السوادني تعهد بمحاربة الفساد في العراق.
(الحرة) واشنطن – في أول خطاب، الخميس، قدم رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، قائمة وعود أبرزها محاربة الفساد واسترداد هيبة الدولة، وفرض القانون، إلى جانب وعود أخرى، لا تخرج بمجملها عن سياق الخطابات التقليدية لرؤساء الحكومات العراقية خلال العقدين الماضيين، وفق محللين تحدثوا لموقع “الحرة”.
لكن السؤال هو: إلى أي مدى يستطيع السوداني المضي في تنفيذ وعوده وهو مرشح قوى متهمة بالمسؤولية عن فشل الدولة في العراق؟
أمنيات
يصف الكاتب المحلل عقيل عباس كلمة السوداني بأنها “خطاب تقليدي، يحشد فيه الأمنيات التي يقدمها كل رؤساء الوزراء والتي لن تتحقق، أكان بخصوص مكافحة الفساد، أم فتح المجال أمام الاستثمار أم تطبيق القانون والاهتمام بالزراعة والصناعة والموارد المائية”.
ويضيف عباس أن الشعب العراقي اعتاد على هذا النوع من البرامج الحكومية و”لم يعد يأخذها على محمل الجد، ولا تثير اهتمام أحد”، مع ذلك فهو، وفقا للمحلل، “ليس خطابا متشددا. على خلاف الخطابات الإطارية التي تعتمد على المواجهة، إضافة للبناء على ما أنجزه رئيس الوزراء بالوكالة مصطفى الكاظمي في ملف العلاقات الخارجية”.
ورشح الإطار التنسيقي السوداني لرئاسة الحكومة، وهو تجمع يضم كتلا عدة من بينها دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وكتلة الفتح بزعامة هادي العامري، وقوى وفصائل أخرى موالية لإيران.
في المقابل، يرى عادل المانع، عضو ائتلاف دولة القانون أن العراق “على أعتاب مرحلة سياسية جديدة”، خاصة بعد “انسداد سياسي دام أكثر من عام”.
ويرفض المانع وصف الحكومة التي يسعى السوداني لتشكيلها بـ”التقليدية”، وقال إن نجاحها رهن بالخدمات التي ستقدمها للمواطنين، مرجحا حصول كابينة السوداني على “الثقة خلال إسبوعين وستكون أولويتها إقرار الموازنة للعام 2022″ في أسرع وقت”.
الفجوة
الكاتب الباحث العراقي، يحيى الكبيسي، يرى بدوره أن خطاب رئيس الوزراء المكلف “لا يختلف عن خطابات من سبقوه، ولكن هناك فجوة دائمة بين ما يتحدثون به وبين التنفيذ”.
ويشير الكبيسي إلى أن أسباب عدم قدرة رؤساء الوزراء على الإيفاء بوعودهم لا ترجع إلى عدم رغبتهم في تنفيذها، ولكنها تنبع من “اختلالات هيكلية بنيوية في النظام السياسي العراقي القائم حاليا، والذي أصبح هو القاعدة، ولن تسمح القوى السياسية الموجودة بتغيير شكل هذا النظام خاصة في ظل المكاسب المادية والمحاصصة القائمة عليه”.
ويستبعد الكبيسي “على سبيل المثال، أن تكون “تشكيلة الكابينة الجديدة قائمة على اعتبارات الكفاءة، بل ستكون تبعا للترشيحات التي ستتقدم بها القوى السياسية”وفقا لـ”اتفاقات وصفقات مسبقة” بين الأطراف المختلفة.
وتابع أن إقرار الموازنة العامة لن يفضي إلى “خطة عمل حكومية واضحة” لأن الموازنة ستخضع لـ”التعديل والمناقلات داخل مجلس النواب ولذلك غالبا ما تعكس هذه الموازنات مصالح القوى السياسية والأحزاب، ولا تعبر عن خطط حكومية مدروسة”.
وتسبب إصرار الإطار التنسيقي على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة تظاهرات لأتباع التيار الصدري انتهت بمواجهة مسلحة راح ضحيتها عشرات الأشخاص وسط العاصمة بغداد نهاية أكتوبر الماضي.
ومنذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، لم تتمكن الأطراف السياسية النافذة من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس جديد للحكومة، رغم مفاوضات عديدة في ما بينها، إذ كانت الخلافات تتركز بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي من جهة أخرى.
الانتخابات والتيار الصدري
يرى المحلل السياسي عقيل عباس أن كلمة السوداني حملت “رسائل هامة” وهي أن حكومته “لن تسعى للإقصاء والتهميش وستفتح الحوار ليس فقط مع القوى السياسية الممثلة بالبرلمان”.
واعتبر عباس أن هذا بمثابة رسالة تطمين “للتيار الصدري وحتى التشرينيين، بأنه لن يكون هناك استهداف أو إقصاء لهم”.
وبينما لم يحدد السوداني في كلمته الخميس، طبيعة الانتخابات التي وعد بإجرائها في “أجواء نزيهة”، رجح عباس إعادة طرح ملف “الانتخابات المبكرة” بعد تشكيل الحكومة.
ويعتقد الكاتب يحيى الكبيسي أن “الحكومة الجديدة والإطار سيعملان على تحجيم تأثير التيار الصدري على المستوى الشعبي، وتشجيع الانشقاقات في داخله مقابل تقديم مكاسب” للمنشقين.
ولم يستبعد الكبيسي احتمال “تحجيم التيار الصدري حتى على مستوى الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي ستكون بموجب قانون جديد ستعده حكومة ومجلس نواب يسيطر عليه الإطار، ما قد يعني إعادة رسم الدوائرات الانتخابية وحتى تغيير نظام الانتخابات”.
ويقول عضو ائتلاف دولة القانون، عادل المانع، إن “الأبواب مفتوحة أمام مشاركة التيار الصدري في الحكومة الجديدة”، خاصة وأن المرحلة الحالية ستؤسس “للمرحلة المقبلة في البلاد، خاصة في ظل التوجهات لإعداد قانون انتخابي جديد، وهو ما يقتضي وجود التيار كفاعل سياسي”.
ولم يعلن التيار الصدري موقفه بشأن انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة، لكن الكاتب المحلل يحيى الكبيسي لا يستبعد أن يلجأ التيار للشارع “مرة أخرى” ولكن توقيت ذلك “سيبقى غير معروف”.
في العراق البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة والغني بالنفط، أربعة من كل عشرة شباب عاطلون عن العمل، ويقبع ثلث السكان في الفقر
العراق.. ماذا بعد انتخاب الرئيس وتكليف السوداني؟
بعد عام من مأزق سياسي انعكس عنفا دمويا وتوترا متواصلا، خطى العراق خطوة أولى نحو الخروج من الأزمة السياسية، مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مهندس يبلغ من العمر 78 عاما، وتكليف رئيس جديد للحكومة وافد من الطبقة السياسية التقليدية. لكن تحديات عديدة لا تزال تنتظر البلاد.- تقاسم الحصص؟
الجمعة، رحبت الولايات المتحدة بتعهد رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني محاربة الفساد وتشكيل حكومة “تخدم الشعب”.
وقالت السفيرة الأميركية في العراق، آلينا رومانوسكي، في تغريدة على تويتر إنها ترحب بتعهد رئيس الوزراء العراقي المكلف (محمد شياع السوداني) بمكافحة الفساد والدفاع عن السيادة العراقية +الأمن، وتشكيل حكومة مكرسة لخدمة شعب العراق”.
ورحبت الخارجية الأميركية، الخميس، بانتخاب مجلس النواب العراقي عبد اللطيف رشيد رئيسا للعراق، بعد أكثر من عام من مفاوضات تشكيل الحكومة.
وقالت الخارجية في بيان “بعد أكثر من عام من مفاوضات تشكيل الحكومة، ترحب الولايات المتحدة بانتخاب مجلس النواب العراقي عبد اللطيف رشيد رئيسا للعراق. الرئيس رشيد عين محمد شياع السوداني رئيسا للوزراء المكلف”.