الدين الكوردي قبل الإسلام
على فضائية سبيدة بهديني, قدم البروفيسور فرست مرعي برنامجاً تاريخيّاً شيقاً أعجني قليلاً وإبتعد عن الحقيقة كثيراً, أكثر ما أدهشني أنه أخطأَ ثمّ زلَّ منذ البداية, قائلاً: أن الكورد كانوا تحت الإحتلال الساساني والرومي البيزنطي وهذا خطأٌ جسيم الإمبراطورية الساسانية هم الكورد, مساحة الأرض الكوردية كانت أكبر من الفارسية تمتد حتى البصرة(معناها نهاية الطريق/بس راه) والكوفة السنجارية, سكان العاصمة طيسفون/ خورستان نفسها كانوا كورداً كًوران وسنجاريون وفرس, الزي السنجاري التقليدي المعروف بالقبعة الطويلة هو زي ساساني, التشابه بين الكورد والفرس جعل العرب يسمونهم كلهم عجماً فرساً وصارت التسمية تشمل الجميع, الفرس الديلم هم كورد كًوران حتى اليوم.
الحدود بين الدولتين لم تكن محددة ولا معلومة تعتمد على قوتيهما وغالباً ما كان نهر الفرات يشكل الفاصل الطبيعي بينهما فكان بعض الكورد إلى الغرب منه تحت حكم الروم ومثلهم إلى الشرق مسيحيون تحت حكم الساسان , فكانت نزاعات وإتفاقات لضمان حقوق الكورد إلى الغرب من فرات والمسيحيين إلى الشرق منه، مثل معاهدة 435م بين بهرام كًور الخامس (بيرمند كًورالجرحياني) والروم ثم معاهدة 553 م بين خسرو انوشيروان وبين الروم, ولم تكن نسبة الكورد تحت الحكم البيزنطي تبلغ 5% في أعلى الحالات, وهذا العدد لا يُحسب كأنه شعب محتل لكن البروفيسور يقول كان الكورد منقسمين تحت حكم الدولتين وكأنهم مناصفةً,
أما الزلة الكبرى فهي قوله أن الساسان كان دينهم المجوسية الزرادشتية, لكنه لم يقل ماذا كان دين الكورد ألم يكونو زرادشتيين مجوس, مزداسنيين؟ اليونان أطلقوا على المزداسنيا, مكًوس عرَّبها العرب إلى مجوس وهي نفسها الزرادشتية دين الدولة الساسانية الرسمي من باكستان إلى سورية, وهذه التسمية باقية حتى اليوم إلى جانب الإسم الئيزيدي (داسني = ئيزدي= زرادشتي=مجوسي) فماذا كان دين الكورد ؟ حتى الملوك الساسان ينحدرون من دارا الأول الميدي الكوردي ثالث ملوك الاخمينيين , سلالة ملوك الأشكان أنا أظنهم الكورد الشبك وهناك صديق سنجاري يعتقد أنهم الهسكان الئيزدين…….إلخ التاريخ لم يُفرق بين الكورد والفرس إلا بعد الإسلام أكد ذلك أرنولد توينبي البريطاني (ظهر الكورد عن الفرس تحت ظل الإٍسلام ) ولهذا السبب تراهم يعتبرون الكورد شعباً من الجن وآخرون يسمونهم أتراك الجبل وغيرهم قطاع طرق برزوا من هنا وهناك بعد الإٍسلام, نعم بعد الإسلام فقط, بينما هم جميع سكان زاكروس طوروس وإلى الغرب حتى البحر وكلهم إعتبروا عجماً فرساً, وكان البلاء المبين والسرطان الذي لا علاج له هو إنقسامهم المذهبي الشيعي والسني الذي لا يزال يؤثر في السياسة سلباً على الكورد . الإسلام لم يحرر الكورد بل دمر دولتهم الساسانية وشتت بين طوائفها وزرع بينها العداء والفرقة حتى اليوم, ألا يسعفني البروفيسور بإسم واحدٍ من الزعماء الكورد الذين حررهم الإسلام وعيّنوه والياً أو قائداً أو حاكماً على ولاية أو بلاد ؟ نعم الإسلام العباسي قرّب عائلة فارسية برمكية عميلة وخائنة لتستعين بها على الحكم و إضاعة دم أبو مسلم الخراساني الكوردي، صلاح الدين عندما نهض لم يكن تابعاً للخليفة المسلم ولا قاتل بأمره, بل للأتابكة المستقلين عن بغداد, ولما حرر القدس لنفسه، إغتاظ الخليفة العباسي الناصر وناصبه العداء, الداسنيون هم كانوا جيشه وهو هيّأَ الفرصة لهم لنهضة الدين الداسني الزرادشتي وتأسيس الدين الئيزدي الحالي بعد إلتحاق الشيخ عدي بهم.
إذا كان البروفيسور يعلم ذرة من التاريخ لعلمَ شيئاً من تاريخه هو الذي سبق الإسلام ؟ أنا لا ألومه على ذلك فالكورد لا يقرأون التاريخ , وإذا قرأوا يقرأون التاريخ الإسلامي العربي فقط
الكرد والفرس منذ تأسيس الدولة الميدية في 728 ق م , كانو حكماً واحداً على إختلاف الأسماء, ومنذ ولاية كورش في 559 ق م تأسس النظام الشاهنشاهي بعد توسيع الإمبراطورية لتشمل طوائف مختلفة فجعلها كلها ممالك حرة مستقلة يحكمها ملك منهم تابع لملك الملوك الشاهنشاه, هل فعل الإسلام مثل هذا ؟ بل الإسلام منع التكلّم باللغات غير العربية نهائيّاً برز منهم خبراء في قص الألسن مثل الحاكم بأمر الله الفاطمي والوليد بن عبد الملك الأموي وهارون الرشيد العباسي الذي عرَّب أكراد الموصل الداسنيين والآشوريين أيضاً ومنهم سكان بعشيقة وبحزاني وقدماء مسلمي الموصل, ومصر الفرعونية كلها وغيرها كثيرون, أمّا سألت نفسك كيف إستعربت شعوب شمال أفريقيا والشام والعراق, ولولا بطولات حمزة ي بةلةوان /حمزةي قارةمان(حمزة بن آزرك) لما بقي كوردي ولا فارسي بلغته وتراثه, وبقدوم السلاجقة ثم العثمانيين توقف التعريب في الشرق ليبدأ التتريك .
أثناء الحكم الساساني الذي سبق الإٍسلام مباشرةً كان نفس نظام الحكم الشاهنشاهي ( ملوكي طوائف) فيدرالية الممالك, بلغت في عهد نوشي روان 28 مملكة كل طائفة حرة مستقلة بملكها لا يخضع إلا للشاهنشاه الساساني منهم العرب المناذرة, مملكة الحضر (البيت الشمساني الئيزدي حالياً) ومنهم كان جعفر الداسني وعشيرة الختاري الئيزدية حالياً ومملكة بابان والسوران وتابرستان وخراسان وسجستان وأذربيجان وحتى ما وراء النهر, ويوم إنهيارها كانت عشرة ممالك فقط ومنها مملكة المناذرة وقفت مع العرب ضدهم وجاثليقية سلوقية المسيحية وكثيرون غيرهم فعلوا ذلك فكان الإنهيار من الداخل أكثر من بطولات العرب المسلمين.
حاجي علو
10 /10 /2022