لاستغلال الفرصة للحد من نفوذ القوى الكبرى بالصين والتوسع بالمحيط الهادئ.
تحالف بريطاني ياباني
خلال العام 1902، وقعت كل من بريطانيا واليابان اتفاقية تحالف عسكري. وبينما سعت اليابان للاستفادة من الخبرة العسكرية البريطانية، اتجه البريطانيون عن طريق هذه الاتفاقية للقطع مع سياسة العزلة السابقة أملا في ضمان مصالحهم بالصين وتعزيز وجود بحريتهم بالمحيط الهادئ.
عام 1905 و1911، جدد البريطانيون واليابانيون اتفاقية التحالف العسكري واتجهوا لتوسيعها لتشمل مجالات أخرى أملا في مقارعة التوسع الروسي بشرق آسيا. وفي المقابل، خلت هذه الاتفاقية العسكرية من بنود أجبرت اليابان على دخول الحرب العالمية الأولى لجانب بريطانيا وحلفائها الفرنسيين والروس.
على إثر حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند يوم 28 حزيران/يونيو 1914 التي أدت لقيام الحرب العالمية الأولى وتفعيل سياسة التحالفات، لم يستشر البريطانيون حلفاءهم اليابانيين قبل إعلان الحرب على ألمانيا.
في المقابل، حثت البحرية البريطانية نظيرتها اليابانية على مساعدتها لتحديد مواقع السفن الحربية الألمانية بالمحيط الهادئ. وفي الأثناء، وجّه اليابانيون أنظارهم للمستعمرات الألمانية بالمحيط الهادئ والصين. وأملا في الحصول على الممتلكات الألمانية وطرد إحدى القوى العالمية من شرق آسيا.
ناقش المسؤولون اليابانيون فكرة إعلان الحرب على ألمانيا واستعدوا لها عسكريا تزامنا مع تلقيهم لضمانات بريطانية فرنسية روسية إيطالية بمساندتهم وتأييد مطالبهم بمؤتمر السلام الذي ستفرزه الحرب العالمية الأولى.
معركة وحيدة هامة
بعد مضي 3 أيام عن إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا، تلقى المسؤولين اليابانيون يوم 7 آب/أغسطس 1914 دعوة من الحكومة البريطانية لمساعدتهم على التصدي لهجمات السفن الألمانية بالسواحل الصينية. وأملا في إنهاء وجود الألمان على مقربة من أراضيهم، أرسل اليابانيون يوم 14 آب/أغسطس 1914 للألمان إنذارا بمغادرة المنطقة نهائيا. ومع عدم تلقيهم لرد ألماني، أعلنت اليابان يوم 23 آب/أغسطس 1914 الحرب على ألمانيا لتدخل بذلك الحرب العالمية الأولى لجانب كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا.
بشكل سريع، تمكنت البحرية اليابانية من السيطرة على أرخبيل كارولين وجزر مارشال والماريانا، بالمحيط الهادئ، التي كانت قابعة تحت سيطرة الألمان.
وقد شهد النزاع الياباني الألماني بالمحيط الهادئ معركة وحيدة هامة تمثلت في حصار تسينغتاو (Tsingtao) الذي استمر لحدود شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1914 وانتهى باستسلام الحامية الألمانية بالمنطقة. لاحقا، اقتيد أسرى الحرب الألمان نحو معسكر باندو (Bandō) حيث عوملوا بشكل جيد قبل أن يطلق سراحهم عام 1918 تزامنا مع نهاية الحرب العالمية الأولى.