بدأت الخلافات والانتقادات تضرب معسكر حلفاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد القرارات التي اتخذها “زعيم الكرملين”، خلال الأيام الماضية.
وفي تصريحات مساء الخميس، انتقد زعيم الشيشان، رمضان قديروف، الذي يعد أحد كبار حلفاء بوتين العسكريين بشدة صفقة تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، مؤكدا أنه “مستاء للغاية”، وفقا لتقرير لموقع “بيزنس أنسايدر“.
وأعلنت كييف، مساء الأربعاء، الإفراج عن 55 أسير حرب مقابل إفراج روسيا عن 215 أسيرا، في صفقة تبادل هي الأضخم بين الجانبين منذ بدء النزاع وشملت خصوصا عشرة أجانب قاتلوا إلى جانب القوات الأوكرانية وقادة في الكتيبة التي دافعت عن مصنع آزوفستال للصلب، وفقا لـ”فرانس برس”.
قديروف مستاء
واعترض قديروف على الصفقة، بعد إفراج موسكو عن حوالي 100 جندي من كتيبة آزوف الأوكرانية المثيرة للجدل والتي وصفت موسكو أعضائها سابقا بـ”النازيين الجدد”.
وفي الأشهر الأولى من الحرب، اشتبك الجنود الشيشان الذين تم تجنيدهم لمساعدة الجنود الروس مع مقاتلي آزوف الأوكرانيين في ماريوبول بينما احتل الروس المدينة لفترة وجيزة، وفقا لـ”بيزنس أنسايدر”.
وفي منشور على حسابه بموقع “تليغرام“، وصف قديروف مقاتلي آزوف بأنهم “إرهابيون”، قائلا إنه “غير سعيد للغاية بأخبار صفقة تبادل الأسرى”.
وأضاف “الوضع برمته ليس له معنى حتى بالنسبة لي، كلما تم اتخاذ قرارات قتالية أو تكتيكية، كانوا (القيادة الروسية) يتشاورون معنا دائما، نحن المشاركين في العملية العسكرية الخاصة، ولكن الآن …”.
وكتب قديروف في رسالته “تسليم حتى واحد من هؤلاء الإرهابيين في آزوف كان يجب أن يكون غير وارد”، لكنه أكد أنه “سيواصل تنفيذ أوامر بوتين”، وفقا لما نقل بيزنس أنسايدر.
موسكو تخسر الأصدقاء
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تحليل لها إن روسيا “بدأت تفقد المزيد من الأصدقاء”، وخصوصا بعد إعلان موسكو بإجراء استفتاء بشأن انضمام “أربع مناطق أوكرانية محتلة” إلى روسيا، ما أثار حفيظة تركيا والهند والصين..
بدأت، الجمعة، “استفتاءات” الضم في المناطق الأوكرانية الخاضعة بشكل كامل أو جزئي لسيطرة روسيا، وفق ما أفادت وكالات أنباء روسية، في خطوة اعتبرتها كييف والدول الغربية “صورية”.
ومن المقرر أن يستمر التصويت الذي بدأ عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش، حتى 27 سبتمبر الحالي في منطقتَي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا (شرق) وفي منطقتَي خيرسون وزابوريجيا الخاضعتين لسيطرة الروس (جنوب)، في خضم الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
وتوعدت الرئاسة الأوكرانية “بالقضاء” على التهديد الروسي بينما قارنت وزارة الدفاع تلك الاستفتاءات بـ”آنشلوس”، في إشارة إلى ضم النمسا إلى ألمانيا النازية في عام 1938.
تركيا مصدومة
نددت وزارة الخارجية التركية، الأربعاء، بمخطط روسيا “غير الشرعي” لإجراء استفتاء يهدف الى ضم أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها القوات الروسية.
وقالت تركيا، التي كانت في قلب الوساطة بين الغرب وروسيا إنها “قلقة من محاولات إجراء استفتاءات أحادية الجانب”.
وأكدت أن “المجتمع الدولي لن يعترف بهذا الأمر الواقع غير المشروع”، معتبرة أن الإجراءات الروسية “ستعقد الجهود الهادفة لتنشيط العملية الدبلوماسية وتعمق عدم الاستقرار”.
في إفادة صحفية في نيويورك قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إنه “كان يدعم دائما وحدة أراضي أوكرانيا”.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تمكنت تركيا من جمع ممثلين عن روسيا وعن أوكرانيا مرتين على أراضيها.
وفي يوليو، لعبت أنقرة دورا رئيسيا في إبرام اتفاق بين كييف وموسكو، برعاية الأمم المتحدة، يسمح باستئناف تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود ومضيق البوسفور.
والتقى إردوغان بوتين ثلاث مرات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، واتهم الغربيين في بداية سبتمبر بارتكاب “استفزازات” بحق موسكو.
وحتى مع تزويد أنقرة كييف بـ”مسيرات عسكرية”، رفضت الحكومة التركية الانضمام إلى معسكر الدول الغربية التي تفرض عقوبات على موسكو.
نفاذ صبر الهند
تستشهد “الغارديان”، بتصريحات رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، التي تكشف نفاذ صبر دلهي تجاه “الممارسات الروسية”.
وفي أول اجتماع مباشر بينهما منذ غزت قوات موسكو أوكرانيا في فبراير، قال مودي لبوتين على هامش قمة إقليمية، الجمعة، “الآن ليس وقت الحرب”، وفقا لـ”فرانس برس”.
ووصف السفير الهندي السابق لدى روسيا، بانكاج ساران، تصريحات مودي بأنها “صريحة للغاية” عبر قوله إن الأزمة الأوكرانية “شغلت العالم بأسره وتسببت بمشكلات بالنسبة للعالم النامي”.
وقال ساران “كانت تلك رسالة قوية لروسيا.. توصيته كصديق وموقف الهند هو أنه يتعين حل المسألة عبر الحوار والدبلوماسية حصرا”، وفقا لـ”فرانس برس”.
وترتبط نيودلهي وموسكو بعلاقات تاريخية تعود إلى حقبة الحرب الباردة، بينما لا تزال روسيا أكبر مزود للأسلحة إلى الهند.
ومنذ بداية الحرب، حضت الهند على وقف “الأعمال العدائية في أوكرانيا” لكنها تجنبت إدانة روسيا بشكل صريح على خلفية الغزو الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط ومواد أساسية أخرى.
موقف صيني غامض
وخلال الفترة الماضية أصدرت الصين التي تعد أكبر حلفاء روسيا، بيانات “غامضة ومفتوحة للتفسيرات المتناقضة”، حول تطورات الأوضاع في أوكرانيا، وفقا لتحليل “الغارديان”.
وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي حول تطورات الأزمة في أوكرانيا، الخميس، قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي إن، إن “الأولوية لاستئناف الحوار دون شروط مسبقة وأن يمارس الجانبان ضبط النفس وليس تصعيد التوتر”.
وأضاف أن “موقف الصين من أوكرانيا واضح، ويجب احترام سيادة كل الدول وسلامة أراضيها، كما يتعين أخذ المخاوف الأمنية التي لها مبررات لجميع الدول على محمل الجد”، وفقا لـ”رويترز”.
ودعت الصين، الأربعاء، إلى “وقف لإطلاق النار عبر الحوار والتشاور”، بعدما أعلن بوتين “التعبئة الجزئية لاحتياطي الجيش الروسي”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانع وينبين، في مؤتمره الصحفي الدوري “ندعو كل الأطراف المعنيين إلى وقف لإطلاق النار عبر الحوار والتشاور، وإيجاد حل يراعي المخاوف الأمنية المشروعة لكل الأطراف في أسرع وقت ممكن”.
وأكد أن الصين تشدد على “وجوب احترام سيادة ووحدة أراضي كل البلدان، والتقيد بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة المخاوف المشروعة لكل البلدان بجدية، ودعم كل الجهود الرامية لإيجاد حل سلمي للأزمات”.
ومنذ فبراير، لم تؤيد بكين ولم تنتقد علنا الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما أعربت مرارا عن دعمها لموسكو في مواجهة العقوبات الغربية.