.
حديثنا لهذا اليوم عن العالم الديني، الذي قتل في قلعة حلب ظلماً ولم يبلغ عقده الرابع، هو يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي (1155-1191م)، ولُقب بشهاب الدين، وعُرف أيضاً بـ“شيخ الإشراق” نسبة لكتابه الشهير (حكمة الإشراق)، وعرف بالمقتول، تميزا له عن شهاب الدين وهو عالم آخر من ذات مدينة سهرورد. ولد المغدور في مدينة سُهْرَوَرْد= Suhrewerd الكوردية في شرقي كوردستان، واسم هذه المدينة باللغة الكوردية يعني الصخرة الحمراء، وكانت المدينة أو المنطقة تلك جزءاً من مملكة ميديا الكوردية، التي كانت عاصمتها مدينة همدان التي تتاخم جبل “الوند= Alwend“ الشاهق، الذي يقع اليوم في وسط إيران. وفيما يتعلق بمضمون عنوان المقال، أن الذي أمر بقتل السهروري هو السلطان صلاح الدين الأيوبي (1138-1193م) وهو كوردي،أمر بقتل العالم المذكور دفاعاً عن الشريعة، وذلك تنفيذاً لفتوى القتل التي أصدرته عدد من فقهاء حلب في حينه ضد السهروردي. والمقتول كما ذكرنا هو شهاب الدين السهروردي، أيضاً كوردي، كان واجبه الديني يحتم عليه أن يعلم الناس ما هي أحكام الشريعة. والذي أيد فتوى القتل في إحدى مؤلفاته هو شيخ الإسلام ابن تيمية (1263-1382م) هو الآخر كوردي، أيد فتوى فقهاء حلب بقتل السهروردي استناداً على ما جاء في الشريعة، وتأيداً لفتوى الفقهاء الذين أفتوا بفساد العقيدة، فلذا استبيح دمه. لكن التاريخ يقول لنا ليس هنالك إجماع على زندقته. حقاً أنه شيء يحير العقل، القاتل قتل بحكم الشريعة، والمقتول نادى بتطبيق الشريعة، والذي أيد القتل فيما بعد استنبط حكم القتل من الشريعة. بينما وصفه العالم المحدث شمس الدين الذهبي (1274-1348م) في كتابه (سير أعلام النبلاء) 25 مجلداً ألفه في علوم التراجم، وصف فيه السهروردي: بأنه الشيخ الإمام العالم القدوة الزاهد الخ. وقال عن السهروردي معلمه العلامة فخر الدين المارديني (1118-1198م) – ماردين مدينة في شمال كوردستان– والمارديني يُصف بغزارة علمه: لم أصادف أحداً مثله في حياتي.
كي لا يخلط القارئ بين اسمي الشهابين، اللذان من نفس مدينة سهرورد، نذكر الاسم الآخر هو شهاب الدين أبو حفص عمر السهروردي (539-632هـ) – ابن أخ أبو نجيب المذكور أدناه– كان أبو حفص شيخ الصوفية، وصاحب الطريقة السهروردية، ومرقده ببغداد في الشارع الذي لا زال يحمل اسمه شارع شيخ عمر، وكذلك المسجد والمقبرة التي حوله يحملا اسمه أيضاً، جامع ومقبرة شيخ عمر. من مؤلفاته (عوارف المعارف) و(نغبة البيان في تفسير القرآن)، أضف أن السهرورديين كانا على مذهب الشافعي وهو مذهب الغالبية العظمى للشعب الكوردي من أهل السنة والجماعة؟. وهناك عالم آخر من مدينة سهرورد اسمه أبو نجيب ضياء الدين عبد القاهر بن عبد الله (490-563هـ . ق) وهو من تلاميذ الأديب والشاعر والواعظ أبو الفتوح أحمد الغزالي، لقد نسبت إلى أبو نجيب مصنفات كثيرة. إن أحمد الغزالي شقيق الفقيه والفيلسوف أبو حامد الغزالي.
كي لا يتهمنا أحد بالتزوير، نضع أمام القارئ الفطن وصفاً لمدينة سهرورد الكوردية كما جاء في المنجد العربي الذي طبع عام (1973) في “دار المشرق– بيروت” ص 369 يقول المنجد الآتي: سُهْرَوَرْد: مدينة في شمال غربي إيران. سكانها الأكراد في القرن 10 خربها المغول بحملاتهم الحربية في القرون الوسطى. انتهى.
الآن دعونا ننتقل إلى المكيدة التي نصبها جمع من فقهاء حلب للشيخ الإشراق السهروردي وكيفية استدراجه إليها. بعد استقرار شهاب الدين في مدينة حلب وانتشار علمه في الآفاق سمع به الملك الظاهر ابن السلطان صلاح الدين الأيوبي، فصاحبه وقربه من نفسه، وهذا ما جعل ثلة من فقهاء حلب تحسده فيما وصل إليه في فترة وجيزة، فلذا اتفقوا أن يوقعوا بينه وبين الملك الظاهر، فحفزوا الملك الظاهر أن يدعوا شهاب الدين إلى مناظرة عقائدية بينه وبين هؤلاء الفقهاء، وسألوه سؤالاً أن قبل يجاوب عليه السهروردي بأية طريقة سيوقع في الفخ الذي نصبوه له. سألوه – كما جاء في حقل المعرفة-: أنت قلت في تصانيفك: إن الله قادر على أن يخلق نبياً وهذا مستحيل. فقال السهروردي: ما حدا لقدرته؟! أليس القادر على أن يخلق نبياً. وهذا مستحيل. الفقهاء: بلى. السهروردي فالله قادر على كل شيء. الفقهاء: إلا على خلق نبي فإنه مستحيل. السهروردي: فهل يستحيل مطلقاً أم لا؟!. الفقهاء: كفرت. بعد هذه المناظرة وشوا إلى السلطان صلاح الدين بأن هناك عالم فاسد العقيدة يحاول أن يفسد عقيدة ابنكم الملك الظاهر وعلى الناس في الحلب. يقال أن صلاح الدين لم يتحقق في الأمر، ولم يسمعه، فكتب إلى أبنه أن يقتله، لكن الملك الظاهر أهمل الموضوع ولم ينفذ الأمر، فكتب له السلطان مجدداً يحذره فيه، أن لم ينفذ الحكم سيبعده من منصبه، فأجبر الملك الظاهر على تنفيذ الحكم بإحدى الطرق التي ذكرت في بواطن كتب التاريخ، وخسرت البشرية عالما كبيراً فاق بعلمه أهل زمانه، لو كتب له وعاش بقية سنوات عمره في كنف العلم والمعرفة لترك للعالم جمعاء إرثاً علمياً كانت البشرية تقتدي به إلى يومنا هذا.
أبَداً تحِنُّ إليكم الأرْواحُ … وَ وصالُكُمْ ريحانُها والراحُ وقلوبُ أهلِ ودادِكم تَشْتاقكم … وَإِلى لَذيذِ لِقائكم تَرْتاحُ.
اخ محمد يكفينا فقد نحن الأيزيديين ما اصابنا من فتاوي علماء الدين الأكراد،ويبدو لي حتى المتنورين من الكرد الإسلام ايضٱ تعرضوا للمصائب منهم والدليل،ما تفضلت في مقالك هذا.
الكرد أبناء الجن وهم كفرة في وجهة نظر الإسلام العربي،وتعرضوا للأنفالات وكما نعلم أن الأنفال ضد الكفار فقط وبهذا يعتبر الكرد كفارٱ.
ولكن المسلمين المتشددين من الكرد فتاواهم ضد الأيزيدية اكثر من فتاوي العرب والأتراك معٱ.وفي انفالات العثمانيين أكثرية متنفذي تلك الأنفالات للأسف كانوا اكرادٱ.
سؤالي.متى يستفيق الكردي من هذه الغيبوبة؟