في قضية يشوبها الفساد تصدرت الرأي العام العراقي ، طالبت لجنة حقوق الإنسان النيابية ، وزير العدل الجديد خالد شواني بتفاصيل كاملة عن الشركات المتعاقدة مع الوزارة وطبيعة الطعام المقدم للسجناء.
ووفقا لطلب نيابي معنون بـ”عاجل جداً” ومذيل بتوقيع رئيس اللجنة أرشد الصالحي، طالبت اللجنة الوزير خالد شواني بتزويدها بالبيانات الخاصة بعقود الطعام الخاصة بالسجناء والموقوفين في دائرة الإصلاح العراقية.
كما طالبت اللجنة بأسماء الشركات المتعاقدة مع الوزارة، وإحصائيات بنوعية وكمية الطعام والمبالغ المخصصة مع نسخة من العقود.
وبحسب إحصائيات رسمية، يقبع في المعتقلات العراقية نحو 50 ألفا بين سجين ونزيل وموقوف، غالباً ما تتحدث تقارير ومصادر مطلعة عن سوء أحوال التغذية ورداءة الوجبات المقدمة لهم.
وبحسب تعليمات وزارة العدل، تلتزم جميع السجون العراقية بتقديم ثلاث وجبات من الطعام لكل النزلاء والمعتقلين تصل قيمة الوجبة الواحدة ما يعادل 8 دولارات، فيما يفيد شهود ومصادر بأن المتوفر حالياً لا تتجاوز قيمته 1.5 دولار.
وكانت مفوضية حقوق الإنسان قد كشفت مؤخراً، عن تلقيها 15 ألف شكوى من منظمات وأهالي السجناء سنويا، تتعلق برداءة الطعام وسوء المعاملة والتعذيب.
وقد وثقت المفوضية في تقاريرها للأعوام 2018 و2019 و2020، تراجعا على مستوى توفير طعام النزلاء والموقوفين والمودعين، بالإضافة إلى سوئه.
وخلص تقريرها السنوي لعام 2020، إلى 14 استنتاجا، منها رداءة الطعام وقلته ورداءة الأواني، التي يقدم وينقل فيها الطعام في معظم السجون ومرافق التوقيف الاحتياطي، وتستخدم أحيانا قناني المياه الفارغة أو الأكياس البلاستيكية لوضع الطعام والشاي، وعدم التزام متعهد الإطعام بالجدول الذي يتضمن أصناف الطعام.
وتدير وزارة العدل 36 سجنا ومؤسسة تأهيل للأحداث ودور ملاحظة (يوقف فيها الأحداث تمهيدا لمحاكمتهم)، وتتعاقد مع شركات خاصة.
ويحدد بموجب العقد كمية ونوعية الغذاء الذي يقدم للنزلاء والمودعين والموقوفين، وفق تقرير أوضاع حقوق الإنسان في العراق الصادر العام 2020.
ولدى وزارة العدل العراقية تعاقدات مع 4 شركات في بغداد والكرخ، ”لتقديم الطعام في جانب الرصافة ومجمع التسفيرات (مركز احتجاز)، بالإضافة إلى تعاقدات مشابهة في كل محافظة.
وبحسب لجنة حقوق الانسان النيابية “هنالك قوى سياسية تقف وراء الشركات المجهزة لإطعام السجون العراقية وهي جزء من مشروع فساد لهدر وسرقة مليارات الدنانير سنوياً”.
وتوضح ، بأن “بعض الجهات المعنية بموضوع السجون تعزو رداءة تجهيز السجناء بالطعام إلى قلة التخصيصات المالية وهو خلاف الحقيقة حيث إن الأموال المرصودة لذلك الجانب تؤمن الغذاء لهؤلاء وبأفضل ما يكون”.
من جانبها تقول عضوة مفوضية حقوق الإنسان سابقاً، فاتن الحلفي، أنه “وخلال عملها في متابعة ذلك الملف قد سجلت شكاوى عديدة وانتهاكات تم لمسها عن قرب بحق السجناء العراقيين فيما يخص موضوع الطعام المخصص لهم”.
وتضيف الحلفي، أن “هنالك حوانيت لبيع الطعام داخل أغلب السجون العراقية تبيع الطعام والاحتياجات الأساسية بأسعار باهظة وأغلى من كلفتها الحقيقية في السوق بأكثر من 5 أضعاف”.
وتتابع بالقول: “رداء الطعام وحتى أن البعض منه كاسد بسبب سوء التخزين يدفع السجناء إلى اعتماد تلك الحوانيت للحصول على الغذاء”.
وتضيف ، أن “تلك الحوانيت والدكاكين عند المعتقلات جميعها يعمل دون أي غطاء شرعي مما يفرض على وزارة العدل والجهات المعنية الالتفات إلى ذلك والوقوف على خفايا ذلك الأمر”.
وكان مرصد يعنى بتوثيق الانتهاكات الإنسانية والمخالفات القانونية في العراق، أكد في وقت سابق، أن شركات تقديم الطعام للسجناء لا توفر 10 بالمئة من مفردات الطعام التي وردت في العقود الموقعة مع وزارة العدل، مشيرا إلى وجود سجناء في سجن التاجي شمالي العاصمة العراقية بغداد، وسجن الحوت المركزي في مدينة الناصرية جنوبي العراق لا يتجاوز وزنهم 40 كغم، وهذا الوزن وفقاً للمعايير العالمية غير طبيعي.
وكان مجلس القضاء الأعلى، قد أصدر في شهر يوليو/تموز الماضي، توضيحا بشأن تقديم الطعام المقدم للموقوفين والمحكومين المودعين في سجون الإصلاح.
وأكد أن وزارة العدل هي المتخصصة بذلك، حيث تتعاقد الوزارة التي تدير السجون ومؤسسات تأهيل الأحداث ودور الملاحظة مع شركات خاصة ويحدد بموجب العقد كمية ونوع الغذاء الذي يقدم للنزلاء والمودعين والموقوفين.
وأشار إلى أن القضاة وأعضاء الادعاء العام يتابعون خلال جولاتهم التفتيشية مدى صلاحية الطعام الذي يقدمه المتعهدون ومدى وصول وجبات الطعام في الأوقات المحددة.
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت وصفت ، امس الثلاثاء، الفساد بأنه “تحدي العراق الأكبر”.
وقالت بلاسخارت في كلمة لها خلال ملتقی الشرق الأوسط 2022 المقام في أربيل عاصمة إقليم كوردستان بعنوان (عراقٌ للجميع)، بمشاركة سياسيين وباحثين من داخل وخارج العراق:”هناك فسادا كبير في العراق، وهو التحدي الأكبر”، مبينة أن “الفساد يقف ضد تقدم وتطور العراق”.