منذ ما يربو على عقد من الزمان أو اكثر قليلاً , بدأت تظهر الاحزاب اليمن الاوروبي المتطرفة , تأتي من الحديقة الخلفية والهامشية الى الواجهة السياسية المتقدمة والى التنافس الانتخابي . وبدأت تملك القوة والنفوذ المتصاعد في تغيير الخريطة السياسية , وأصبحت تهدد احزاب اليسار والوسط واليمين المعتدل . وأخذت تصعد نحو القمة بطفرات كبيرة وتحوز النجاحات الكبيرة في الانتخابات التشريعية . ان هذه الاحزاب وريثة الفاشية الجديدة في أوربا , التي طمرت منذ الحرب العالمية الثانية , وتظهر مجدداً خلال هذا العقد المنصرم , في أحياء نشاطها السياسي والشعبي , وتنجح في التنافس في النتائج الانتخابية التشريعية , وتتسلم مقاليد الحكم من الأحزاب الأوروبية التقليدية . وتصبح احزاب حاكمة كما حدث في هنغاريا وبولندا والسويد . وجاء الدور على إيطاليا اليوم , لتقع في احضان اليمين المتطرف , العنصري المعادي للهجرة والمهاجرين .
ان المناخ السياسي السائد في أوربا نتيجة الازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها , تؤهل أحزاب اليمين المتطرف ان تأخذ زمام المبادرة , في التعهد في الانقاذ والانفراج في الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها أوروبا في هذه الظروف الحرجة . وتروج في دعايتها الانتخابية والسياسية , بأنها ستنقذ البلاد من العبء الثقيل في تدفق الهجرة والمهاجرين , وهي تحملهم المسؤولية الكبيرة في الازمة الاقتصادية والمعيشية , وتتعهد في انقاذ البلاد من جرائم وارهاب اللاجئين , واستهتارهم بالمجتمع الأوربي ثقافته وطابعه الاجتماعي , من السلوك الشاذ والشائن من بعض المهاجرين في فرض ثقافته وعقليته السلفية على المجتمع الأوربي .
والأحزاب اليمينية المتطرفة تحمل لواء العداء للهجرة والمهاجرين . وما حدث في ايطاليا باكتساح نتائج الانتخابات التشريعية جاء كشيء طبيعي ومنطقي , في الحزب اليميني المتطرف الايطالي ( إخوة إيطاليا ) بقيادة زعيمته ( جورجيا ميلوني / 45 عاماً ) قد حصل في الانتخابات التشريعية السابقة على 4% من أصوات الناخبين , طفر في الانتخابات التشريعية الحالية الى 26,44% من أصوات الناخبين هذا الفوز الساحق يؤهل زعيمته ( جورجيا ميلوني ) أن تصبح أول امرأة في إيطاليا تتولى منصب رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة من أحزاب اليمين المتحالف معها .
أن زعيمة حزب ( إخوة إيطاليا ) متأثرة بأفكار موسوليني الفاشية ومعجبة به , وهي تحمل لواء الفاشية الجديدة . وقد مارست مختلف الأعمال والنشاطات الحياتية قبل ان يصعد نجمها السياسي , وأن تصبح عضوة برلمان ووزيرة الشباب في حكومة ( برلسكوني ) فقد بدأت عملها الحياتي من بائعة الخضار في سوق شعبي , الى ساقية في حانة , الى مربية الاطفال .الى من المؤكد أن تتولى رئاسة الوزراء . وتعهدت بأنها ستغلق ابواب إيطاليا في وجه الهجرة والمهاجرين براً وبحراً , وكذلك ستنظف إيطاليا من المهاجرين بترحيلهم الى بلدانهم , عكس بريطانيا التي تنوي ترحيل اللاجئين الى رواندا .
ان سياسة العداء للهجرة والمهاجرين أصبحت مقبولة في المجتمع الأوربي , ويفكر بأي طريقة التخلص منهم , بعدما كان يستقبلهم في الماضي بترحاب ويمنحهم التسهيلات في الإقامة والعمل والسكن والمعونة الشهرية . لكن الجماعات الاسلامية السلفية والمتطرفة , أساءت الى هذه المساعدات الانسانية وتسهيلات اللجوء , وبدأت تفرض ثقافتها السلفية والمتطرفة والإرهابية على المجتمع الأوروبي , وأصبحت منبوذة من المجتمع الأوروبي برفض تدفق الهجرة والمهاجرين , وأحزاب اليمين المتطرفة والعنصرية , استغلت هذا المناخ السائد لصالحها , بعدما كانت في الماضي هامشية ومنبوذة بسبب افكارها الفاشية , أصبحت اليوم المنقذ في أوروبا , بعد يأس المجتمع الأوروبي من أحزاب اليسار والوسط واليمين المعتدل وخاب أمله فيها في حل معضلة الهجرة والمهاجرين . تأتي هذه الأحزاب اليمين المتطرف كالبديل المناسب لحل الازمة , وان اوربا آجلاً أم عاجلاً ستسقط في احضان اليمين المتطرف الأوروبي .