.
بتعهد رئيس الوزراء العراقي الجديد، محمد شياع السوداني، بإنهاء ظاهرة “السلاح المنفلت” في برنامجه الحكومي، تثار التساؤلات حول المقصود بهذا السلاح، في ظل تنوع أشكاله وأسمائه وارتباط جماعاته بأصحاب النفوذ.
منذ الغزو الأميركي للعراق، تعددت مظاهر فوضى التسلح في العراق، منها سلاح العشائر، وسلاح عصابات الجريمة المنظمة كالتهريب والمخدرات، وسلاح الميليشيات الطائفية التي هي أذرع لأحزاب تتغذى على دعم دول إقليمية، وتدعي أنها تكتسب شرعية قانونية؛ فأيها يقصده السوداني؟
وفق سياسيين ومحللين عراقيين تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن من أشد التحديات التي ستواجه محمد شياع السوداني، أن بعض تلك الجماعات سترفض إلقاء سلاحها، ومنها جماعات في “الإطار التنسيقي” دعمت ترشحه لمنصبه.
وفي برنامجه الوزاري، أعلن السوداني أمام البرلمان حصر السلاح بيد الدولة، وهذا استكمال لمهمة سلفه مصطفى الكاظمي، الذي أطلق حملات في هذا الاتجاه.
فرصة سانحة
يرسم القيادي في تحالف الفتح، علي الفتلاوي، صورة متفائلة لما وصفها بـ”الفرصة الكبيرة” أمام السوداني لإنجاز خطوات في ملف الميليشيات المسلحة، قائلا:
السوداني يختلف عن رؤساء الحكومات السابقين، بسبب الدعم السياسي الذي حصل عليه، وهذه فرصة كبيرة.
اشترط السوداني على جميع الكتل مساندته في هذا الملف بالتحديد، كي لا يعارضوه لاحقا.
حصر السلاح بيد الدولة هو مطلب شعبي، وكذلك من أهداف قوى الإطار التنسيقي.
لا يمكن القبول بوجود سلاح منفلت بيد العشائر وعصابات الجريمة، وحتى الفصائل التي تتغطى باسم الحشد الشعبي.
ترجع دعوات حصر السلاح بيد الدولة إلى سنوات بعيدة، منذ الظهور الغزير للفصائل المسلحة بعد عام 2003.
هذا الملف بند دائم في برامج الحكومات المتعاقبة، خاصة بعد تضخم بعض الميليشيات واختراقها مؤسسات الدولة، بحجة أنه كان لها دور رائد في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي بعد عام 2014، وصياغة قوانين تعطيها شرعية رسمية.
تتصاعد الدعوات مع مواسم تشكيل الحكومات، خاصة أن السلاح ضاعف من النزاعات العشائرية الطاحنة.
التطبيق صعب
في تقدير الخبير الاستراتيجي، الدكتور أمير الساعدي، أن البرنامج الحكومي للسوداني واعد، لكن تطبيقه على أرض الواقع صعب.
يوضح الساعدي أن “هذا يعود إلى تشابك الأحزاب السياسية بالفصائل المسلحة؛ فالكثير من الأحزاب الداعمة للسوداني، لديها أجنحة عسكرية؛ ما يعقد مهمة تحريك هذا الملف، لكن قد تكون هناك محاولات لملاحقة سلاح العشائر، وشبكات التهريب على الحدود، وعصابات الجريمة المنظمة، لكسب ود الشارع”.
في نفس الوقت، يرى الساعدي أن “الدستور العراقي، والقوانين النافذة كافية لحل تلك المعضلة؛ إذ نصت على منع تشكيل مجموعات مسلحة خارج نطاق القانون، ومنعت الأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية من المشاركة، لكن هذه القوانين بحاجة إلى تفعيل ومتابعة”.
انسحاب الصدر
شكَّل انسحاب الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، من العملية السياسية فرصة مواتية لبعض المجموعات المسلحة للاستفراد بالساحة السياسية وإعادة تشكيل خريطة نفوذها داخل مؤسسات الدولة، وفق مختصين في الشأن العراقي.
يُنظر إلى السوداني، على أنه “صديق” لبعض الأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية، باعتبارها رشحته لمنصب رئاسة الوزراء؛ ما يغذي التساؤل عن إمكانية تحريك هذا الملف، كما أن السوداني لم يُعرف عنه معارضته لوجود تلك المجموعات في تصريحات أو لقاءات إعلامية سابقة له.