أثيرت ضجة واسعة في وسائل الإعلام ناقلة تصريحات مختلفة ومن بعض النواب حول سرقة كبيرة تقدر ( 3،7) ترليون دينار عراقي من ” الهيئة العامة للضرائب ” وقامت وزارة المالية بنشر كتاب عنونته إلى هيئة النزاهة حول ما تداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حيث أفادت ” بأنَّ الهيئة تؤكد أنَّ القضيَّة تمَّ التحقيق فيها، وهي الآن معروضة أمام القضاء” وأكدت انها سترسل كافة المعلومات بضمنها كتاب من وزارة المالية وستكون جميع الأوراق التحقيقية مع المحاضر حيث يتم ايداعها لدى القضاء عند ذلك سيقوم القضاء بإصدار ” القرارات المناسبة بحق المقصرين ” وكلنا يتذكر أن القضاء اصدر قرارات باستقدام مسؤولين حكوميين كباراً في الوزارة ، إلا أن الرقم الذي ذكر في البداية عدل وفق ما جاء في توعد رئاسة البرلمان في محاسبة المتهمين بسحب مبلغ بمليارات الدولارات ومثلما أشار النائب الأول لرئيس مجلس النواب يوم الاحد المصادف 17 / 10 / 2022 في تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر” اليوم، ” ان ما حصل من “نهب ” لأموال الهيئة العامة للضرائب ، وسحب مبلغ ( 2.5) مليار دولار من مصرف” المبلغ المذكور بالدنانير ثم بالدولار قامت السلطات بفتح تحقيق لمعرفة سرقة أموال تخص أمانات ” هيئة الضرائب ” التي تعود لمصرف حكومي وهي الطامة الكبرى التي تذكرنا بسرقات تقدر بمليارات الدولارات على امتداد سلطة المحاصصة الطائفية بعد عام 2003 وهنا نحن نتساءل
ـــ هل هيئة النزاهة الحكومية التي من مهماتها مكافحة الفساد ستعلن نتائج التحقيق وعدم الطمطمة؟
ــــ وهل ستقوم الهيئة بكشف أسماء الحرامية في هذه القضية ولا تبقى قيد الإقامة الجبرية مثلما حدث لعشرات قضايا الفساد؟
ان تصريحات احسان عبد الجبار وزير النفط إضافة إلى مهام وزارة المالية بالوكالة وإعلانه في 5 / 10 / 2022 عن وجود سرقات في وزارة المالية تعد بالمليارات دليل ساطع عن مدى استهتار وتمادى المسؤولين في قضايا الفساد وسرقة المال العام وأضاف عبد الجبار أن “نتائج التحقيق الذي وجهنا به بعد تكليفنا بالوزارة، والاثباتات الرسمية الخاصة بسرقة ما مقداره 3.7 تريليون دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من اموال الضريبة مصرف الرافدين” هذه الفضيحة ليست هي الأولى أو الوحيدة فهناك فضائح سرقات مالية كثيرة منها ما هو معلوم وتم التستر عليها من قبل البعض من كبار مسؤولي الحكومات العراقية المتعاقبة ومنها ما هو غير مكشوف للراي العام واسدل عليه ستار التوافق والمصلحة الطائفية وفق مفهوم شرعية السرقة بحجة عدم وجود مالك حقيقي لأموال الدولة، فعلى امتداد سنين الحكومات المتعاقبة جرت سرقات وتجاوزات منظمة تحت غطاء قوانين صيغت لهذا الغرض وعندما كانت تجري تحقيقات من قبل البعض من المحاكم فقد كانت تختفي بقدرة قادر على التلاعب وبإمكانيات مسؤولة تستطيع التأثير حتى على القضاء ومثل قضية تحقيق محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة خير دليل فقد تلقت هذه المحكمة بتاريخ 21 / 8 / 202 خبراً مؤكداً عن ” وجود شبكة منظمة مرتبطة بأشخاص من ذوي النفوذ ارتكبت أفعال مخالفة للقانون بهدف التلاعب بمبالغ الأمانات الجمركية والضريبية ” ، لكن ماذا جرى لنتائج التحقيق وقرار المحكمة بالقبض على الحرامية والمتلاعبين فقد أعلن أن التحقيق مستمر لكي يتم التوصل لاستكمال الأدلة، والأدلة تصيح بشكل علني وتنادي لكل من له دراية بالفساد والفاسدين ” هذا انا ” لكن مازال منذ حوالي شهرين يسير ويسير ولا يعرف متى يتوقف وتعلن النتيجة!! وهذا يطابق ما قاله حسن ناظم المتحدث باسم مجلس وزراء الكاظمي حول قضايا الفساد وبالذات قضية الفساد التي أعلن أنها في ” عهدة القضاء حالياً” إلا أنه أكد بأن هناك مبالغ مخصصة لمجلس الوزراء لم تصرف “مخصصات الدعم الطارئ بمكتب رئيس الوزراء تتعلق بتعويضات الشهداء والجرحى”. لكن في الجانب الثاني تسرق بلا ضمير ولا محاسبة حقيقية ..
أن هيئة النزاهة الاتحادية تقوم بين فترة وأخرى بكشف البعض من القضايا تخص الفساد والسرقة والرشوة وبخاصة على البعض من صغار الموظفين والعاملين في قطاع الدولة وفي بعض الحالات يجري الحديث عن صدور قرارات قبض او استقدام تخص البعض من المسؤولين ذوي الدرجات العليا وآخرين ،أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الثلاثاء 18 / 10 / 2022 صدور أوامر قبضٍ واستقدامٍ بحق ذوي الدرجات العليا خلال شهر أيلول، مبينة أن الأوامر شملت عضو مجلس نوَّاب ووزراء سابقين” وأكدت ان ” الجهات القضائيَّـة أصدرت (33) أمر قبضٍ واستقدامٍ على خلفيَّة قضايا حقَّقت فيها مُديريَّات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمُحافظات وإحالتها إلى القضاء، مُوضحةً أنَّ من بين تلك الأوامر التي صدرت بحقِّ كبار المسؤولين من ذوي الدرجات العليا” ولم تكن هيئة النزاهة الاتحادية وحدها من ذكرت قضايا الفساد والسرقات من المال العام فهناك نزاهة بابل واعتقال مرتشين في بلدية الحلة في قسم إيجارات أملاك الدولة، كما كشفت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة عن مسؤولين في وزارة النقل وقيامهم عمداً الاضرار بمصالح الدائرة التابعة لوزارة النقل وأوضحت دائرة التحقيقات ” أنَّ “أمر القبض والتفتيش، الذي صدر بحقِّ المُتَّهمين اللذين يشغلان حالياً منصبي المُدير العام للدائرة القانونيَّة في وزارة النقل، والمدير العام للدائرة الإداريَّة والماليَّة والقانونيَّة في المجمع العلميِّ العراقيِّ، جاء وفق أحكام المادة (340) من قانون العقوبات”. ثم تنتقل كشوفات هيئة النزاهة الاتحادية الى اختلاسات في البصرة ” بقيمة 8 مليار دينار عراقي ” حول أجهزة خاصة “بقياس النشاط الإشعاعي الداخلي للجسم” التي تركت ولم تستخدم منذ عام 2012 وبقيمة بلغت “5,075,400,000) مليارات دينار” ثم اضرارا في المال العام بمبلغ “2,188,550,000 مليار دينار عراقي وفي قضية ثالثة تم الكشف عن اختلاس مبلغ “651,891,177 مليون دينار عراقي في شركة نفط البصرة حيث تم التلاعب من قبل احد الموظفين في الهيئة المالية في الشركة بالتلاعب في ” مستندات أجور النقل الجماعي للأعوام (2020 و2021 و2022)، وإضافة مبالغ أخرى على مُستحقات السوَّاق في مُستندات الصرف واختلاسها” كما تم احباط عمليات تهريب في ميناء ام قصر وغيرها من قضاي الفساد، ولم تسلم دوائر الأوقاف من قضايا الاختلاس حيث ذكرت هيئة النزاهة الاتحادية ان دارة التحقيقات بالهيئة قررت استقدام ” الرئيس السابق لأحد دواوين للأوقاف؛ على خلفيَّة اختلاس مبلغ (1,820,000,000) مليار دينار مُخصَّصٍ توزيعه للنازحين في محافظة ديالى”. وهكذا تستمر حالات الاختلاس والفساد مع طابور طويل من القضايا التي كشفتها هيئة النزاهة اما التي لم يتم الكشف عنها كما يقولون انها اكثر بكثير من المكشوف، ومع ذلك اشارت هيئة النزاهة عن ضبط ” متلبسين بالرشوة في 5 محافظات” في المثنى وديالى وبابل وكربلاء والديوانية وهي متعددة الأوجه والطرق وفي دوائر مختلفة ذكرتها هيئة النزاهة ونشرتها وسائل الاعلام، كما هناك العديد من القضايا الأخرى قيد التحقيق والاحالة للقضاء .
أن الحديث عن كمية السرقات والرشاوي والفساد حديث ذو شجون لكثرته وتشعبه وليس هناك إمكانيات متاحة للكشف عن كلما حدث ويحدث وكأن النظام في العراق مبني على الفساد والتجاوز على الأموال العامة فلا توجد زاوية ولا ركن في العاصمة او المحافظات بما فيها الإقليم إلا وتجد حالات من أنواع وطرق الفساد الذي ينخر جسد الدولة ويدفع العراق نحو الهاوية، وكلما يجري إلقاء القبض على زمرة من الحرامية الفاسدين تظهر زمر أخرى على شكل جماعات او افراد وكأنها سلسلة من مافيا لا تنتهي ابداً، وكلما تكشف هيئة النزاهة الاتحادية أو النزاهة في المحافظات تنبثق حالات جديدة تحتاج إلى الاستئصال والمتابعة وتطبيق القوانين بحقها وبحق مرتكبيها من المسؤولين الفاسدين، إلا أن ما يثير الشك إن هذا الاتساع في رقعة الفساد خلفه قوى منظمة ومسؤولة ولو تابعنا كل مفردة منها لوجدناها لا تختصر على موقع معين أو مكان محدد بل أنه شامل تقريباً يمتد من العاصمة بغداد إلى أكثرية المحافظات والقصبات والوزارات والدوائر كأنها محمية من قبل مافيا متحكمة ، هذا الكم من السرقات والاختلاسات لا يمكن ان يحدث الا في دولة بدون حكومة وبدون مؤسسات امنية ( جيش وشرطة وأجهزة امنية مختصة) وعلى ما يظهر هذا موجود في العراق الذي تحكمه المحاصصة الطائفية وأحزاب طائفية متنفذة ومليشيات مسلحة طائفية تابعة وهناك يبرز السؤال الأكبر
ــــــ لماذا القوى المتنفذة متمسكة بنهج المحاصصة الطائفية والحزبية ولا تريد ان تترك السلطة سلمياً لمخلصين وطنين كي يقوموا بإنقاذ العراق وتخليصه مما هو عليه من مآسي ونكبات وكوارث لا تحصى عن طريق انتخابات تشريعية نزيهة وقانون انتخابي عادل؟ .. ــــ هل هو الخوف من المحاسبة القانونية القادمة التي تلاحق من له ضلع في هذه المأساة ؟
الجواب معروف نعم .. ونعم فالقانون يجب ان يطبق على الفاسدين والمسؤولين الحرامية، والا لماذا هذا التمسك في نهج أوصل البلاد منذ 2003 ولحد هذه اللحظة للكارثة