الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاخبار عامةمن شرق الفرات إلى ألمانيا.. درب الآلام الطويل نحو "الجنة" الأوروبية

من شرق الفرات إلى ألمانيا.. درب الآلام الطويل نحو “الجنة” الأوروبية

Kan vara en bild av 14 personer och text

تشهد مناطق شرقي الفرات السورية حركة هجرة غير مسبوقة، تنظمها شبكات عابرة للحدود، فيما يبدو وكأنه إفراغ للمنطقة من سكانها العرب والكرد. وباتت محافظة الحسكة في الآونة الأخيرة مركز تجميع للسوريين الراغبين بالهجرة إلى أوروبا من مختلف المحافظات كدمشق وحلب، وحتى من بعض دول الجوار، كالعراق ولبنان.

ومع أن الغالبية الساحقة من الساعين إلى الهجرة هم رجال بين 18 عاماً و50 عاماً، لا يخلو الأمر من أطفال ونساء وشيوخ، اختاروا السير على درب الآلام الطويل الممتد من شمالي شرقي سوريا وصولا إلى الجنة الأوروبية الموعودة.

مراكز تجميع

يقول محمود الفهد، وهو خريج جامعي في الخامسة والعشرين من عمره، من محافظة دير الزور، ووصل قبل أيام إلى إحدى دول أوروبا الشمالية، إن والده باع قطعة من الأرض كان يمتلكها لكي يوفر له المبلغ المطلوب وهو 11 ألف يورو. وأضاف أن مكاتب التهريب نفسها أصبحت تعرض شراء المنزل أو الأرض مقابل إيصال ولد أو اثنين من العائلة إلى أوروبا.

وقد روى لنا محمود قصته منذ أن وصل إلى ريف الحسكة، حيث رأى في مركز التجميع الذي هيأته شبكة التهريب مئات من السوريين القادمين من دمشق وحلب وحمص وبقية مناطق سوريا الداخلية، إضافة إلى الشباب من محافظات المنطقة الشرقية، الحسكة والرقة ودير الزور، الراغبين بالهجرة.

يواجه اللاجئون السوريون في تركيا غموضا بشأن مستقبلهم وسط مخاوف من أن يصبحوا بيادق في سياسة البلاد المتغيرة، بحسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية.

يقول: “أخذتنا سيارات من منطقة جنوب جبل عبد العزيز، عبر طريق محطة صباح الخير، وصولا إلى المنطقة الفاصلة بين مدينة تل تمر وعين عيسى، مقابل بلدة المبروكة”. ويتابع أن هذه المنطقة تتمتع بنوع من الحياد، كونها منطقة مختلطة السيطرة؛ “فهناك نقاط لجيش النظام السوري، ودوريات روسية جوية وبرية، وهناك نقاط وحواجز لقسد، وبالمقابل هناك نقاط للجيش التركي، ومقرات وحواجز للجيش الوطني (مدعوم من تركيا)، وهي منطقة تقع على طريق حلب – العراق المعروف باسم طريق “إم فور” (m4).

بين مناطق الاشتباك

بعد السير بسيارات مغلقة، تصل مجموعة الراغبين بالهجرة، وتتراوح عادة بين 20 و30 شخصاً، إلى منطقة خالية، شبه صحراوية، حيث يتم إنزال مجموعات المهاجرين ليلاً ليتابعوا سيرهم على الأقدام مسافة تقدر ما بين 30 إلى 40 كم في منطقة خطرة تعد منطقة اشتباك ما بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والنظام من جهة، و”الجيش الوطني” والجيش التركي من جهة مقابلة.

يقول محمود إن “هذا السير الليلي يتسبب بمقتل عدد من الأشخاص نتيجة القنص والاشتباك المتبادل. وعند الوصول إلى ساتر حواجز الجيش الحر، هناك تستقبلهم الحواجز وتفتش بطاقاتهم وأغراضهم ومن تشك به يتم اعتقاله وتحويله للشرطة العسكرية التي غالبا ما تفرج عنه في اليوم التالي، والبقية تكون سيارات المهربين بانتظارهم بعد الحاجز ويتم تحميلهم إلى مدينة رأس العين للمبيت أو الإكمال نحو الشريط الحدودي إذا كان الوضع مناسبا”.

عند الشريط الحدودي هناك خندق وحائط مرتفع، يعد له المهربون سلفا سلالم تسمح بالعبور إلى الجانب التركي بسرعة، وعلى شكل مجموعات. وبعد الحدود بمسافة 100 متر، “تنتظر سيارات لتحميل المهاجرين، من دون أي تدخل من جانب الجيش التركي أو نقاطه الموجودة على الحدود، إلا إذا حصلت مشكلة أو أصوات رصاص، قد تحضر سيارات الجندرما وتمنع العبور”، يقول محمود.

في مدينة أورفا

يقول محمود الفهد إنه ركب في سيارة خاصة مع ثلاثة آخرين من الراغبين بالهجرة إلى مدينة أورفا، جنوبي تركيا. هناك، أودعوا في منزل يشبه السجن، حتى تم تحرير الدفعة الأولى من المبلغ المتفق عليه، والذي يكون غالبا 2000 دولار أميركي.

ومن أورفا، ركب محمود سيارة مع أشخاص آخرين، باتجاه مدينة إسطنبول، التي تشهد تدقيقاً أمنياً على الطريق الدولي، وداخل المدينة. ولذلك يقوم المهربون باعتماد طرق التفافية للوصول، حيث يتم تأمين مبيت المجموعات في إسطنبول في أحياء: غازي عثمان باشا، أو أسنيورت في الجانب الأوروبي، أو جولسيو والعمرانية في الجانب الآسيوي من المدينة.

بعد نزوحها من بلدتها عندان في ريف حلب إلى عفرين، نجحت السورية الخمسينية خديجة عفش، بتأسيس وإدارة مخيم “مركز الفلاح” في الشمال السوري، الذي يضم 128 أسرة نازحة تضم 700 طفل.

يقول محمود: “هذه الأبنية غالبا ما تكون أقبية أو منازل قديمة، تقوم شبكات التهريب باستئجارها أو شرائها وتحويلها لما يشبه الفنادق، حيث يستوعب كل منزل ما بين 15 إلى 20 شخص يومياً. وفي هذه الأثناء، يتم طلب مبلغ 100 دولار أميركي تقريباً من كل شخص؛ لتأمين الاحتياجات اللازمة لطريق الهجرة إلى أوروبا وهي: حقيبة كبيرة، فرشة نوم سفرية تنفخ كالبالون، حقيبة إسعافية، أحذية جيدة، جاكيت مطري، طعام يتكون من تمر، وزبيب، ومعلبات، ومكسرات وخبز، وعدة عبوات من المياه.

مخاطر الترحيل

يلفت محمود النظر إلى أنه “يمنع على المهاجرين التجول في أحياء إسطنبول بسبب التشديد الأمني الواضح لملاحقة من لا يحمل أوراقا نظامية، حيث يتم تجميع عشرات المخالفين يومياً في مدينة إسطنبول التي تضم أكثر من نصف مليون سوري، ويتم نقل المخالفين إلى مديرية الهجرة في توزلا التي تضم سجناً كبيراً يتم إيداع المخالفين فيه.

وبحسب معلومات من المرحلين، فإن الاحتجاز في سجن توزلا لا يستمر أكثر من عدة ساعات، يتم بعدها فرز المقبوض عليهم إلى قسمين: الأول وهم أبناء المحافظات السورية الغربية، يتم ترحيلهم إلى الشمال السوري مباشرة، والثاني وهم غالباً مواليد المناطق الشرقية من سوريا، الحسكة والرقة ودير الزور، حيث يتم نقلهم إلى مخيمات مخصصة في مدينة العثمانية وكهرمان مرعش.

وفي المخيمات المذكورة، على الشخص أن ينتظر بين ثلاثة إلى أربعة أشهر حتى تتم دراسة ملفه الأمني، فيقرر بعدها إما منحه بطاقة الحماية المؤقتة، أو يرحل إلى سوريا، أو إلى محكمة الإرهاب لمن تحوم شكوك حول علاقته مع حزب العمال الكردستاني أو “قسد”.

سالونيك والمرتزقة

يقول محمود إن سيارة نقلته من حي أسنيورت نحو أدرنة، حيث الحدود التركية الأوروبية، وهناك اجتمع مع مجموعة من المهاجرين عددهم 23 شخصاً، نقلهم المهربون بالسيارات حتى قرية حدودية.

ومن هذه القرية، عبروا نهر إيفرس الخطير نحو اليونان، عقبها المشي لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 يوما في الغابات لمسافة أكثر من 200 كم، حتى الوصول لنقاط التحميل التي توجد فيها سيارات توصل إلى مدينة سالونيك اليونانية.

قامت السلطات الأردنية بإصدار تصاريح لما يقارب 47 ألف عامل سوري، 95 في المئة منهم من الذكور.

وعلى الحدود يقول محمود إن مجموعات من المرتزقة، بينهم سوريون وعراقيون وأفغان، تتعاون مع الشرطة اليونانية وتعترض طريق المهاجرين وتقبض عليهم وتعيدهم إلى الجانب الآخر من الحدود مع تركيا.

يقول محمود: “أنا شخصياً عرضوا علي أن أعمل معهم لمدة شهر كوني أتقن اللغة الإنجليزية، ولكني رفضت ذلك، وتمت إعادتي بعد تجريدي من ملابسي إلى الحدود التركية، ولكن شبكة التهريب عادت وسلكت بي طريقاً آخر، لم نتعرض فيه لأي كمين”.

وحسب محمود، فإن مدة العمل مع هذه المجموعات لا تتجاوز شهرا واحدا، يأخذ “المرتزق” بعدها ورقة تسمى “الخارطية”، وهي تشبه إقامة مؤقتة تسمح لحاملها بالعبور إلى أوروبا الشرقية بشكل نظامي.

نحو أوروبا الغربية

يقول محمود: “من يصل بسلام إلى سالونيك، يتم تأمينه في منازل تشبه منازل المهربين في إسطنبول، بانتظار تأمين سيارة توصله إلى ألبانيا، ومن ألبانيا هناك مسافة سير قصيرة على الأقدام، ثم ركوب سيارات توصل المهاجرين إلى صربيا، ثم إلى هنغاريا، ثم إلى التشيك، وأخيراً الوصول إلى ألمانيا، ومن هناك بالإمكان الإكمال إلى هولندا أو بلجيكا أو البقاء في ألمانيا”.

ويقول إنه شخصياً قبض عليه على الحدود الألمانية وأعيد إلى براغ، ولكن يضيف أن دول أوروبا الشرقية تقدم التسهيلات عادة لعبور اللاجئين إلى ألمانيا للخلاص منهم.

تستغرق رحلة الهروب ما بين 20 يوماً إلى شهر في أحسن الأحوال، وتكلف بين ثمانية آلاف إلى 11 ألف دولار للشخص الواحد.

مكاتب تشييك الأموال

يتم إيداع الأموال كاملة في مكاتب “التشييك” في إسطنبول أو القامشلي، مع “كود” خاص، ولا يتم تحرير المبلغ إلا عبره، وفي كل مرحلة يقوم المهرب بتصوير الشخص مع معلم من معالم المدينة الجديدة لتحرير مبلغ جديد.

ويلاحظ محمود أن شبكات التهريب تملك إمكانيات تواصل عابرة للحدود، من سوريا إلى ألمانيا، وهي ذات تنسيق عالي المستوى. وبحسب تقديراته، فإن “مكاتب التشييك” تتداول يومياً بمبالغ تصل إلى مئات آلاف الدولارات.

أما مراحل تحرير المبلغ فهي كالتالي: من الحسكة إلى أورفا أو إسطنبول تقريبا 2000 دولار أميركي، ومن إسطنبول إلى سالونيك حوالي 2400 يورو، ومن سالونيك إلى صربيا 1300 يورو، من صربيا إلى التشيك 2500 يورو، ومن التشيك إلى المانيا 3200 يورو.

ارفع صوتك

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular