بعد مخاض طويل لأكثر من سنة وأحداث دامية وصراع مقيت من قطع الشوارع والجسور والاعلان عن حالة الأنذار ودخول القوات الأمنية والعسكرية في حالة التأهب القصوى ودخول المتظاهرين لمرات الى بناية مجلس النواب وبناء تحالفات عديدة تحت مسميات تنم عن الاخلاص للوطن والرغبة من الخروج بإصلاحات وتقديم أفضل الخدمات أخيراً ولد في العراق حكومة جديدة برئاسة السيد محمد شياع السوداني من الاطار التنسيقى ونال ثقة مجلس النواب في 27\10\2022 بعدما بات اسم الصدر والصدريين جزءاً من الماضي بعد أن كان الشغل الشاغل والحكم والقرار من خلال قصاصات صغيرة ويحرك الشارع بأنصاره ويفرغه خلال دقائق معدودة، الطريق ليس معبداً أمام هذه الحكومة ولا مفروشاً بالورود بل تعتريها العديد من العقبات التي هي من ترسبات الحكومات السابقة مع الأعتقاد الحاسم أن السوداني لا يملك عصا سحرية لمعالجة هذه العوائق بل يحتاج الى إرادة صلبة وقرارات جريئة وفريق عمل متكامل يعمل كالنحل ومنظم كالنمل.
من أهم هذه العقبات التي تقف بوجه الحكومة نذكر منها على الرغم من كثرتها ولكنها الرئيسية:
- الفساد الاداري والمالي: وفق البيانات المعلنة من قبل الجهات المعنية يعتبر العراق البلد الأكثر فساداً ونهباً للأموال العامة بل سجلت سرقة القرن فيه، ونخر في الجسد حتى العظم وبات داءُ يصاب كل من يقف على كرسي الحكم والمصلح اصبح غريباً ومنبوذاَ ومتشاءماَ ويائساً بين أفراد المجتمع.
- الإرهاب: الجماعات الإرهابية هم المصدر الأول والأكثر تأثيراَ وفعالية على الأمن الوطني العراقي ورغم جهود القوات العسكرية والأمنية المتواصلة لضربها وقتل أفرادها وتجفيف منابع تمويلها إلا أنها لا تزال تشكل خطراً كبيراَ على أمن المواطنين والدولة ونلاحظ هجماتها العنيفة بين فينة وأخرى على العسكر والمواطنين وتنتهي بالقتل والخطف والتدمير.
- السلاح المنفلت:إن القوات العسكرية تعتبر من الركائز الاساسية لقيام الدولة وديموميتها ولكن يجب ان تنحصر السلاح بيد هذه القوات وغيرها الرسمية في الدولة، إن حيازة المواطنين للسلاح يمثل خرقاً قانونياً ومصدر خطر على أمنهم وحياتهم فكم من مشادة كلامية أنتهت باستخدام السلاح وتفاقمت المشكلة وخلفت نتائج مخيفة من القتل والتشريد وإثارة القلاقل بين المواطنين ووجود هذا النوع من السلاح إشارة واضحة على أنفلات أمني، لابد للحكومة من اتخاذ ما يلزم للسيطرة عليه وحصره بيد الدولة.
- الجماعات الخارجة عن القانون: إن وجود جماعات وبمسميات مختلفة التي تتلقى الأوامر من غير المؤسسات القانونية والرسمية في الدولة وتنفذ أجندات خارجية غير سياسة الدولة تمثل خطراً على كيانها وعلى حياة مواطنيها فكم من إنسان هدر دمه في وضح النهار دون مساءلة ومتابعة.
يمثل ما ذكرناه أهم العقبات أمام حكومة السيد محمد شياع السوداني الذي نتمنى له التوفيق والنجاح في مهامه، ونأمل أن يكون حكومة وطنية خادمة محايدة في سياساتها ومواقفها وبرامجها، بعيدة عن الروح الطائفية والمذهبية والقومية ويعامل المواطنين سواسية دون تمييز عرقي أو ديني لأنه يمثل الداء الذي يعاني منه العراق لسنوات طوال.
ولكن ليعلم ان إعادة التوازن في بناء علاقات اربيل وبغداد والتنسيق العسكري والامني ومعالجة المشاكل العالقة بينهما يمثل الخطوة الاساسية والسر الذي يكمن وراء نجاحه… فالتجارب السابقة أثبتت ان القيادة السياسية لإقليم كوردستان وخاصة شخصية السيد (مسعود البارزاني) هم الفواعل الرئيسيين في العملية السياسية في العراق بل وفي المنطقة برمتها، وإن اخذ الدروس والعبر واجبة والفهيم يكفيه الإشارة مهما كانت قصيرة ومختصرة