“لا شيء جديد تحت الشمس للأيزيديين، فالعالم في عود أبدي، والعنف يغيب تارة ليبزغ بعد حين في صورة وتجلٍّ جديد، وعلى الأيزيدي في كلّ مرّة، أن يبدل الأقنعة والوجوه لكي يُتقبّل ضمن بنية الثقافة السائدة، أو يلوذ بالجبل صديق المضطهدين”، هذا هو الأساسي المحوري لـ”منظور الاستمرارية” في تاريخ الأقلية الأيزيدية، وفقاً للكتاب الصادر مؤخراً بعنوان: “الإبادة الجماعية مستمرة: ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الأيزيدي”، للخبير في شؤون التنوع الديني ومنع الإبادة الجماعية، سعد سلوم.
تزامن إصدار الكتاب مع الذكرى الثامنة للإبادة الجماعية التي تعرضت لها الأقلية الدينية على يد تنظيم داعش في صيف 2014، ليؤكد أنها (الإبادة) ما تزال حية ومستمرة بالنسبة للمجتمع الأيزيدي.
وتشكل “الإبادة الجماعية حدثاً تأسيساً للهوية الأيزيدية المعاصرة”، بشكل يطابق وصف الهولوكوست بـ “الماضي التأسيس للهوية اليهودية”، يقول الكتاب.
الكتاب يتجاوز الإبادة الجماعية التي ارتكبتها داعش، باتجاه تحليل تطور الهوية الأيزيدية، ما قبل الدولة الوطنية وبعدها، إضافة إلى تحليل مظاهر الانقسام داخل المجتمع الأيزيدي، وانعكاسات ذلك على القضية الأيزيدية، والتوظيف السياسي لها.
الصعود إلى الجبل وسقوط العزلة
لاذت الأقلية الدينية في عهد الإمبراطورية العثمانية بالجبال للحفاظ على خصوصيتها، لكن العالم الخارجي واصل تهديد عزلتها، فطاردتها الفتاوى والفرمانات التي تحمل أوامراً سلطانية بإبادتها وارتكاب المجاز ضدها.
وتؤرخ الذاكرة الجمعية للأيزيديين لـ74 حالة قتل جماعي، لترتبط فكرة الاستمرارية في الذاكرة بشكل عضوي مع حدوث الإبادة الجماعية وأوامر القتل الرسمي.
ومع انهيار الدولة العثمانية وقدوم الاستعمار وجد الأيزيديون أنفسهم وسط معادلة صراع دولي نتيجة خصوصيتهم الجغرافية على مثلت الحدود (العراقية السورية التركية)، فكانوا مادة للصراع والاستقطاب بين بريطانيا وفرنسا وتركيا.
وبعد نشوء الدولة الوطنية عام 1921، لم يجد الأيزيديون أنفسهم في وضع أفضل، إذ عملت الدولة الوطنية على “مسخ” هويتهم ومطابقتها مع إملاءاتها.
ومن ذلك، تلاعب نظام البعث في عهد صدام حسين بالتسمية في قانون الطوائف الرسمي الصادر عام 1981 ليصبح وصف الطائفة “أموية يزيدية”، بشكل يخدم استراتيجيته النظام بدمجهم في إطار القومية العربية (السنية)، وما صاحب ذلك من شائعات عن فعاليتهم في الحرس الجمهوري الذي استخدمه صدام في قصف مرقد الإمام علي بالنجف، وهو ما تسبب في حالة عداء شيعية، رغم محاولات النفي الأيزيدية.
وعمل النظام أيضا على تحويلهم إلى نقطة استقطاب في الصراعات الداخلية والإقليمية، فحملتهم الجغرافية من جديد ضريبة الحرب العراقية الإيرانية، والصراع بين حكومة بغداد مع المكون الكردي، عبر تجنيد الأيزيديين في القوات الحكومية ضد المتمردين الأكراد.
جاء العام 2003، ليشكل منعطفاً جديداً في إعادة تموضع الهوية الأيزيدية وحضورها وسط صفقة التقاسم الثلاثية للسلطة (الأكراد، والشيعة، والسنة)، خاصة مع محاولات استمالة الأقلية الأيزيدية من قبل الجماعات العرقية والطائفية الرئيسية المتصارعة على السلطة وما صاحب ذلك من خلق نزاعات حول الهوية الأيزيدية.
الانقسامات.. تأثيرات سلبية وتوظيف سياسي
أثرت الانقسامات بشكل كبير على تدويل القضية الأيزيدية والتعبير عنها عبر المنصات الدولية المختلفة، بشكل أدى إلى نوع من البرود في التعامل مع القضية الأيزيدية على المستوى الدولي، وذلك عائد حسب شخصيات قابلها مؤلف الكتاب إلى عدم وحدة الخطاب الأيزيدي، وضعف المركزية، أو انعدام الالتفاف حول مرجعية أو مؤسسة مركزية واحدة على النحو الموجود في أقليات أخرى.
الانقسام ينطلق من التسمية إلى الحيز الجغرافي، والحدث المؤسس للهوية الجماعة، وصولاً إلى تسمية الإبادة الجماعية.
حول التسمية، يتواصل الانقسام بين “أيزيديون” أم “يزيديون”، وهو الانقسام الذي أسس لاستخدام الطائفة من قبل السلطة لاستعداء المكونات العراقية.
وعلى صعيد الحيز الجغرافي يستمر الخلاف على تسمية المدينة الأشهر لدى الأيزيديين. ففي حين تستخدم الجهات الكردية أسم “شنكال”، اعتمد الاسم العربي “سنجار” في وسائل الإعلام الرسمية منذ قيام الدولة العراقية عام 1921. ويرى الكتاب أن الانقسام حول التسمية يتجاوز الخلاف اللغوي، ويخضع لتوظيف سياسي يخدم فكرة الصراع على أراضي الأيزيديين وهويتهم.
وفيما تجمع النخب الأيزيدية على التأثير الحاسم لـ”الإبادة الجماعية” على الهوية المؤسسة للأيزيديين، إلا أن الانقسامات ظهرت حول الآثار التي أنتجتها الإبادة الأخيرة (هجوم داعش في 2014) على الهوية الأيزيدية.
وبعد أن حافظ المجتمع الأيزيدي طويلا على تماسكه الاجتماعي ووجوده على أرضه، وخصوصيته الدينية الجامعة، جاءت إبادة 2014 لتخلق انهياراً داخل المجتمع، وتحدث صدمة نتج عنها انهيار الثقة بجميع النخب والقيادات الأيزيدية.
إضافة إلى ذلك، احتدم الجدل داخل النخب الأيزيدية حول استخدام مصطلحات لا تحمل دلالات قانونية للدلالة على الإبادة الجماعية، مثل: الكارثة، والمأساة، والمعاناة.
وأسست الإبادة الجماعية لحالة تنافسية بين الأقليات. وفيما يؤيد ناشطون مسيحيون الإشارة إلى الفظائع التي ارتكبها داعش على أنها “إبادة جماعية للأيزيديين والمسيحيين والأقليات الأخرى”، تثير الفكرة لدى الأيزيديين اتهامات بقلة الوعي بالأهوال التي ارتكبت بحقهم. تنافس يفسر بإهمال الحكومة الفيدرالية لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأيزيديين بصورة رسمية، الأمر الذي ينظر إليه الأيزيديون على أنه علامة على الإهمال وعدم الاحترام.
وفيما ترى أصوات من النخبة أن الانقسام حدث طبيعي داخل المجتمعات، إلا أن الغالبية تؤكد على ضرورة الوصول إلى حالة استقرار داخلي يقود إلى امتلاك صوت حقيقي على المستوى التشريعي والتنفيذي للمطالبة بالحقوق القانونية والدستورية، وتوحيد الخطاب على منصة المجتمع الدولي، لاسيما على صعيد التعامل مع القضية الأيزيدية في المحاكم الدولية المختصة وإقرارها كجريمة إبادة جماعية، من ثمّ تحقيق العدالة للضحايا كخطوة أولى لبناء سلام شامل ومستدام، ومنع تكرار الجرائم ضد المجتمع الأيزيدي في المستقبل.
جيل جديد.. مجتمع ما بعد الإبادة
أعقب الإبادة الجماعية، عام 2014، ظهور جيل أيزيدي جديد، أخذ على عاتقه تحمل مسؤولية التغيير من الأسفل إلى الأعلى، كما يبيّن الكتاب، جيل خط طريقة لبناء مجتمع ما بعد الإبادة الجماعية.
فقام عدد من شباب هذا الجيل، في 2018، بإحياء الذكرى الرابعة للإبادة بإعلان يوم الإبادة كتاريخ لوفاة الأمم المتحدة. كذلك، لم يتوقف هذا الجيل عن الاحتجاج خلال السنوات الأربعة اللاحقة 2018-2020. لقد كانوا جزء من حساسية جديدة ربطتهم بغيرهم من الشباب العراقيين الذين خرجوا في تشرين عام 2019 لكي يهزوا قناعات النظام السياسي بوجوب تغيير نظام المكونات وتأسيس بديل يقوم على المساواة والمواطنة والعدالة، يقول الكتاب.
ويخلص الكتاب إلى جملة من التوصيات تتعلق بوجوب تعزيز المشاركة السياسية للأيزيديين بشكل يزيد من الثقة الرأسية بين الأقلية والدولة، وبناء قدرة المجتمع الأيزيدي وثقته الذاتية عن طريق التعليم، خاصة وأن تدني مستويات التعليم في المجتمع الأيزيدي جعله عرضة للابتزاز.
إضافة إلى توصية تحثّ وسائل الإعلام على وقف إظهار الأيزيدي كضحية على نحو يرسخ صورة سلبية عن حضور الأيزيدي في المجال العام، والعمل على إبراز عمق ثقافته وصموده وصلابته في وجه الإبادة الجماعية، علاوة على توصيات تتصل بالتمكين الاقتصادي، ومؤسسة الحوار، والإصلاحات الداخلية.
ارفع صوتك
أنا كايزيدي أعرف شيئاً واحداً واتحدى
أي ايزيدي في موقع قيادي في الحكومة
المركزية او حكومة إقليم كردستان أن
ينفذ موظف في إدارته قراراته من الإخوة
المسلمين من الكرد أو العرب، وذلك بحجة
حرمة ولاية الغير مسلم على المسلم.
ولدي ليس دليل بل عشرات الإدلة على
وأي ايزيدي ينكر ذلك اما خائفاً من البطش
أو خائفاً على مصالحه ويفضل نفسه على
المجتمع الأيزيدي، و بكلمة أدق يستخدم
الأيزيدية كورقة لصالحه وهذا واضح حتى
للأبلَهْ.
ولذا فوجود اي موظف ايزيدي في دوائر
الدولة إن كان في الإقليم أو المركز لا
يغير شيئاً من حالة المجتمع الأيزيدي.