.
أفرجت السلطات العراقية عن ثلاثة متهمين بقضية “أموال الضرائب المسروقة” من مصرف حكومي، بكفالة، فيما قالت إنه تم “وضع اليد” على أغلب تلك الأموال، وفقا لقاض تحدث لـوكالة الأنباء العراقية.
وقال القاضي الأول في محكمة تحقيق النزاهة، ضياء جعفر لفتة، للوكالة إن “ثلاثة متهمين من أصل أربعة” في هيئة الضرائب العراقية أطلق سراحهم بكفالة فيما تم إيقاف مدير عام هيئة الضرائب – الذي قام بتسليم نفسه ومعاون المدير العام، وكذلك “تم إلقاء القبض على متهم آخر في إقليم كردستان”.
وقال لفتة، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس محكمة استئناف الكرخ الاتحادية، إن “محكمة تحقيق الكرخ اتخذت عدداً من الإجراءات القانونية بحق أسماء تكرر ذكرها في التحقيقات من بينهم مدير عام الهيئة العامة للضرائب، ومعاون مدير عام الهيئة، ومدير القسم المالي ومعاون مدير القسم المالي، وكذلك أصدرنا مذكرات قبض بحق أصحاب الشركات مع إجراء سلسلة من الإجراءات الاحتياطية”.
وأضاف “كذلك إلقاء القبض على المتهم (نور زهير)، وصدور استقدام بحق رئيس اللجنة المالية [النيابية] السابق هيثم الجبوري بناءً على الكتب والتوصيات الواردة من قبله والمتضمنة إلغاء الرقابة السابقة على عمليات الصرف”.
وقال القاضي إن الجبوري حضر إلى المحكمة و”سيتم استجوابه بشكل أصولي”.
وأشار القاضي إلى أن “التحقيقات من المتوقع أن تسفر عن أسماء جديدة”.
ووفقا للوكالة فقد كشف القاضي عن “وضع اليد على أغلب الأموال التي سرقت من هيئة الضرائب”، وقال إن “أغلبها لا تزال داخل العراق”.
وبين أن “هناك رأس مال تم وضع الحجز الكامل عليه في أحد المصارف بالتنسيق مع البنك المركزي علاوة على العقارات الأخرى”، لافتاً إلى أن “المبلغ الذي هرب خارج العراق غير معلوم كون قيمة المبلغ المهدور غير واضحة، وما تم الإعلان عنه هو قيمة المبالغ المصروفة”.
أصل القضية
وحتى الآن لا يعرف على وجه الدقة كامل المبلغ المسروق، ويقول القاضي إن هناك لجنة تحقيقية تتولى مهمة حصر الأموال التي صرفت بطريقة غير أصولية وتحديد المسؤولين عن الصرف.
ووفقا للقاضي لفتة فإن هناك “247 صكا” تشكل بمجموعها مستندات الصرف في القضية حتى الآن، مضيفا أن “المحكمة وضعت الحجز الاحتياطي على أموال المتهمين المنقولة وغير المنقولة وزوجاتهم وأولادهم”، وأكد أن “التحريات المالية في مكاتب غسيل الأموال بدأت تسفر عن ظهور أموال تم وضع اليد عليها”.
والجريمة “على فرض صحة ثبوتها” كما يقول القاضي هي “قيام مجموعة من الموظفين باتخاذ إجراءات مخالفة للقانون لتسهيل عملية الاستيلاء على مبالغ الأمانات الضريبية من قبل المتهمين من أصحاب الشركات”.
ويقول القاضي لفتة إن “قيمة هذه المبالغ بشكل دقيق حتى الآن غير محصورة لكن لدينا تقرير أولي يوضح عدد الصكوك التي تم صرفها وما يتم حالياً هو تدقيق هذه الصكوك”.
وتحدث مسؤولون عراقيون ونواب عن “فقدان” مبلغ يقدر بنحو 2.5 مليار دولار من أموال هيئة الضرائب العامة المودعة في مصرف الرافدين الحكومي.
ويعتقد أن الأموال تسربت على دفعات من حسابات المصرف، ويقول القاضي لفتة إن القضاء تلقى في نهاية آب الماضي معلومات إلى محكمة التحقيق الكرخ حول محاولات من قبل أشخاص للاستحواذ على مبالغ الأمانات الضريبية والجمركية، وبناء على التحقيق أصدرنا قراراً بإيقاف صرفها، إلا أنه بعد إجراء التحقيقات ظهر أن الأمانات مصروفة بتواريخ سابقة من العام 2021، أي بما يقارب العام من قرار إيقاف الصرف”.
وكشف كتاب رسمي صادر عن هيئة الضرائب أن مبلغ 2,5 مليار دولار، جرى سحبه بين سبتمبر 2021 وأغسطس 2022 من مصرف الرافدين الحكومي، عبر 247 صكاً مالياً، حرّر إلى خمس شركات، قامت بصرفها نقدا مباشرة، وفقا لـ”فرانس برس”.
ويعتقد أن الأموال صرفت بعد ورود كتب تطالب بتسهيل صرفها موقعة من رئيس اللجنة المالية البرلمانية هيثم الجبوري، الذي يخضع للتحقيق في القضية.
وقال القاضي إن الإجراء المفترض أن يتخذ من قبل الجبوري أن يشير في الكتاب والتوصية [التي قدمها إلى المصرف] إلى “ضرورة أن تجرى التدقيقات اللاحقة خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً”.
وقال القاضي إن “التحقيقات تمكنت من ضبط قسم من الأوليات لبعض التفاصيل وصولاً إلى توجيه أصابع الاتهام لعدد من الأشخاص من بينهم من هو داخل هيئة الضرائب، وآخرون خارجها”.
وأوقفت القوات الأمنية العراقية، الاثنين، في مطار بغداد رجل الأعمال المتهم بالتورط في قضية “سرقة” 2,5 مليار دولار من أموال الضرائب فيما كان يحاول مغادرة البلاد من مطار بغداد قبل محاولة الهرب.
والمتهم، نور زهير جاسم، هو رجل أعمال عراقي يمتلك إحدى الشركات التي يعتقد بأنها متورطة في سرقة الأموال.
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صور ومقاطع فيديو، ترصد لحظة توقيف المتهم والمعروف أيضا باسم “نور المظفر”، في مطار بغداد، قبل محاولة الهروب خارج البلاد.
وقال القاضي إن ” ما يرد حول اعتراف المتهم نور زهير عن تورط وزراء ومسؤولين آخرين عار عن الصحة”، مضيفا أن “المتهم ستدون أقواله اليوم بشكل مفصل أمام المحكمة حصراً”، مبيناً أن الإجراءات القانونية ستتخذ بحق جميع الأشخاص الذين اشتركوا في ملف الأمانات وفق أدلة رصينة”.
وأثارت القضية التي وصفت بأنها “سرقة القرن” في العراق الكثير من الجدل واللغط والاتهامات، وقال القاضي لفتة إن ما يثار في الإعلام حول ملف الأمانات يسبب “إرباكاً للتحقيقات القضائية، وأن هناك أشخاصاً وكيانات، تستغل التحقيقات التي تجريها المحاكم لاستغلال المواطنين وتعمل على ابتزازهم وسنتخذ إجراءات قانونية بحقهم بعد أن أسندت بأدلة وقدمت للقضاء”.
ويحتل العراق المرتبة 157 بين 180 دولة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن “مدركات الفساد”، وغالبا ما تستهدف المحاكمات في قضايا الفساد في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت، مطلع أكتوبر أن الفساد المستشري يشكل سببا جذريا رئيسا للاختلال الوظيفي في العراق، مضيفة “بصراحة، لا يمكن لأي زعيم أن يدعي أنه محمي منه”، وفقا لـ”فرانس برس”.