الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتهل ستخطف (فتيات) ألي هاباسالو الفنلندية الأوسكار هذه المرة؟ : يوسف أبو...

هل ستخطف (فتيات) ألي هاباسالو الفنلندية الأوسكار هذه المرة؟ : يوسف أبو الفوز

 اختارت فنلندا، مؤخرا، الفيلم الروائي (صورة فتاة ــGirl Picture) ـ بالفنلندية اسم الفيلم (فتيات.. فتيات.. فتيات) ــ ليمثلها في سباق الاوسكار95، الذي ستعلن نتائجه اذار العام المقبل، وفي فئة الأفلام الناطقة بلغة أجنبية. ويتم الاختيار عادة من قبل لجنة تحكيم من محترفين في العمل السينمائي، ومن اختصاصات مختلفة، يتم تشكيلها من قبل غرفة السينما الفنلندية الحكومية، التي وصفت الفيلم بانه (فيلم قوي يثير المشاعر كثيرا وانه مصنوع بحرفية عالية المستوى). علما أن الصحافة الفنلندية، سبق واحتفت بالفيلم، واعتبرته (صنع التأريخ)، فهو أول فيلم فنلندي روائي طويل، يصل الى المسابقة في مهرجان صندانس السينمائي الأمريكي المستقل، وقطف جائزة الجمهور في المهرجان، وتم عرضه في الصالات الفنلندية أواسط نيسان هذا العام.

تم إنتاج الفيلم بميزانية من مليون ونصف دولار، وتعتبر منخفضة، مقارنة بالظروف المحيطة بعمل الفيلم والحاجة للتصوير في العديد من المواقع، وجرت عمليات تصوير الفيلم، في 25 يوما، خلال فترة جائحة الكورونا في خريف 2021، وشكا مصور الفيلم (يارمو كيرو) في لقاء صحفي من التحديات التي واجهت عمليات التصوير في الأماكن العامة وسط ظروف جائحة الكورونا.

كتب السيناريو للفيلم، إيلونا أهتي ودانييلا هاكولينن، ومهما قيل بانه يلامس فكرة الفيلم الامريكي (متجر الكتب) اخراج الامريكية اوليفيا وايلد 2019، أو يعيد للاذهان المسلسل الأمريكي (النشوة)، الذي يتناول عالم المراهقة، وعرض منه موسمان عام 2019، فان الفيلم سعى لتقديم حكاية فنلندية، لكنها محبوبة، وصفت بأنها قصة عن الصداقة وهموم المراهقات، في سعيهن لفهم مشاعرهن حول الحب والجنس، وخيارات الفرد في كشف ذاته في مسار عقبات الحياة، اثناء التنقل في الفضاء الفاصل بين الطفولة والبلوغ.

مخرجة الفيلم هي الفنلندية، وحاملة الجنسية الامريكية، ألي هاباسالو، وهي مخرجة وكاتبة سيناريو، من مواليد 1977. كانت مهتمة في بداياتها بالصحافة والأفلام الوثائقية. نالت عام 2003 شهادة البكالوريوس من قسم التصوير السينمائي وتصميم الإنتاج (السينوغرافيا) من جامعة آلتو في هلسنكي، ثم نالت عام 2009 شهادة الماجستير في دراسة السينما من كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك في عام 2009، وكان من أساتذتها الفنانين لي غرانت وسبايك لي. برزت من خلال أفلام اطروحاتها للتخرج، أولا الفيلم الكوميدي القصير (إيلونا)2003، ثم الفيلم الطويل 60 دقيقة (على ثلج رقيق) 2009الذي عرض في مهرجانات دولية في أوربا وأمريكا. عام 2015 تمت دعوتها للعودة الى فنلندا، فكتبت واخرجت فيلم (ميزة الحب والغضب) 2016. تعاونت مع ستة مخرجين وكتاب فنلنديين آخرين في فيلم مختارات بعنوان (قوة العادة) لعام 2019، الذي حصل على جائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية في مهرجان ديربان السينمائي الدولي 2020 في جنوب إفريقيا وجائزة بلدان الشمال للأفلام في حفل توزيع جوائز يوسي الفنلندية 2020، وهي جائرة فنلندية تعادل الاوسكار. كما أخرجت الموسم الثاني من المسلسل التلفزيوني (خطوط الظل) عام 2021 وهوعن الحرب الباردة وصراع مخابرات الغرب والشرق على الأراضي الفنلندية في فترة الخمسينات من القرن الماضي، كما الفت كتابا عن حياتها لعشر سنوات في أمريكا، ولاقى رواجا كبيرا وصدر بعدة طبعات عن كبار دور النشر الامريكية.

فيلم (بنات … بنات … بنات) يتحدث عن ثلاث فتيات: ميمي، إيما ورونكو، على اعتاب سن الانوثة ومغادرة المراهقة، يحاولن رسم عالمهن الخاص. في سن تكون العواطف متفجرة واللحظات مليئة بالطاقة، وكل يوم هو فرصة جديدة.  في ثلاثة أيام جمعة متتالية وسبت، تحاول ثلاث مراهقات تحدي ظلام الشتاء المستمر في فنلندا، يتنقلن بين الأحلام والواقع والصداقة والعلاقات، ويحاولن فهم الفوضى من حولهن. يختبر اثنان منهما تأثيرات الوقوع في الحب، بينما تذهب الثالثة في سعي للعثور على شيء لم تختبره من قبل: اسرار المتعة.

لعبت الأدوار الرئيسة ثلاث فنانات شابات فنلنديات،لأول مرة يلعبن دور رئيس في فيلم طويل. لعبت الفنانة الشابة (آمو ميلونوف)، دور الشابة (ميمي) التي تعاني من التواصل مع أمها، تكون متهورة ومتقلبة، بل وتظهر لنا فظة في تعاملها مع زميلة لها في الصالة الرياضية، فنشعر كم تعاني من الوحدة، وكم بحاجة لصديقتها (رونكو) التي لعبت دورها الممثلة الشابة (إليونورا كوهانين)، ويوازن ذكائها والروح الساخرة التي تملكها المزاج السيء لصاحبتها، سواء في المدرسة او في محل بيع العصائر في المركز التجاري حيث يعملن معا، فهما لا ينفصلان تقريبا ويتكاشفان حول إحباطاتهم الجنسية وتطلعاتهم الرومانسية. وحينما تراجع ميمي نفسها لتهدأ يتصاعد حماس رونكو في انجذابها للفتيان في سعي لتجاوز صعوبة بلوغ النشوة الجنسية، (هناك شيء خاطيء معي) قالت لصديقتها ميمي، التي تهدأ من روعها وتأكد لها ان الامر يحتاج الشخص المناسب. ويبدو ان هذا الشخص، بالنسبة لميمي جاء سريعا، واحد من الزبائن لمحل العصائر، وحصل التواصل مع (إيما)، لعبت دورها ببراعة (لينا لينو)، وهي طالبة راقصة على الجليد تسعى لمسابقات تنافسية وتعاني من الفشل في تحقيق قفزة ناجحة، ومكبوتة بسبب نظام تدريب صارم، فيتشاركن بليلة عاطفية ساخنة تتطور إلى قصة حب سريعة لكنها غاضبة. ويبدو ان إيما استغرقت وقتا طويلا في التزلج فأستهلك الكثير من طاقتها، ومع صرامة المدربة، فأنها تخلت عن بعض متع المراهقة، فبدت ميمي، كشيء عفوي، بل الهاء عن الحياة الجادة.

 كان أداء فريق الممثلاث الثلاث متناسقا، وبدن وكأنهن يقودن الكاميرا وليس بالعكس، لكن سيطرة المخرجة بدت واضحة لإدارة القصة، ساعد على انها قدمتها كيوميات، ثلاث جمع وسبت، فسهل تقسيم المساحة للشخصيات وإدارة الحبكة بتوازن، لكن الممثلة ميلونوف في دور ميمي كانت متميزة في أدائها، بل يمكن القول ان هذا فيلمها، ولا ننس ان كفاءة الممثلة لينا لينو كراقصة ساعد ان مشاهد الرقص على الجليد، مع الإضاءة النابضة والموسيقى لتكون صورة مختزلة عن العاطفة، ساعدها التصوير الانيق في ابراز قدراتها. 

ورغم ان الفيلم يتناول موضوعا حساسا ومغريا للكاميرا، الا وهو الجنس، فان فريق العمل في الفيلم، لم يقعوا في مطب السينما الهوليودية بتقديم مشاهد مفرطة بالجنس، فما عدا القبل تجنب الفيلم أي مشاهد عري تقليدية، ورغم ان الفيلم حوى ثلاث مشاهد في السرير، لكن الكاميرا تابعت انفعالات الوجوه، بل ان مشهدان منهما كانا ساخرين اثارا ضحك الجمهور المتابع في الصالة، وهم يتابعون ارتباك وهفوات رونكو وقلة خبرتها الجنسية. كان الفيلم منشغلا برصد انفعالات المراهقات وهن يستكشفن، يتعلمن، ينمون، يناقشن ويعبرن عن عواطفهن. كانت الشخصيات مرتبطة مع بعضها بشكل متوازن يخدم الحبكة، وبدا أداء الممثلات مقنعا ومؤثرا حين تكون الشخصيات مرتبكات او مخطئات. كتبت الناقدة (ناتاليا وينكلمان) في مجلة السينما الامريكية المستقلة IndieWire بأن (موضوع الفيلم يتعلق بأستماع الفتيات لقلوبهن وأجسادهن). يبقى القول بأن الأفلام عن عالم المراهقين صعبة، لأنها تكون معمولة أساسا من قبل الكبار وتحمل وجهات نظرهم، وهذا الفيلم حاول ان يكون دراسة عن جوانب من حب الشباب والصداقة الانثوية عبر المشاعر المعقدة لحياة المراهقين حين يدركون انهم يكبرون، فجاء عملا لافتا ومنصفا.  

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular