تعود الحياة التشريعية من جديد الى مبنى مجلس النواب بعد عقد اجتماعات ومشاورات لاول مرة منذ تعطيل البرلمان واقتحامه من قبل المحتجين من انصار التيار الصدري خلال الشهر الماضي وما تبعه من احداث متعددة حتى انتهاء الاعتصام المفتوح وتحرك القوى السياسية لاستئناف جلسات مجلس النواب تمهيدا لتشكيل الحكومة الجديدة.
وبعد اجتماع عقد في البرلمان بين المرشح من قبل الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة الجديدة محمد شياع السوداني وعدد من النواب جرى خلاله مناقشة البرنامج الوزاري، بدأت رئاسة البرلمان بعقد اولى الاجتماعات من اجل مناقشة استمرار العمل التشريعي للمجلس.
ضرورة استكمال الاستحقاقات
وخلال اجتماع داخل القاعة الدستورية في البرلمان، أكد نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله، يوم الأربعاء (22 ايلول 2022)، ان الخلافات السياسية وعدم إستكمال الإستحقاقات الدستورية أثرت على عمل مؤسسات الدولة.
وقال عبد الله بحسب بيان لمكتبه، انه “جرى مناقشة ضرورة إستمرار المهام وتمكين المستشارين من ممارسة الأعمال الموكلة إليهم وتوفير مايحتاجونه من الدعم والمساندة، وتوحيد الجهود ومتابعة قياس الأثر التشريعي وعرض التقارير والمقترحات على اللجان النيابية”.
وأكد أن “الإجتماعات بين رئاسة المجلس والمستشارين سيستمر بشكل دوري”، مشيرا الى ان “الخلافات السياسية وعدم إستكمال الإستحقاقات الدستورية قد أثرت على عمل مؤسسات الدولة”.
وشدد على ضرورة “تجاوز المرحلة وإستمرار العمل وبالأخص المستشارين لتقديم الخدمات والمشورات القانونية والتوصيات المهمة، فضلاً عن أهمية إعداد الدراسات والبحوث والمقترحات المقدمة من قبل المستشارين والإستفادة منها في الجانبي التشريعي والرقابي”.
وعودة عمل مجلس النواب قد تشير الى ملامح قرب انعقاد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد وتكليف رئيسا للوزراء خاصة بعد انفتاح الحوارات بين القوى السياسية في البيت الكردي والحديث عن اتفاق غير معلن على شخصية مرشحة لتولي منصب الرئيس قد تكون من غير الاسماء التي طرحت سابقا للاعلام.
بينما لم تتضح ملامح حل الازمة بين القوى السياسية الشيعية على الرغم من تحضير وفد سياسي للذهاب الى النجف ولقاء زعيم التيار الصدري لحلحلة الخلاف السياسي.
الحنانة تطرح خارطة الطريق
ومع قرب موعد اللقاء المرتقب بين رئيس اقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف الفتح هادي العامري مع الصدر في الحنانة، يرجح مراقبون ان هذا اللقاء قد يطرح خارطة طريق لانهاء الانسداد السياسي تتمثل بتشكيل حكومة محددة بفترة زمنية وتحضر لاجراء انتخابات جديدة.
ويقول استاذ العلوم السياسية حيدر حميد في حديثه لـ “المطلع”، ان “اللقاء الذي سيجمع الوفد التفاوضي مع زعيم التيار الصدري مقتدى في الحنانة ربما سيخرج بطرح خارطة طريق لحل الازمة السياسية”، مبينا ان “الخارطة تتمثل بتشكيل حكومة وفق الاستحقاقات الدستورية ابتداء بحل البرلمان ودعوة التيار الصدري للمشاركة في اللجنة التي ستتولى موضوع تعديل قانون الانتخابات”.
ولفت حميد الى ان “التيار الصدري لا يثق بحكومة يشكلها الاطار التنسيقي وبالتالي قد يطرح خيارا اخر يتمثل باختيار شخصية غير جدلية يتم التوافق عليها لتشكيل الحكومة الجديدة وان تكون الحكومة لا اطارية ولا صدرية”.
وبين ان “التيار الصدري لا يرفض تشكيل الحكومة بالوقت الحالي لكنه يريد حكومة وفق شروط هو يطرحها واهمها ان تكون الحكومة لمرحلة انتقالية وفترة محددة تمهيدا لاجراء انتخابات جديدة”.
واردف ان “ذهاب الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة وكسر ارادة التيار الصدري يعني اختلال التوازن السياسي وبالتالي قد يحرك التيار قواعده الشعبية وكيف لحكومة ان تعمل وسط ضغط شعبي خاصة وان الاطار يعد بتشكيل حكومة خدمية”.
الحل بتشكيل حكومة توافق
على جبهة موازية، يبدأ السوداني تحركه لاختيار كابينته الوزارية حيث تفيد مصادر بان المرشح لرئاسة الحكومة اكمل نحو 80 بالمئة من كابينته الوزارية واختار وزراء حكومته.
في الوقت ذاته، لا تزال الاسماء المختارة غير معلنة للاعلام على الرغم من التسريبات التي نشرتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي حيث نفاها السوداني جملة وتفصيلا، كما انه اكد ان اجتماعه بالنواب كان لمناقشة قضايا البلد ومتابعة المنهاج الوزاري.
وتؤكد النائب السابق صون جابوك في تصريح لـ “المطلع”، ان “الاجتماع الذي حصل بين مرشح رئاسة الوزراء محمد شياع السوداني والنواب في مبنى البرلمان بحث تشكيلة الحكومة والبرنامج الوزاري”، مضيفة ان “اطلاع النواب على البرنامج الحكومي للحكومة الجديدة امر ايجابي ومهم”.
وتابعت انه “يجب تشكيل حكومة بتوافق الجميع من اجل التهدئة ومصلحة الشعب العراقي خاصة وان هناك قانون موازنة يحتاج الى تصويت البرلمان”.
واشارت الى ان “من الضروري اخذ رأي التيار الصدري في تشكيل الحكومة وعدم وضعه في زاوية ضيقة حتى لا تحصل الفوضى”، موضحة ان “هناك اطراف خارجية تحاول استغلال الخلاف بين التيار والاطار والانسداد السياسي لخلق فوضى في العراق من اجل مصالحها”.
واكملت ان “الوفد السياسي الذي سيذهب الى الحنانة للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هو جاد في حلحلة المشاكل”.
وعلى الرغم من اصرار الاطار التنسيقي على مرشحه لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني وتأكيده ضرورة تشكيل حكومة توافقية، لا تزال بعض الاطراف من داخل الاطار تمسك بحبل التقارب مع الصدر وترى ان المضي باستكمال الاستحقاقات دونه غير مقبول، حيث تتخوف بعض القوى من عودة مشهد الصدام المسلح الذي شهدته العاصمة خلال الفترة الماضية.