غالبية سكانه من العراقيين
يسلط تقرير نشره معهد واشنطن الضوء على مرافق اعتقال بقايا تنظيم داعش من بينها مخيم الهول في سوريا بعد أن حاولت خلية تابعة للتنظيم تنفيذ هجوم انتحاري استهدف مخيم الهول للنازحين في شمال شرق سوريا قبل أسبوعين قائلاً “لا يزال داعش يملك طموحات كبيرة للعودة إلى السلطة في جميع أنحاء سوريا والعراق عبر مهاجمة السجون والمعتقلات”.
ويضيف التقرير الذي تابعه “ناس” (3 تشرين الأول 2022) أنه يستلزم تحقيق جزء من هدف العودة لداعش حث الأعضاء والجهات التابعة مراراً وتكراراً على مهاجمة السجون والمخيمات في أنحاء المنطقة كافة من أجل تحرير الرجال والنساء والأطفال المرتبطين بالتنظيم إذ “يُعتبَر هؤلاء المعتقلين في غاية الأهمية” فيما يتعلق بنشر أيديولوجية التنظيم وتحسين نجاحه العملياتي، وتسهيل عودته في المستقبل.
وكشف التقرير إقامة نحو 55000 شخص في مخيم الهول، وهو يكمن في صلب المجادلات المتعلقة بسياسة الاحتجاز لأجل غير مسمى التي طُبقت على مرافق مماثلة ضمنياً. وقد شددت هذه النقاشات على وجه التحديد على دور النساء والقاصرين المرتبطين بتنظيم داعش، حيث تشكل النساء غالبية السكان البالغين في المخيم، وتقدر الحكومة الأمريكية أن ما يقرب من نصف جميع الأفراد المحتجزين هناك تقل أعمارهم عن اثني عشر عاماً.
وفيما يتعلق بدولة المنشأ، ذكر التقرير تشكل النساء والأطفال العراقيون أكبر مجموعة من الأجانب المحتجزين في المخيم، ويُقدَّر عددهم بنحو 25000 شخص. كما يضم مخيم الهول حوالي 2000 إمرأة و 8000 قاصر من 57 دولة أخرى. ويأتي باقي المعتقلين من سوريا.
وتأوي المخيمات والسجون الأخرى المنتشرة في سوريا والعراق بحسب التقرير ما يُقدَّر بنحو 10 آلاف أجنبي. وإذا أُضيف إليها مخيم الهول، يعني ذلك أن حوالى 43 ألف أجنبي من المنتسبين لتنظيم «الدولة الإسلامية» لا يزالون قابعين في هذه المرافق، حيث ينتمون إلى ما يقرب من ستين دولة من بينها العراق. وغالبية هؤلاء الأفراد هم من النساء والقاصرين.
وأشار التقرير إلى هجوم عناصر من تنظيم داعش مطلع 2022 سجن غويران في شمال شرق سوريا لإطلاق سراح أفراد مرتبطين بالتنظيم. وكما أشار مسؤول مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، يان موس، في تموز/يوليو، “أوضح الهجوم أننا لا نستطيع أن نفصل بشكل مصطنع قلقنا بشأن قضايا التشرد والاعتقال عن السياق السياسي الأوسع نطاقاً في شمال شرق سوريا.. وأظهرت أدلة مقاطع الفيديو التي التُقطت أثناء الهجوم أن قاصرين أجانب من الذكور كانوا محتجزين في مناطق من السجن إلى جانب رجال بالغين، مما زاد من فرص التجنيد والتلقين والاستغلال.
ويضيف التقرير تجلي قدرة التنظيم على العمل داخل مرافق الاعتقال على أفضل نحو من خلال الوضع السائد في مخيم الهول. فقد أصبح هذا المخيم مرتعاً لنشاط تنظيم داعش، حيث يدير التنظيم محاكم دينية، ويراقب النساء والأطفال، وينقل أيديولوجيته إلى الجيل القادم. كما يتفشى النشاط الإجرامي، حيث أحصت “منظمة الصحة العالمية” 85 حالة وفاة في الهول العام الماضي بسبب الجرائم وحدها.
و نفذت «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد عملية أمنية استمرت أسبوعين في آذار/مارس 2021، واعتقلت 125 فرداً تابعين لتنظيم داعش. لكن بينما تسبب هذا الجهد في تراجع فوري في نشاط داعش داخل المخيم، تمكّن التنظيم منذ ذلك الحين من استعادة موطئ قدمه هناك. ووفقاً لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، قتلت عناصر تنظيم داعش والجماعات التابعة له أربعة وأربعين شخصاً من السكان والعاملين في المجال الإنساني هذا العام وحده، من بينهم أربع عشرة إمرأة وطفلين.
التداعيات على السياسة الأمريكية
ويذكر التقرير أن الحكومة الأمريكية كانت صريحة في عهد إدارات متعددة في دعوتها إلى إعادة الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش إلى بلدانهم الأصلية. وقد أعادت الولايات المتحدة ذاتها 39 فرداً إلى وطنهم اعتباراً من تموز/يوليو. واعترفت فرنسا بخطورة الوضع الحالي هذا الصيف عندما أعادت 51 إمرأة وقُصر، وهو أكبر إجراء يُتخَذ من هذا القبيل منذ عام 2019. ولكن بشكل عام، كانت باريس وشركاء أوروبيون آخرون مترددين في إعادة مواطنيهم، كما أن إقناعهم بتسريع العملية لا يزال يمثل تحدياً مستمراً إلى حد كبير.
وأردف التقرير إن التردد الأوروبي ليس سوى جزء من المشكلة – الغالبية العظمى من الأفراد الباقين في الهول هم من السوريين والعراقيين. ففي ظل استمرار غياب أي إجابة على المسألة السورية وسط المأزق السياسي في البلاد، سعت الحكومة العراقية بنشاط إلى إعادة مواطنيها منذ أيار/مايو 2021. وحتى حزيران/يونيو 2022، كانت قد أعادت حوالي 2500 عراقي من الهول، بوتيرة تبلغ نحو 150 أسرة كل شهر. ومع ذلك، ففي 12 أيلول/سبتمبر، أشار قائد “القيادة المركزية الأمريكية” الجنرال مايكل كوريلا إلى أن الوتيرة الحالية للعودة إلى الوطن بطيئة للغاية وأن إتمام العملية سيستغرق أربع سنوات. وتحاول بغداد تكثيف جهودها، غير أن العقبات ما زالت قائمة، من بينها المخاوف الأمنية، ومشاكل التوثيق، وقضايا التماسك الاجتماعي.
ويدعو التقرير إلى مضاعفة واشنطن جهودها لحشد التعاون الدولي في هذا الشأن، وأن تعيد التأكيد على العواقب الوخيمة المترتبة على الدول الحليفة. كما يؤكد على ضرورة أن تُشدد واشنطن على أن الوقائع الموجودة على الأرض تُظهِر بلا شك ما كان النشطاء والعاملون في المجال الإنساني والأكاديميون يحذّرون منه منذ سنوات: فسياسة الأمر الواقع المتمثلة في الاعتقال لأجل غير مسمى تتسبب في تهديد أمني كبير على الولايات المتحدة والدول الأخرى حول العالم، وهو تهديد لم يواجهه شركاء التحالف منذ أن فقدَ تنظيم داعش الجزء الأخير من أراضيه في عام 2019.
وقد تعتبر حكومات شريكة أن عملية إعادة أتباع تنظيم داعش ومناصريه إلى أوطانهم من شأنها أن تشكل مخاطر أمنية داخلية كبيرة خاصة بها، لكن التقرير يرى أن المسؤولين الأمريكيين يحتاجون فقط إلى تذكيرها بأن ما يُدعى “خلافة” تنظيم داعش كانت بمثابة منصة إطلاق، ومركز تخطيط، ومصنع تحريض لبعض من أسوأ الهجمات الإرهابية التي واجهتها على الإطلاق والتي تسببت في سقوط ضحايا بشكل جماعي. بالإضافة إلى ذلك، سيساعد اعتماد استراتيجية استباقية ومخططة جيداً في التخفيف من المخاطر المتعلقة بالعودة إلى الوطن، وتمكين البلدان من رصد التهديدات المحتملة بدلاً من تركها تتسلل عبر حدودها دون الكشف عنها.
ملاحظة: أعد التقرير ديفورا مارغولين و هي زميلة أقدم في معهد واشنطن. وسابقاً، ساعدت في قيادة دراسة ممولة من “وزارة الأمن الداخلي” الأمريكية حول أفضل الممارسات لبرامج إعادة الإدماج التي تهدف إلى عودة الأزواج والقصر.