في وقت يلوح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بـ”خطوات مفاجئة أخرى” للضغط باتجاه تنفيذ مطالبه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، يرى مراقبون أن العملية السياسية في العراق وصلت “لنقطة اللاعودة” محذرين من أن الصدر يمتلك من الأدوات الكثير لمواجهة خصومه ومنها “خيار المواجهة المسلحة”.
ووسّع مناصرو التيار الصدري اعتصامهم الثلاثاء إلى أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء في بغداد، في خطوة تصعيدية في الأزمة السياسية المتواصلة منذ أكثر من 10 أشهر.
لكنهم سرعان ما انسحبوا بعدها بساعات وأنهوا اعتصامهم بعد حثّ الصدر لهم على المغادرة وطلب في الوقت نفسه مواصلة الاعتصام أمام البرلمان.
ووصف مجلس القضاء الأعلى الاحتجاجات خارج مقره وأمام المحكمة الاتحادية العليا بأنها “تصرفات غير دستورية”، وقال في بيان إن المحتجين أرسلوا تهديدات بالهاتف.
وحث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي قطع زيارة لمصر للتصدي للأزمة، جميع الأطراف على التزام الهدوء وجدد الدعوة للحوار الوطني.
في تدوينة على فيسبوك قال “وزير الصدر” صالح محمد العراقي تعليقا على اعتصام الثلاثاء: “سواء اعتبرت هذه الخطوة فاشلة أم ناجحة.. فهي تعني أننا سنخطو خطوة مفاجئة أخرى لا تخطر على بالهم”.
بسمه تعالى
أبواق السلطة تعالت ضد الثـ*ـورة وسأشخصّهم في مقال آخر إذا لم يرعووا.
تعالت حينما اعتصمنا أمام مجلس القضاء الأعلى، والأسباب كالتالي:
أولاً : خشيةً من أن القضاء سيلجئ الى كشف ملفات فسـ*ـادهم.
ثانياً : ظنوا أن المتظاهرين سيقتحمون المجلس وبالتالي ستقع بأيديهم ملفات تفضح الجميع بلا إستثناء.
ثالثاً : إن (الاطار) يعتبر القضاء هو الحامي الوحيد لهم.. وإذا ما استمرّ الإعتصام أمامه سوف لا يكون لهم وجود مستقبلاً ولن يستطيعوا تشكيل حكومة.
رابعاً : سقوط النظام الحالي لا يحلو للبعض وعلى رأسهم السـ•ـفارة الأمريكية.
خامساً : لعلّ سقوط الفـ*ـساد في القضاء العراقي يعني لهم إن الثـ*ـورة قد تطيح بالفاسـ*ـدين أمثالهم.
سادساً : إنهم يعتبرون القضاء هو الرأس وسقوط الرأس يعني سقوط ما دونه.
سابعاً : أكثر ما أزعجهم هو المطالبة بتنحّي فائق زيدان الذي يعتبر الداعم الأكبر (للاطار).
أما ما نتج حقيقة عن هذا الاعتصام، فكالتالي:
أولاً : أثبت الثـ•ـوار شجاعتهم ومباغتتهم وهذا قد أرعبهم، قال تعالى: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ)
ثانياً : أزلنا الضغوط الدولية بالمطالبة بالحوار مع الفاسـ*ـدين، فقد أعلنوا مجبرين على عدمه.
ثالثاً : حسب ظنّي أن القضاء سيحاول كشف بعض ملفات الفسـ*ـاد درءاً لإعتصام آخر.
رابعاً : لعله سيستصدر أوامر قبض بحق المطالبين بالإصلاح حقاً أو باطلاً وعدم استصدار ذلك ضد الطرف الآخر وهذا ما سيكشف فسـ*ـاداً كبيراً في المؤسسة القضائية وسيطّلع الشعب على أفعالهم.
خامساً : إنكشاف بعض الجهات التي كانت تدعي الوسطية والحياد والاستقلالية.
سادساً : إعلان تعليق عمل القضاء لم يكن دستورياً مما يعني أن القضاء يحاول إبعاد الشبهات عنه بطريقة غير قانونية وخصوصاً أن المظاهرة كانت سلمية.
سابعاً : كانت كسراً لأنوف الفاسـ*ـدين فهم لم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم والتشبّه بأفعال الثـ*ـورة كما فعلوا سابقاً مع الدعوة لمظاهرات مليونية في الإسبوع الماضي.
ثامناً : الكل مجمع على أن الفسـ*ـاد طال المؤسسة القضائية ومنذ عشرين عاماً والأغلب مجمع على ذلك.. وما أن إعتصم (التيار) أمامه صار القضاء لا يُعلى عليه ويكاد أن يكون معصوماً من الخطأ والزلل فضلاً عن الفـ*ـساد وعدم العدالة.
تاسعاً : سواء اعتبرت هذه الخطوة فاشلة أم ناجحة.. فهي تعني أننا سنخطو خطوة مفاجئة أخرى لا تخطر على بالهم إذا ما قرّر الشعب الاستمرار بالثورة وتقويض الفاسـ*ـدين وإغاضتهم.
#ولدينا_مزيد
وزير القائد
صالح محمد العراقي
“مفاجآت الصدر”
“من الصعب جدا التنبؤ بمفاجئات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر”، وفقا لأستاذ الإعلام العراقي غالب الدعمي.
يقول الدعمي لموقع “الحرة” إن “الصدر لا يزال يمتلك من الوسائل الضاغطة الكثير، ومنها التحشيد لتظاهرات ضخمة وجماهيرية على مستوى العراق بشكل عام”.
ويضيف الدعمي أن “لدى الصدر جمهور واسع وأيضا عدد كبير من المتعاطفين معه من خارج التيار الصدري، ولديهم نفس المطالب وتمثل رؤية غالبية الشعب”.
ويستطيع الزعيم الشاب، الذي يملك نفوذا لا مثيل له في العراق، حشد مئات الآلاف من أنصاره لتنظيم الاحتجاجات وشل المشهد السياسي في البلاد بمجرد تغريدة.
ومنذ 30 يوليو يقيم مناصرو الصدر اعتصاما عند مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء، مطالبين بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، مما عطل عقد الجلسات ومنع الإطار التنسيقي، المنافس الرئيسي للصدر، من المضي قدما في تشكيل الحكومة.
ويريد خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي، تشكيل حكومة “توافقية” قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
يشير المحلل السياسي نجم القصاب إلى أن الصدر لا يزال يمتلك الكثير من الأدوات والوسائل الفاعلة للضغط على خصومه.
ويقول القصاب لموقع “الحرة إن “من بين الوسائل توسيع دائرة الاحتجاجات لتشمل مدن أخرى وتنفيذ عصيان مدني في أغلب الوزارات والدوائر الحكومية، أو ربما تطويق بيوت المسؤولين أو المباني التي يتواجد فيها أطراف أخرى او لديهم نفوذ فيها”.
ويضيف القصاب أن “الصدريين أرادوا ارسال رسالة واضحة من خلال اعتصام مجلس القضاء بأن لدينا خطوات متعددة ومتنوعة من أجل الضغط”.
ويبين أن “الصدر لديه أوراق متعددة بالفعل، وواهم من يعتقد أن جمهور التيار الصدر يمكن أن يضعف أو يتم تخويفه أو الضغط عليه”.
ويرى القصاب أن “التيار الصدري لم يتمكن من تشكيل حكومة أغلبية وهو بالتالي لن يسمح للإطار بتشكيل حكومة توافقية”، لافتا إلى أن “لا حل للأزمة الحالية إلا بحل البرلمان كما يطالب الصدر”.
“القادم أسوأ”
في سلسلة تغريدات على تويتر عدد رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين الخاسرين والرابحين من خطوة الصدريين الاعتصام أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى.
وقال علاء الدين في إحدى تغريداته إن الفائزين هم “رئيس مجلس القضاء لإنه أبدى قوة الموقف وعدم الاهتزاز وحماية المؤسسة.. وأيضا التيار الصدري لإنه عزز التظاهرات والزخم لجمهوره”.
كذلك أشار علاء الدين إلى من بين الفائزين أيضا قوى الإطار التنسيقي لإنهم “ظهروا بمظهر حماة الدولة” وكذلك رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي على اعتبار “حاجة الأطراف له للوساطة والتهدئة”.
الفائزون والخاسرون من تظاهرات مجلس القضاء:
١- الفائزون:
رئيس مجلس القضاء: ابداء قوة الموقف وعدم الاهتزاز وحماية المؤسسة
التيار الصدري: تعزيز التظاهرات والزخم لجمهوره
الاطار: ظهوره بمظهر حماة الدولة
الكاظمي: حاجة الاطراف له للوساطة والتهدئة#العراق pic.twitter.com/pjS9gIFSyY— Farhad Alaaldin (@farhad965) August 24, 2022
أما الخاسرون بحسب علاء الدين فهم نفسهم ويتمثلون برئيس مجلس القضاء الذي “أصبح جزءا من الصراع السياسي” والتيار الصدري الذي “ارتكب خطأ استراتيجيا جديدا”.
ويضيف علاء الدين أن الإطار التنسيقي خسر أيضا لإنه عانى من “ضعف الموقف وقلة الحيلة عند الأزمة”، فيما صدرت اتهامات للكاظمي وحكومته “بضعف الأداء وفسح الطريق للمتظاهرين”.
وقال علاء الدين في تغريداته أيضا إن “العملية السياسية تحتضر في غرفة الإنعاش، والخاسر الأكبر هو العراق وسيادة الدولة”، مضيفا: “دخلنا نقطة اللاعودة لهذا النظام والقادم أسوء”.
احداث ٣٠ تموز و٢٣ آب ادخل النظام السياسي في غرفة الانعاش وفرص الحياة لهذا النظام بات بيد رب العباد
اثبتت الاحداث ان الرئاسات و الزعامات غير قادرين على ادارة الازمة وليس هناك من يحل او يربط
المجتمع الدولي مصعوق بما يحدث
دخلنا نقطة اللاعودة لهذا النظام والقادم اسوء#العراق pic.twitter.com/2OPWcagbyZ
— Farhad Alaaldin (@farhad965) August 23, 2022
ويعد الصدر الفائز الأكبر في انتخابات العام الماضي، لكنه لم يتمكن من تشكيل حكومة رغم تحالفه مع أحزاب كردية وعربية السنية دون مشاركة منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويرفض خصوم الصدر السياسيون الاستجابة لمطالبه، مما أثار مخاوف من تجدد الاضطرابات والعنف في العراق الذي أنهكته الصراعات.
ويحذر نجم القصاب من أن “المواجهة المسلحة مؤجلة، لكنها ممكنة، فيما التصعيد يزداد حدة يوما بعد يوم”.