التاریخ یشهد بأن لکل زمان أسالیبه ولكل عصر أفکارە ولكن في النهایة تبقی المصلحة القومیة هي الأسمی.
أما القيادة الناجحة فتتطلب أشخاصاً ذوي مواهب نادرة تجعلهم صالحين للقيادة، لا یدعون بأنهم ینقذون البشریة ولا یعتبرون نفسهم أفضل من بقیة الكائنات، بل یعیشون وسط الطبیعة بوصفه جزءاً من موجوداتها.
إن ما یقوم به الرئیس مسعود بارزاني وبالذات في هذه الفترة الحسّاسة من نشاطات سیاسیة و دبلوماسیة لإخراج الإقلیم من قوقعة الماضي نابع من إیمانه العمیق بتواجد شعب كوردستان في دائرة العصر.
وهو كمرجعیة وطنية و سیاسية عمل قبل الإستفتاء من أجل الإستقلال بشكل دؤوب في تهیئة شعبه للمستقبل، التي نعتبرە في حد ذاتها خروجاً من شرنقة الماضي وحلاً لأزمات الحاضر.
إذا کان التاریخ الكوردستاني حافلاً بموجات الصعود والهبوط، إلا أنه يبقى دائماً تاريخاً متجانساً بين مكونات شعب كوردستان، ذلك الشعب الذي إحتضن و حمی مكونات دینیة مختلفة و بالذات المكون المسیحي و إختار الحوار كأداة لحل مشاکله السیاسیة العالقة مع الطرف الآخر.
إن سیاسة القائد بارزاني تتمحور في أعطاء الأفضلیة للوحدة الكوردستانیة و لسیاسة تحتضن الجمیع و رؤیته للمستقبل قائم علی أُسس متينة من التعايش المشترك وحسن الجوار الإنساني والإحساس بأن وجودنا في هذه البقعة منذ آلاف القرون يُلهمنا بتأكيد معاني التسامح ويعطينا الإحساس العميق بالتجانس البشري، الذي عرفناه عبر التاریخ.
هذه القدرة مكّنه من أن یکون واسع الأفق لیتنبأ بنتائج أعمال شعبه وإنتصارات مقاتلیه علی أعداء الإنسانیة من الإرهابیین.
لقد بذر القائد بارزاني فینا بذور ثقافة النظر إلى الواقع كما هو بالفعل و بذور ثقافة العمل على تحسينه من خلال الوقوف دوماً في صف الوطن.
الرئیس بارزاني أكد غیر مرة علی مبدأ التسامح الإنساني والأخلاقي لیشكل حجر الأساس لمبادئ الديمقراطية الدستورية المستقبلية وحفّز الحوار الثقافي المتحضر بين الطوائف والقوميات والاديان المختلفة وعزّز بسیاسته الحکیمة فلسفة التعایش السلمي کصناعة مفهومية في كوردستان، هذه الثقافة أخرجنا من الأزمة التي مرت بها إقلیم كوردستان في فترة حملات داعش الإرهابیة و ما بعدها من حملات شوفینیة و جعلنا نتواصل و نسعی الی إبتکار أفکار جدیدة في العمل، نعتمد علیها کي تتحقق التنمیة المنشودة و كي لا تتوقف عجلة التطور في الإقلیم.
الیوم أمام إقلیم كوردستان فرصة للاندماج في المعادلات السیاسیة والعلاقات الاقتصادیة في المنطقة و هناك زیارات لوفود رسمیة رفیعة المستوی من الولایات المتحدة الأمریکیة و بلدان أخری أوروبیة الی الإقلیم للبحث والمناقشة حول مواضیع تتعلق بالطاقة والإقتصاد و العمل علی آلیة الإستفادة من الإنفتاح علی العالم الخارجي بصورة مخططة وعلى خطوات، لتحقيق مستقبل أفضل ولضمان الرفاهية لشعب كوردستان.
من حق شعب كوردستان بعد العيش في ثورات معرفية و اكتشاف قيمة الحرية والكرامة أن يسعی في رسم مسارات الحياة، مدركاً بالإنتماء الی الجنس البشري و قيمة مسؤولياته.
إذن، إن المستقبل ليس بعيداً وإننا نكاد نمسك الغد بأيدينا، فلنتحرك في جسارة وذكاء ورؤية واضحة ونظرة متكاملة من أجل فك طلاسم المستقبل وإيجاد الشيفرة الصحيحة التي نقرأ بها الکتاب الرقمي للزمن المقبل.
و ختاماً: “من لا یصنع واقعه و لایحضر في زمنه، الحضور الفعال والمزدهر، لایحسن الإفادة من ماضیه، کما لا یحسن إستقبال آتیه“.
الدکتور سامان سوراني