عزيزي العربي أو الناطق بالعربية الذي تقيم في دولة السويد وتحمل إقامتها أو جنسيتها لم تبق على إجراء الانتخابات السويدية العامة سوى أيام معدودة، والتسابق الإعلامي غير المسبوق وصل ذروته بين الأحزاب المتنافسة على الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان السويدي الـ349. من هذه الأحزاب المتبارزة حزب يميني قرأت وسمعت في وسائل الإعلام أنه يصنف ضمن أحزاب اليمين المتطرف، كان قد تأسس عام 1988 لكن بقي خارج قبة البرلمان السويدي حتى عام 2010 حين حصل في الانتخابات التي أجريت في ذلك العام على الأصوات الكافية التي مكنته من دخول البرلمان السويدي العريق. عزيزي المتابع، إن موضوعنا لهذا اليوم عن الشاب الجنوبي الذي يرأس حزب “ديمقراطيو السويد – Sverigedemokraterna” المعروف اختصاراً بـ”اس دي- S D” ألا وهو السيد ( بار جيمي أوكيسون – Per Jimmie Åkesson).
وفي اللقاء الذي أشرنا له في عنوان المقال وجدت أن السيد (جيمي) لا يُمَيز بين شخص مسلم وآخر إسلامي؟! حقيقة لا أدري أن كان هذا جهلاً أم تجاهلا. عجبي، ألا يعرف هذا الشاب السياسي أن المصطلح الأول باللغة السويدية يكون ترجمته هكذا: “Muslimsk Person“بينما المصطلح الآخر الذي هو إسلامي والذي لديه برنامج سياسي يكون ترجمته باللغة السويدية هكذا: “Islamisk Person“ البون شاسع بين مضمون المصطلحين مسلم وإسلامي، لا أبالغ إذا أقول أن نسبة عالية قد تصل إلى 99% من اللاجئين في السويد والبلدان الأوروبية الأخرى هم مسلمون ليسوا إسلاميون، وهؤلاء المسلمون اعتنقوا الإسلام بالفطرة، أي أن آبائهم وأجدادهم أسلموا بعد غزوات العربية لنشر الإسلام في أوطانهم التي خارج شبه الجزيرة العربية، وعليه عندما يولد هذا المعني بمعزل عن إرادته يجد نفسه مسلما. إن هؤلاء المسلمين المشار إليهم غالبيتهم العظمى مُدَون في الهوية مسلم، لكن ليست لهم أية ارتباطات بالبرامج والأهداف السياسية بالجماعات الإسلامية؟. لمعرفة الفرق بين المسلم والإسلامي على نطاق الأنظمة الحاكمة هناك إيران دولة نظامها إسلامي (شيعي)، ومثلها السعودية وأفغانستان هما أيضاً دولتان إسلاميتان (سنيتان). بينما العراق دولة اتحادية مسلمة ليست إسلامية، ومثل العراق سوريا، ومصر وتونس الخ جميعها بلدان مسلمة ودساتيرها إلى حد ما دساتير مدنية.
على المستوى الشخصي، أنا إنسان كوردي والداي كانا كورديان مسلمان، فلذا دون أن أختار ولدت مسلماً، لكن الآن أنا شخص علماني (سيكولار) ألا أني أؤمن بالخالق. لأني أجد كل شيء في الكون يقف ورائه قوة عظيمة ليس لقوته حدود. إن السيد (جيمي) في سياق حديثه في اللقاء التلفزيوني المذكور قال إن السويد دولة علمانية (سيكولار- Secularism) وهذا صحيح 100% وجيد جداً، لأن العلمانية هي التي جعلت من دولة السويد وشعبها أن تحترم الجميع دون استثناء ولا تفرق بين إنسان وآخر، بين دين وآخر. لكن؛ رغم علمانية دولة السويد ألا تلاحظ الرمز ديني في علم مملكة السويد ألا وهو رسم الصليب الذي صُلب عليه السيد المسيح له المجد؟. ليس هذا فقط، حتى أن الكنيسة السويدية تلعب دوراً بارزاً في الحياة السياسية والاجتماعية في دولة السويد العلمانية؟. حسب معرفتي كانت للسويد كنيسة رسمية حتى عام 2000 وبعده ألغيت. أضف، أن غالبية العطل الرسمية السويدية هي عطل دينية كصعود سيد المسيح إلى السماء، وعيد رأس السنة الميلادية، والجمعة الطويلة أو الجمعة الجيدة الخ. وفيما يتعلق بالإيمان قامت مؤسسة “غالوب- Gallub” فيعام 2009،بإجراءإحصاءبينالسويديينوجدتأن 17% منسكانالسويديعتبرونأنالدينجزءمهممنحياتهماليومية.حتى أن السيد (بار جيمي أكيسون) في لقاء تلفزيوني آخر قال: نعم أنا أصلي. حسب معلوماتي أنه ليس متديناً مسيحيا.لكنيظهرأنهيصليللخالقبمعزلعنتعاليمالأديان.هناككثيرونيفعلونهذاأنهممؤمنونبمايقومونبه.على أية حال،كما قلتفيسياقالمقاللاتعارضولاتصادمبينالعلمانيةوأيةعقيدةأخرى،لأن مضمار العلمانية واسع جداً ويستوعب الجميع، لكنشريطةأنيكونسلوكالفردحضارياًمسالماًوبعيداًعناستخدامالعنفوإرهابالآخرين.
وفي جزئية أخرى من اللقاء رد رئيس حزب ديمقراطيو السويد السيد (جيمي) على سؤال المحاورة وقال: المشكلة مع الدين مثل الإسلام، أنه ليس ديناً فقط وإنما إيديولوجيا سياسية تتحكم بتفاصيل حياة البشر، وأضاف: وهذا أمر تركناه منذ زمن بعيد، فالسويد ليست كذلك إننا مجتمع علماني. (للعلم جانباً من اللقاء موجود في اليوتيوب ومُتَرجَم باللغة العربية).
نعم أن العقيدة الإسلامية ليست كالمسيحية التي هي دين عبادات، الإسلام لديها شريعة وفقه ونصوص تريد أن تقود العالم؟، استناداً عليها يقول الإسلاميون: الإسلام دين ودولة، ويذكرون دولة النبي محمد في المدينة، ودولة الخلفاء الأربعة: أبو بكر، عمر، عثمان، علي، والدولة الأموية، والدولة العباسية الخ. لكن الدعوة إلى قيام الدولة الإسلامية في أية بقعة في العالم يتبناه الإسلاميون وليس المسلمون؟؟ إن هؤلاء الإسلاميين يصرحون علناً بأنهم يجاهدون من أجل قيام الدولة الإسلامية الواحدة لكل العالم. بالطبع هذه الدولة ستكون شبيهة بأفغانستان أو إيران أو باكستان؟. لقد شاهدت أحد الإسلاميين على شاشة التلفاز وكان لاجئاً في بريطانيا طالب ملكتها بدفع الجزية له!!! وفي ألمانيا أسس اللاجئون الإسلاميون جهاز شرطة تحت يافطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! ألا أن سلطات الدولة الألمانية منعتهم من القيام بهذا العمل غير القانوني. عزيزي المتابع، إن الإسلاميين يتحملون جانباً كبيراً من صعود اليمين المتطرف في بلدان أوروبا وذلك نتيجة تهديداتهم المستمرة لبلدانها التي بناها شعوبها بعد كفاح جاد وشاق وواصلوا الليل بالنهار على مدى قرون من الزمن حتى صارت على ما هي عليها اليوم من تطور ورغد العيش.
وفيما يتعلق بالهوية الوطنية السويدية، يجبوثميجبعلىأيلاجئفيالسويدحتىوأن كان حاصلاًعلىالجنسيةالسويديةأنكانمسلماًأوغيرمسلمأنلايكونانتقائياً؟،أنآدابالضيافةيحتمعليهأنيقبلبرحابةصدرالقانونوالثقافةالسويديةبكلأريحية.ممكنأنيستصرخالأجنبيالذيفيالسويدبطريقةحضاريةالحقأينماكانفيالعالم،مثالوجودهفيالسويدويدافعمنخلالمدادقلمهأوبلسانهعنالشعوبالمقهورةفيأيةبقعةفيالعالم. طبعاًالقانونوالشريعةوالعرفالخكلهذهالمنظومةالفكريةوالأخلاقيةيحتمعليهأنيكونمواطناًسويدياًقلباًوقالباًويذودعنهاحتىالرمقالأخيرفيحياته، لأن هذه الدولةالسويديةبشعبهاوكافةمؤسساتهافتحتلهأعنيلناجميعاًأذرعها وأخذتنا بالحضن ووفرت لنا الأمن والأمانوالعيشالرغيد،فيالوقتالذيتخلتعناالبلدانالمسلمةوالإسلاميةوالقومية.أكرر،لذايجبعلىالأجنبيالذيفيالسويدأنكانيحملالإقامةأوالجنسيةالسويديةأوينتظرإحداهما،أنكانمسلماًأوغيرمسلمواختار العيش فيدولةالسويدأنيحافظعلىهذاالبلدالمضيافكمايحافظعلىبؤبؤعينه.
عزيزي المقيم فيدولةالسويدبلاشكتعرفجيداًأنكتعيشفيأرقىدولةعلىكوكبالأرضليسفينشرالديمقراطيةوحقوق الإنسانفقط،بلفيريادةالأعمالالإنسانية،إنهاالدولةالرائدة فيإغاثةالمنكوبينواحترام آدمية الإنسان مهما كان عرقه أو دينه أو جنسيته.أرجوأنيفهمويضعنصبعينههذاجيداًكلأجنبيوطأتقدماهأرضالسويد.
وفي نهاية هذا المقال، أقول بكل تواضع واحترام أنا لا أقصد أية إساءة لأحد ما أو عقيدة ما أو جماعة ما. أرجو أني وفقت باختيار كلمات سلسة تناسب جميع القراء الكرام، هذا ودمتم ودامت السويد بألف خير.
“يا غريب كُن أديب؟”
29 08 2022