تردي الاضاع في إيران ووصول نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى مفترق طرق معظمها لاتبعث على الطمأنينة، توحي کثيرا بأن حظ هذا النظام في البقاء على دست الحکم قد بات ضئيلا جدا ولم تعد العديد من الدوائر والاوساط السياسية التي کانت في السابق تراهن على حتمية بقائه“مهما کانت الظروف“، تميل الى التأکيد على بقائه وانما حتى باتت تنأى بنفسها عن إطلاق أي موقف وتفضل الانتظار وترقب الاحداث مما يؤکد بأن وضع النظام قد صار أکثر من حرج خصوصا بعد تطورين هامين وحساسين ومٶثرين هما؛ إنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول2017 والاحتجاجات العارمة التي تبعتها والتي لاتزال مستمرة، والتطور الثاني هو العقوبات الامريکية بدفعتيها على إيران والتي وکلما مر الزمن تضاعفت تأثيراتها.
الجبهات المفتوحة على النظام على تنوعها وإختلاف مشاربها، بمقدور کل واحدة أن تفتح کل واحدة ثغرة ما في جدار النظام، ماعدا منظمة مجاهدي خلق التي لوحدها تعتبر أکبر وأهم وأخطر جبهة سياسية ـ فکرية ـ عسکرية مفتوحة ضد النظام منذ أربعة عقود لأنها ومنذ أن بادر رجال الدين المتنفذون في إيران بزعامة الخميني الى إعلان نظام ولاية الفقيه، إتخذت موقفا حديا رافضا بقوة لهذا النظام وإعتبرته نمطا وشکلا جديدا من أشکال الدکتاتورية والاستبداد لکن بمضمون ديني بحت، والذي ميز منظمة مجاهدي خلق عن غيرها من الاحزاب والتيارات الايرانية الاخرى المعارضة للنظام انها الوحيدة التي لم تدخل في أية مساومة لم تقبل بمختلف عروض النظام لکي تعلن تإييدها.
الصراعات والمواجهات الحادة بين أقطاب نظام ولاية الفقيه والاوضاع المزرية التي آلت إليها إيران في ظل السياسات المثيرة للشبهات والتي إتبعها ويتبعها هذا النظام، سبق وان أشارت إليها المنظمة وتوقعتها قبل سنوات عديدة خلت وأکدت بأن النظام يسير في طريق أحادي الاتجاه لارجعة فيه، بل وانها وفي غمرة ممارسة النظام لألاعيبه المکشوفة بزعم الاصلاح والانفتاح على العالم من خلال وجوه محددة، أعلنت المنظمة مرارا و تکرارا في أدبياتها و وسائل إعلامها و تصريحات وخطب قادتها، بأن لاإصلاح ولاإنفتاح ولاأي خير يرجى من وراء هذا النظام، موضحة بأن النظام وطالبت العالم بمقاطعته وسحب الاعتراف منه تمهيدا لتغييره، لکن المجتمع الدولي وعوضا من الاخذ بوجهة النظر السديدة للمنظمة بادر وللأسف البالغ الى إتباع سياسة ترضية و مماشاة النظام الايراني والى وضع المنظمة في قائمة المنظمات الارهابية على أمل أن تصبح المنظمة کبش فداء من أجل أن ينتهج النظام الديني سياسة عقلانية ويترك التطرف والارهاب، لکن الذي حدث وجرى هو خلاف ذلك تماما بل وان هذه السياسة الخاطئة والمشوهة قد ساهمت في تحجيم وتحديد و تأطير نضال و کفاح الشعب الايراني من أجل التغيير وأدت الى ترسيخ هذا النظام القمعي وجعله أمرا واقعا على کاهل الشعب الايراني الى إشعار آخر.
منظمة مجاهدي خلق التي تأسست في 6 أيلول 1965، کانت دائما سباقة الى المبادرة وإنتهاج الخطوط السياسية والفکرية الکفيلة بتطوير وإغناء النضال والکفاح الشعبي في إيران من أجل إسقاط النظام، بات العالم کله اليوم يکاد أن ينظر للنظام من تلك الزوايا التي نظرت المنظمة من خلالها، خصوصا وان الانتصارات السياسية المبينة التي حققتها المنظمة وعلى رأسها خروجها من قائمة الارهاب ونجاحها في عملية نقل 3000 آلاف من أعضائها المهددين بالموت في العراق الى البانيا، مثلما لفتت الانظار بقوة الى النضال المرير الذي يخوضه الشعب الايراني من أجل نيل حريته ولاسيما من خلال الانتفاضة الاخيرة التي قادتها المنظمة بإعتراف المرشد الاعلى ذاته، کل ذلك جعل من المنظمة رقما صعبا جدا بات يرعب النظام ويزلزل أرکانه وان مايردده و يزعمه بشأن إنتهاء دورها وفاعليتها على الساحة الايرانية هو مجرد عملية خداع للنفس وإيهامها بأمر لاوجود له في الواقع.