دعا الفائزان بجائزة نوبل للسلام المجتمع الدولي للبدء في بذل المزيد من الجهود لمنع العنف الجنسي ضد النساء، وخاصة في أوقات الحرب. وقد يشكل هذا الالتزام ضد العنف الجنسي بداية فقط، كما تعتبر ديركه كوب في تعليقها التالي:
يُمَثِّلُ منحُ جائزة نوبل للسلام لشخصين، يكافحان بشكل فوق العادة ضد استخدام العنف الجنسي كسلاح (حرب)، إشارة قوية وجيدة. فتسليم الجائزة لطبيب الأمراض النسائية الكونغولي دينيس موكويغي، مناصفة مع الناشطة اليزيدية نادية مراد يعوض قليلاً عن التذمر، الذي ظل قائما بعد منح جائزة نوبل للرئيس الأمريكي، الذي كان منتخبا للتو آنذاك باراك أوباما أو الجائزة التي منتحت قبل ست سنوات للاتحاد الأوروبي، والتي تبدو غير واقعية الآن، نظرا للمآسي التي تحصل اليوم في البحر المتوسط.
إنهما شخصان يلتزمان بشكل ملموس لصالح أشخاص آخرين ـ وفوز أشخاص مثلهما بالجائزة أمر جيد، في أوقات يسود فيها يوميا الشعور بأن الإنسان ذئب أمام أخيه الإنسان.
متأثران بتجارب خاصة من المعاناة
موكويغي ومراد لمسا هذا بنفسهما: فمراد احتُجزت كرقيق للجنس من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) الإرهابي في العراق وتعرضت مراراً وتكراراً للاغتصاب. إلا أنها لم تركن في موقع الضحية، بل رفعت صوتها ضد سوء المعاملة المنهجي. وهذا أكثر من مجرد شجاعة، في بلد تسوده منذ سنوات الحرب والعنف مثل العراق. أما موكويغي فينحدر من المنطقة المضطربة في جنوب كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وشاهد هناك كيفية استخدام عمليات الاغتصاب كاستراتيجية عسكرية. وفي 1999 أسس مستشفى في مسقط رأسه، مدينة بوكافو، حيث يقوم هو وفريقه برعاية وإجراء عمليات للنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب والتشويه. ويطلق عليه باحترام كبير لقب “الرجل الذي يصلح النساء”.
ومن تحدث إلى هؤلاء النساء في بوكافو ونظر في أعينهن، يدرك كيف يعمل الاغتصاب كسلاح حرب: فالضحايا يظللن موسومات (بالعار) مدى الحياة، وفي أصعب الحالات يتدمرن ـ جسميا وعاطفيا. والنساء، اللاتي يملكن القوة لتغيير وضعهن ويخرجن من دور الضحية، مثل نادية مراد، هن نادرات. وبالتالي فإنه من المهم أن تتم في مستشفى موكويغي محاولة منح النساء كرامتهن من جديد. لكن هذا يكون صعبا في مجتمع يصم هؤلاء النساء (بالعار) بسبب تعرضهن للاغتصاب.
العالم يناقش منذ عام تقريبا، إلى أي مدى يؤدي العنف الجنسي إلى جرح الكرامة. والجدل حول مبادرة “مي تو” (#MeToo) ساهم بقسط في ذلك، وربما أدى أيضا هذا العام إلى إلغاء جائزة نوبل للآداب بسبب اتهامات التحرش الجنسي داخل لجنة التحكيم.
يمكن أن تكون مجرد بداية
لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب فعله: فالرئيس الأمريكي الحالي (ترامب) ما زال يجرؤ على السخرية علنا من ضحية يفترض تعرضها للعنف الجنسي. وماتزال توجد إعلانات لكريستيانو رونالدو بملابسه الداخلية بالرغم من اتهام نجم كرة القدم بالاغتصاب. وفي الكونغو ظهر اسم رجل، أُدين بتهمة اغتصاب رضع، على القائمة الرسمية للمرشحين في انتخابات. وهذا كله يثير قليلا من الإحساس، في أحسن الأحوال، ويكشف أن منح جائزة نوبل للسلام لموكويغي ومراد للالتزامهما بمكافحة العنف الجنسي، ليست إلا بداية.
حكومة الكونغو هنأت دنيس موكويغي، علما بأنه وجب على الحكومة بسبب تكريمه أن تاوارى خجلا، لأن الجائزة تؤكد كيف أن الحكومة ورئيسها جوزيف كابيلا ـ كما فعل والده سابقا ـ أهملوا شرق البلاد منذ عقود: فمنذ بداية التسعينيات تُرهب هناك مجموعاتٌ مسلحة السكان المدنيين وتغتصب بدون عقاب النساء والبنات وأحيانا الرجال. وماذا تفعل الحكومة ضد ذلك؟ لا شيء.
ديركه كوب