الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeاراءعلماء الاجتماع والاقليات / الايزيدية نموذجاً : خالد علوكة

علماء الاجتماع والاقليات / الايزيدية نموذجاً : خالد علوكة


دأب علماء الاجتماع الى تشخيص واقع المجتمعات بشكل منطقي ودقيق وشامل نخص منهم بالذكر ابن خلدون في مقدمته المشهورة – مقدمة ابن خلدون – كتبها قبل سبعة قرون حيث تنبأ بسقوط الدول معللاً اسباب ذلك في : الترف ، وثانيها على مايبدو يكون في الاستبداد والانفراد بالمجد ، ويعود له الفضل في وضع الفلسفة الاجتماعية في قالب علمي .
وقد امتاز بن خلدون بميزتين :
1- درس المجتمع دراسة واقعية غير وعظية وسبق في زمانه ب 5 قرون .
2- افضل من درس مجتمعه فيما جرى عليه من صراع بين البداوة والحضارة .
ويغرد عالم الاجتماع العراقي د.علي الوردي على النقطة الثانية بانه ( من النادر ان نجد دولة تنشأ في الحياة البدوية او البدائية ) . كون الدولة لاتنشأ الا في مجتمع ينتج اكثر مما يستهلك ، ويظهر ضعف قيام دولة العراق اليوم مرتبط بهذا رغم الوفرة المالية .
وابن خلدون يقول : (بان النزعة البدوية تتنافس على الرئاسة وذهب بان هذه الصفة تجعل البدو غير صالحين لحكم البلاد المتحضر أذ تؤدي الى تعدد الحكام منهم والامراء ) ولعل ايضا وضع العراق اليوم مثالنا في ذلك .
و الاجتهاد في قراءةعلم الاجتماع ولكل ظاهرة يستمد جذوره من نظرية ابن خلدون عالم الاجتماع الاشهر عربيا وعالميا ومؤسس علم الاجتماع. ولايقف علماء الاجتماع في كل امر عند رأي نهائي بذلك .
وابن خلدون ود. علي الوردي من اشهر علماء الاجتماع العرب ومن الاجانب نرى كارل ماركس وغوستاف لوبون واميل دوركايم .
علم الاجتماع والايزيدية : –
يتسم علماء الاجتماع بالواقعية في طرحهم وتحليل مجتمعاتهم اضافة الى قول الحق مما تعرضوا للكراهية والمعادات من قبل اكثرالسياسين.
ولو نظرنا الى المؤرخ وعالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي تولد 1913- 1995م من سكنة الكاظمية. بانه اول من ابدع في وصف حال المجتمع العراقي بكل سلبياته وتقييمه لها مما اعتبر اول من ترجم واقع المجتمع على حاله .وله مؤلفات بذلك منها كتاب وعاظ السلاطين لعام 1954 وكتاب مهزلة العقل البشري صدر عام 1955 وله كتب اخرى ذكر فيها الايزيدية في اكثر من صفحات هذين الكتابين مما يلفت النظر بايجاب تقييم حالهم حتى لو كان له اشارات اخرى .
في ص 64 في كتاب وعاظ السلاطين يقول (كيف اتهم الايزيدية بعبادة ابليس وتركوا الله وحجتهم في ذلك ان الله يحب الخير بطبيعته فلا حاجة لاسترضائه او عبادته ، اما ابليس فهو مجبول على الشر وهو اذن أولى بالعبادة والاسترضاء في نظرهم، نحن نسخر من عقيدة الايزيدين هذه – وما درينا اننا جميعا يزيديون من حيث لاندري ).
المشكلة حسب هيجل لو نظرنا للاضداد لرأينا – إن كل شئ يحتوي على نقيضه في صميم تكوينه – مهما كان رأينا في هذه العبارة للوردي اعلاه فان تشبيهه وارد فقط في تحليله ، وفي الفقرة الاخيرة تطابق قول الامام علي في كتاب نهج البلاغة لابن حديد : ((لا تَسُبَّنَّ إِبْلِيسَ فِي العَلانِيَةِ وَأَنْتَ صَدِيقُهُ فِي السِّرِّ)) .
فيما نجد اجحافا ورفضاً في مفردة العبادة له ، كون الخير والشر وابليس والكون كله لهم خالق واحد الله اجدر بالعبادة من غيره ، وجٌمل ولون رأيه الوردي بكونهم جميعا يزيديون من حيث التشبه لابليس وهم غفلة عن ذلك . اضافة الى ان الوردي نفسه ذكر بان ( الفكرة اذا تغلغلت في اللاشعور صعب اقتلاعها من الجذور ) . ويمكن اعتبار النظره اذا تغلغلت بدل الفكرة افضل لنا .
يذهب بنا د. علي الوردى الى كتابه مهزلة العقل البشري ص 37 و38 الى (( فتوى ابو سعود العمادي مفتى الاسلام في عهد السلطان سليمان القانوني ضد اليزيدية والتى حلل فيها ذبح الايزيدين على المذاهب الاربعة وسبي نسائهم وبيعهم كاسرى في سوق المسلمين ، وكيف انه ذبح 100 الف مما كانوا على عقيدة غير العقيدة التى نشأ هو عليها ثم جعل من جماجم هؤلاء القتلى منارة عالية صعد عليها مؤذن يصيح باعلى صوته ( لااله إلا الله ).
ويضيف الوردي – انه قد فرح الوالي بهذا النصر الذي اتمه الله على يده طبعا وخيل اليه القصور الباذخة في جنه الفردوس جزاء هذه المذبحة الرائعة التي قام بها وغضب الوالي عليهم لاتهامهم بعبدة ابليس ونسى انه لوكان قد نشأ في قرية ايزيدية من ابوين ايزيدين مثلهم لكان يعبد مايعبدون .
ويستطرد الوردي ان هذه الفتوى الغاشمة تصلح ان تكون نموذجا رائعا لاسلوب المنطق القديم في التفكير ولايبالي اصحاب هذا المنطق بما يقول الفريق الاخر فقوله في نظرهم مغلوط من اساسه ولاحاجة لهم في نقاشه )).
الجيد في الفتوى لدى الوردي اعتبرها فتوى غاشمة ، رغم حدوثها في كل زمان ومكان على الايزيدية ضمن الفرمانات المتكررة ولايمكن لله ان يدخل احد في جنه او نعيم لكونه يكفر ويقتل الاخرين بحجةعدم الايمان كون الله يغير ما بالنفوس من داخلهم وهو الخالق القادرعلى ذلك وخلق الله الحياة ولم يفوض أحد بها لان تفويض الله لانسان تنفي عنه صفة الكمال والقدرة .
ونقرأ ص 157 من كتاب المهزلة بان فيثاغورس كان من اتباع الديانة الاورفية القديمة {وهي من أبرز ديانات الأسرار القديمة في بلاد اليونان ، واسمها نسبة إلى شخص اسمه اورفيوس التراقي- الثراكي }. ويضيف د. الوردي ((ولو درسنا هذه الشعائر التى كانت تسود المذهب الفيثاغورسي في ايام افلاطون لوجدنا فيها شبها عجيبا بشعائر النحلة اليزيدية في عصرنا هذا، قاصدا الممنوعات في المذهبين اضافة الى ماحدث بعد موت فيثاغورس وكذلك ربطه بموت الشيخ عدي بن مسافر ، وقال عن غلو اتباع فيثاغورس لم يمنع افلاطون من الاعجاب بهم والشغف بمبادئهم .)) مما يذكر ان افلاطون وفيثاغورس من مؤيدي تناسخ الارواح واعتمده فيثاغورس على العدد.
ولو رجعنا قليلا الى ص 27 من كتاب المهزلة ذكر الوردي بان ( فقهاء الايزيدية استراحوا حين حرموا على اتباعهم القراءة والكتابة فالقراءة قد تدعو الانسان اول الامر الى قراءة الكتب والادعية المستحبة لكنها تدفعه تدريجيا نحو قراءة شئ آخر والخطر كل الخطر في قراءة الشئ الاخر ).
ربما نتفق معه لفترة بمنع القراءة والكتابه في اول الامر وذلك كون الايزيدية ديانة صوفية باطنية غير تبشيرية لاتأبه بمعرفة الاخر بها والانتشار وتؤمن بعلم الصدر الباطني وتطمر السر في سلوكها وعبادتها لله وحده . ولو رجعنا قليلا فان منع القراءة والكتابة قد حدث لكثير شعوب واديان اول امرها لكن التقدم والعلم الكتابي تغلب بمواكبة عصر العولمة .
واني ارى فائدة من ذلك المنع لما يحدث اليوم لابناء الايزيدية في هذا المجال فقد اصبح النشر والكتابة مباحا للجميع دون ضوابط والتزام بالقيم الاخلاقية والمعرفية والمصداقية.
واكثر ماجلب الانتباه والحذر مانشر مؤخرا على برنامج حقائق الاديان من التجنى علينا من قبل بنى جلدتنا وثم تغيب دور واهمية الخاسين واولياء الازيدية ونفي دورهم الكبير بالحفاظ والبقاءعلى المكون الايزيدي لهذا اليوم . وكذلك ماينشر مؤخرا من كتب وبعض مقالات هدامة قد تسير باصحابها للهاوية وقد حدث وسوف يلاقي الاخرون نفس المصير ، كون الثوابت من معتقد وعادات وتقاليد مكون اساس للدين الايزيدى ولايمكن المساس بها .
فكيف نقول نحن اقدم الاديان ثم نرجع لنربط او نشابه ديانتنا بالمثرائية والزرادشتية وغيرها نحن موحدون بالله لاعلاقة لنا بالوثنية وثنائية الالهين ، وعندما تسأل الكاتب او المؤلف من هو الاقدم الايزيدية ام المثرائية او الزرادشتية ؟ ليقول لك نحن الاقدم اي الايزيدية !! ونسى نفسه وعقله كيف يجعلنا أقدم ثم يقول نحن امتداد لهم كانهم قبلنا واراه جهل مطبق بما يكتب البعض من اتباع خالف تعرف او كثرة جدل وقلة عمل !!.
بل ان كٌتب وكتابات البعض الايزيدى خطيرة على الايزيدية اكثر من كتب أحمد تيمور والدملوجي وعبدالرزاق الحسيني !! لانها من داخلنا جاهلة بما عندنا ومن فمك ادينك، وهو فرمان صغير يكبر رويدا ليصل مستوى هجمة داعش في ابادة سنجار و قرية كوجو الشهيدة الجريمه التى لاتشفى فينا مهما طال الزمن ((وآسف على تشبه )) قيم وتضحية اهل قرية كوجو المغدورين بهؤلاء الناشرين الصغار والقصد تم ابادة قرية كوجوعن بكرة ابيها في منطقة وناس معدودين من ديارنا رحمهم الله باخذ حقوقهم .
بينما ناشري اليوم يحاولون ابادة جموع الديانه الايزيدية في كل قرية ومدينة وحارة ايزيدية من خلال النشر المقيت المفرق للاحوال بما يبغي هدم الطبقات والحد والسد والقيم الثابته المتعارف عليها منذ الازل والتشكيك بالقول والسبقات التى بقيت راسخه فينا حافظ عليها آبائنا واجدادنا بقلب وروح وضاءة وعقل راجح وفهم صائب ، ومن اجل بقائنا وجدت ووضعت صالحة لكل زمان ومكان . وكما انه كلما ابتعدت الاشياء عن اصلها ومصدرها الاول زدنا نقصا وارتباكا وضياعا نهائيا… والحفاظ على العلم والنص الازيدي افضل من كل شئ ومن المال ، لان المال انت تحرسه والعلم يحرسك .
والله من وراء القصد .
سبتمبر/ 2022م

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular