المقدمة
الحزب السياسي هو تنظيم سياسي يهدف الى الوصول الى السلطة وبلوغ الحكم في البلد وعادة ما يكون من خلال المشاركة في انتخابات، ويعد ظهور الاحزاب السياسية حافزاً مهماً في اتساع مظاهر الديمقراطية لانها تمارس الديمقراطية في داخلها من خلال انتخاب الهيئات والهياكل التنظيمية ويعرف بانه مجموعة من الاشخاص يؤمنون بفكرة معينة ويسعون لتطبيقها او انهم مجموعة من المصالح يريدون حمايتها و الدفاع عنها و تعددت التعاريف والانواع والتأثير والعمر.
تأسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 16/اب/1946 على يد الزعيم الراحل (مصطفى البارزانى) الذي كرس جلَ حياته خدمة لأبناء شعب كوردستان وتحقيق حلمه في بناء كيان سياسي مستقل له وخاض العديد من الثورات واستطاع توحيد صفوف الشعب من اقصاه الى اقصاه وناضل بكل شجاعة وامانة حتى وافته المنيه تاركاً أثراً ومدرسة من النظال التي هي محل فخر لكل من يؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان والحرية ولا يرضخ لإرادة الاعداء فكان خير قائد و سياسي ارغم الاعداء للوقوف عند مطالبه وحقق العديد من المنجزات ومهد الطريق لابناءه من بعده وحتى احفاده بالتمسك بفكره وطريقته في النضال والتضحية وتجاوز المحن والصعاب وادارة الازمات مع اختلاف الازمان والظروف، هذا الحزب الجماهيري الذي ولد من رحم الشعب فهو الخادم له والسالك طريقه نحو تحقيق الاهداف والاحلام اسوة بغيره من الشعوب الذين ينعمون بالحرية ويملكون كياناً سياسياً مستقلاً لهم .
اهمية مؤتمر الرابع عشر
عقد الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه في 16/اب/1946 اي خلال 76 سنة (14) مؤتمراً كان اوله في بغداد وهو المؤتمر التأسيسي وتلاه مؤتمرات اخرى في مناطق وفترات متعددة استناداً الى حاجة الحزب وايمانه بضرورة عقد مؤتمر لاعادة النظر في ما مضى و الاستفادة من اخطاءه و اعادة رسم سياسة مستقبلية جديدة للأتي من الزمان وكذلك ليكون المؤتمر منطلقاً ومرسماً لخارطة طريق جديدة في علاقات هذا الحزب المناضل مع غيره من الاحزاب الكوردستانية والوطنية العراقية والدول الاقليمية والاهم منهم مع جماهيره المخلص وكيفية تنظيمهم والوقوف عند مطالبهم وحسب المنهاج الداخلي يفرض عقد مؤتمر كل 4 سنوات و لكنها في الغالب تتأخر العقد لسنوات نتيجة الظروف والمواقف الداخلية و الخارجية .
مضى على انعقاد المؤتمر (13) الذي عقد في 2010 حوالي اثنا عشر سنة لأن هجوم تنظيم داعش الارهابي على الإقليم عام 2014 و المؤامرة الخيانية في 16 اكتوبر عام 2017 بعد الاستفتاء الكوردستاني في 25/9/2017 وانتشار فايروس كورونا حالوا دون انعقاده وضرورة تأجيله الى ان قررت القيادة السياسية للحزب انعقاده في 3/11/2022
يمكننا بيان اهمية هذا المؤتمر من خلال النقاط التالية :-
- مرور اكثر من اثنا عشر سنة على انعقاد المؤتمر السابق وشهدت المنطقة الكثير من الاحداث والمواقف والتغييرات منها ظهور الجماعة الارهابية داعش وسيطرتها على اراض واسعة في العراق وهجومه على الإقليم ومحاولة احتلاله ولكن قوات الثيشمةرطة صدت لها وقدمت مئات الشهداء والاف الجرحى وكان لقيادة السيد (مسعود البارزاني) وحضوره المستمر في جبهات القتال الاثر الفعَال ورفع الروح المعنوية لهم وكان لدول التحالف دوراً مميزاً في صد هجمات داعش الارهابي و لاينسى دور المتطوعين والاهالي في تقديم الدعم المادي واللوجستي لقواتنا الثيشمةرطة وكذلك قيام الحكومة العراقية بقطع الموازنة المالية للاقليم واجراء الاستفتاء الكوردستاني وماتلته من احداث في 16 / تشرين الاول / 2017 وهجوم القوات العراقية على الاقليم وفرض الخناق على الاقليم بغلق المنافذ الحدودية والمطارات بهدف النيل من هذه التجربة الديمقراطية واخيراً انتشار فايروس كورونا الذي غير وجه الحياة على البسيطة وخروج المظاهرات المتتالية في العراق وتشكيل حكومات عديدة فيها واجراءات جولتين من الانتخابات في 2018 و 2021 كل هذه الاسباب ادت الى تأجيل انعقاد المؤتمر.
- الثقل السياسي والاجتماعي والدبلوماسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني على المستوى الداخلي والاقليمي والعالمي حيث تمكن وبفضل تاريخه النضالي وقيادته الحكيمة من بناء علاقات قوية و آواصر فولاذية مع الدول والحكومات والمنظمات واستطاعت بخبرتها زيادة التميل الدبلوماسي للدول في الاقليم بفتح المكاتب والقنصليات والممثليات للدول العظمى في العالم والتي لها دور كبير في رسم السياسة العالمية وتأثير في مجريات الاحداث .
- انعقاد المؤتمر في مدينة دهوك مركز محافظة دهوك بإقليم كوردستان حيث انها المرة الاولى ان يقرر قيادة الحزب انعقاده مؤتمره الرابع عشر في منظقة تعتبر معقلاً وقلعة رصينة للحزب حيث يمتد جذور الحزب التنظيمية بين اهالي المدينة ومنطقة بادينان برمتها الى الاعماق ولعب اهلها دوراً كبيراً في ثورتي ايلول وكولان والانتفاضة الشعبية عام 1991 واعتقل اعداداً كبيراً منهم من قبل الحكومات العراقية السابقة بتهمة الانتماء الى صفوف الحزب.
- المشاركة الفعالة لطبقة الشباب المتحمس الذي هم الطاقة الكامنة في المجتمع الكوردستاني اسوة بالمجتمعات الاخرى حيث شارك عدد كبير من هم في مقتبل عمرهم وقد خدموا ضمن المنظمات الجماهيرية للحزب من الطلبة والشباب وكانت رغبتهم بتولي المناصب بروح ومعنويات عالية وعملوا بكل جدية وهذا دليل على التجدد والحيوية وتطعيم حماس الشباب مع اصحاب الخبرة والتجربة السابقين لهم في صفوف الحزب، ومن جانب آخر مشاركة النساء بشكل ملحوظ منح المؤتمر اهمية اخرى فمنهن من فازت بحقها واخرى فازت بنظام الكوتا و وصلن الى المؤتمر بعد قرار اللجنة التحضيرية بمشاركة النسوة بنسبة 25% و أبدت عليهن الحماس و الجدية بضرورة لعب دورهن ضمن القيادة الجديدة للحزب للسنوات القادمة، وهنا لابد من الاشارة الى ان مشاركة مندوبين من مختلف الاديان والقوميات والمذاهب ومن كافة مناطق الاقليم وحتى اوروبا وامريكا وكندا منح المؤتمر اهمية كبيرة ليكون مؤتمراً ناجحاً ومعبراً عن تطلعات و اهداف كافة فئات المجتمع الكوردستاني اينما كانوا فكان المؤتمر بحق وطن داخل الحزب.
قراءة امنية للمؤتمر
تناول اعضاء المؤتمر الرابع عشر للحزب جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودبلوماسية بقراءات متأنية وعميقة المنهاج الداخلي للحزب لكونه حزباً جماهيرياً يجمع تحت خيمته شرائح ومكونات متنوعة بالاضافة الى ما يتطلب من هذا الحزب العريق رسم سياساته تجاه القضايا المختلفة على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي ، هنا نقتصر على إلقاء الضوء على الجانب الامني دون التقليل من الجوانب الاخرى وانما يأتي من اهمية الجانب الامني الذي كان يعتمد عليه انعقاد المؤتمر وخروجه بتوصيات و منهاج نموذجي يعبر عن رؤية الحزب ويمكننا ان نلمس الاهمية التي اولاه الحزب للجانب الامني من خلال النقاط التالية:
- بعد قرار القيادة الحكيمة للحزب بانعقاد المؤتمر الرابع عشر في دهوك بدأت التحضيرات اللازمة وتشكيل اللجان المتنوعة و المتعددة تجري على قدم وساق ومنها اللجنة الامنية المكلفة بتأمين وحماية الامن لمندوبي المؤتمر منذ ان بدأت العملية الانتخابية في اللجان المحلية لاختيار المندوبين وحتى اللحظة الاخيرة لانعقاد المؤتمر، بدأت الاجهزة الامنية والعسكرية وقوى الامن الداخلي بعقد الاجتماعات واحدة تلو الاخرى من اجل تنسيق الجهود وتوزيع الواجبات حسب الخطة الامنية المرسومة التي تتكفل بتوفير الامن للمندوبين في محل اقامتهم (الفنادق) و عند تنقلاتهم وفي مكان انعقاد المؤتمر في قاعة المؤتمرات ضمن الحرم الجامعي لمحافظة دهوك وكان التنسيق العالي والتعاون المثالي بين هذه الاجهزة كل حسب اختصاصة اساس نجاح الخطة .
بذل العاملين ضمن هذه الاجهزة جهوداً كبيراً ومتواصلاً ليل نهار وعملوا ضمن الاطار المرسوم لهم بكل اخلاص وتفاني والتزام كعيون ساهرة ترصد وتراقب كل ما كان يهدد الامن مثلما هم كذلك في كل الاوقات والازمان وسخروا كل طاقاتهم من اجل امن المؤتمر باعتباره حدثاً فريداً ونوعياً ضمن منطقتهم وعبروا بسلوكهم وتصرفاتهم واجراءاتهم انهم ابناء هذا البلد وخرجوا من رحمه وتحملوا المسؤولية بكل معانيها فكانوا درعاً واقياً وقلعة حصينة منحوا للمندوبين والاهالي الاطمئنان والراحة النفسية واستطاعوا بقدراتهم الاحتفاظ بأسم محافظة دهوك المنطقة الاكثر أمناً وحماية على المستوى العراق مثلما كان في السابق المدينة التي يفتخر بها ابناءها بالانتماء لها والعيش فيها .
- صعود وفوز عدد من مندوبي المؤتمر ذات الخلفية الامنية الى عضوية اللجنة المركزية، بعد فتح باب الترشيح للمندوبين للفوز بمعقد في اللجنة المركزية وبعد فرز الاصوات تبين فوز عدد غير قليل من الوجوه الجديدة وصعودهم الى عضوية اللجنة المركزية (بعد تغيير اسمها من المجلس الرئاسي الى اللجنة المركزية) وهؤلاء الاعضاء عملوا ضمن صفوف الاجهزة الامنية لسنوات عديدة وقد يكون منهم مازال مستمراُ فيها وهذا دليل على الاهمية التي يوليها الحزب بالجانب الامني لأن هؤلاء الاعضاء الجدد سيشاركون في رسم السياسة العامة للحزب وفي صنع القرارات ومن المؤكد سيكون الجانب الامني في كل خطوات وعلاقات وقرارات الحزب حاضراً بل يجعلون منه اساساً لتعاملهم وانطلاقهم و فتح الابواب امام غيرهم من الاحزاب والجهات والمنظمات كما سيكون لهم دور فاعل في تحديد مصادر التهديد الموجه الى امن الاقليم سواء من الداخل او الخارج ويرسمون الخطة اللازمة لكيفية مواجهة هذه الاخطار ويجعلون منه ضمن البرنامج الحزبي كما سيكون لهم الدور الفاعل في تنمية الحس الامني بين تنظيمات وجماهير الحزب وضرورة التعاون مع الاجهزة الامنية لحماية امن اقليم كوردستان وسيكون لهم المساهمة الفاعلة في تفعيل دور المؤسسات الحزبية لدعم امن الاقليم وتنسيق الجهود وبناء العلاقات مع المؤسسات الامنية و المنظمات الدولية العاملة في مجال الامن والمشاركة في المؤتمرات والندوات الخاصة من اجل حماية الامن والسلم الدوليين على كافة المستويات.
وكما سيكون لهم الاثر البالغ في زيادة اهتمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالاجهزة الامنية وهيكلتها واختصاصاتها اكثر من ذى قبل ومن هؤلاء (ريبر احمد – د.محسن كه ردي – د.ئوميد صباح – بشتيوان صادق – شاخه وان عبدالله – حميد علي…. الخ)
إن طبيعة العمل الأمني يجعل من كوادره بعيدين عن الجماهير واعتبار انفسهم هم الاخلص والأصفى بينهم، ولكنه يزرع فيهم الجدية والالتزام والقدرة على اتخاذ القرارات وكيفية إدارة الأزمات والمتابعة في التنفيذ، لذا نرى من الضروري ان يبدأ هؤلاء الكوادر الذين نعتز بهم بمراجعة أسلوبهم وتعاملهم مع الجماهير ليكون النجاح حليفاً لهم وه1ا ما نتمناه لهم في مهمتهم الجديدة.
ج- خرج المؤتمر بمنهاج داخلي شامل لكل جوانب الحياة معد من قبل المختصين والاكاديميين بعد تصويت اعضاء المؤتمر عليه وتضمن تغييرات في هيكلية الحزب واستحداث هيئات اخرى انسجاماً مع الواقع الحالي واستعداداً للمستقبل ولكن الجانب الذي حضي بأهتمام كبير هو الجانب الامني لأيمان قيادة الحزب وتنظيماته بضرورة هذا الجانب و اعتباره الاساس الذي يستند اليه الجوانب الاخرى ، لذا فان المنهاج تطرق الى اهمية حماية امن الاقليم ودراسة مصادر التهديد الموجهة الى امنه وبناء مؤسسات امنية وعسكرية قادرة على الوقوف بوجه كل من يهدف الى زعزعة امن الاقليم وتعكير صفوة حياة المواطنين بالاضافة الى اهمية بناء العاملين ضمن هذه الاجهزة نفسياً وبدنياً و تجهيزهم بأحدث الاسلحة والاجهزة و التدريب عليه و الاهتمام بمراكز الدراسات الامنية والعسكرية.
حيث جاء في المنهاج الداخلي بما معناه بشأن قوى الامن الداخلي :
زيادة الاهتمام بتقوية قدرات الضباط والعاملين في قوى الامن الداخلي بتدريبهم وخبراتهم وتعريفهم بالاساليب المبتكرة عن طريق مراكز التدريب وفتح الدورات وعقد الندوات والمؤتمرات وتفعيل دورها في مكافحة الجرائم الارهابية والتشدد الديني والمذهبي والقومي وانتشار المخدرات وكافة الجرائم بالاضافة الى تحسين الحالة المعاشية وبيئة العمل وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في عمل مؤسسات الامن باختصار الاهتمام الكبير بالامن الداخلي الذي يشمل الامن الصحي والثقافي والتعليمي والغذائي والمائي والبيئي والسياسي والاقتصادي الذي يشكل بمجمله وتفاعله الامن القومي الكوردستاني .
من جانب اخر اولى الحزب الديمقراطي الكوردستاني اهمية كبيرة بالامن العسكري للأقليم وذلك بالاهتمام بقوات الثيشمةرطة وتشكيلاته وقدراته وتسليحه وتدريبه وتنظيمه وتطويره لان الثيشمةرطة هم درع لكوردستان وشعبها وحماة حدودها ورمز المقاومة على مر التاريخ واستطاع بشجاعته وبسالته حماية امن الاقليم من الاخطار والتهديدات وقدم التضحيات الكبيرة لذا يعمل الحزب بجد واصرار على دعم جهود وزارة الثيشمةرطة لتنظيم شؤونها لضمان الدفاع عن حدود كوردستان وحماية حقوق الشعب ومكتسباته ورفع المستوى المعاشي للثيشمةرطة والارتقاء بمستوى التدريب والتسليح اللازمين لرفع كفاءة قوى الثيشمةرطة القتالية وفتح الكليات والمعاهد العسكرية ومراكز البحوث المتخصصة في الجانب العسكري تقديم الدعم لتطوير مؤسسة ايلول لرعاية ثيشمةرطة ثورتي ايلول و كولان تقديراً لنظالهم وتضحياتهم والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم وتقديم الرعاية اللازمة للمصابين من الثيشمةرطة اثناء تأدية واجباتهم واحترام تضحيات الثيشمةرطة وتقديرها ورفع المستوى الثقافي لقوى الثيشمةرطة بما يؤمن درايتهم الكافية بالتغيرات السياسية والاجتماعية لتعميق ولائهم الوطني والقومي .
احدى القضايا المهمة التي احتلت مكانة بارزة ضمن منهاج الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو مسألة التعايش السلمي وحماية الامن الاجتماعي للمجتمع الكوردستاني انطلاقاً من ايمان الحزب بان تماسك المجتمع يعد ضرورياً وسبباً مباشراً للحفاظ على امن الاقليم من الافكار المتشددة والعنف والارهاب الاسري و محاولات تمزيق وحدة الصف الوطني وبات التعايش السلمي احدى المفاخر والانجازات والاهداف الرئيسة للحزب من تأسيسه وسيبقى ملازماً لنضال الحزب .
اما الامن الاقتصادي والغذائي والاستثمار لم يكن ببعيد عن الاشارة اليه في المنهاج الداخلي وبالتالي، فان الامن القومي الكوردستاني يحظى بأهمية كبيرة من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
خلاصة القول
ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني اولى للجانب الامني اهمية و جعل من تحقيقه ضمن اولوياته والعمل من اجله وفق خطة مرسومة لذا يتم التأكد عليه في كل مؤتمراته واجتماعاته وبالتحديد في المؤتمر الرابع عشر الذي عقد في محافظة دهوك .
مع تمنياتنا الخالصة للفائزين بعضوية اللجنة المركزية ان يلعبو دورهم المنشود وان يكون خير خلف لخير سلف.