كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
إيران بلد شاسع حيث يوجد فیه تنوعات وجنسيات، ويعيش البلوش والأكراد والتركمان والأذريون والعرب واللور والفرس معًا في وحدة وتضامن، ولم يؤثر الاختلاف في الثقافة واللغة على التعايش المتكامل بينهم.
والشاهد على هذا التضامن والوحدة هو رد فعل جميع المجموعات العرقیة والإثنية ومختلف شرائح الشعب الإيراني على جريمة القتل الوحشية للشابة الكردية مهساء أميني في السابع عشر من سبتمبر في طهران، والتي كانت بمثابة الشرارة الأولي للانتفاضة الوطنية، وهتفت جميع الفئات في جميع أنحاء إيران في انسجام تام “كلنا مهسا”. وبهذا التضامن غير المسبوق، أنشأوا حركة سياسية اجتماعية ضخمة وشعارات رادیکالیة استهدفت أساس نظام الفقيه وتحديدا شخص خامنئي بصفته زعیما ورمزاً للنظام. ومن خلال استمراریة المظاهرات اجتاحت يوما بعد يوم عدد المدن والسكان وتنوع الجنسيات والشعارات، واتخذت شكلا ومضمونا سياسيا تماما. وبهذه الطريقة انتهی أساس النقاش حول الحجاب والسفور، کماأن في العديد من التظاهرات وخاصة في الجامعات هتفت النساء المحجّبات بشعار “بالحجاب أو السفور إلی الأمام للثورة”.
خامنئي على رأس هرم السلطة یعرف جیداً أن كل أبناء الشعب الإیرانی بمختلف اللغات والعرقیات والدیانات وكل جنسية يريد قلب نظامه بالکامل. لهذا السبب، بدأ في استخدام الخداع لجعل هذا الطلب الوطني الشعبي بشکل معکوس تماما إذا استطاع. من بين أمور أخرى، ألقى دموع التماسيح على الشعب البلوش والأكراد وقال في أول خطاب له بعد اندلاع الانتفاضة: «لقد عشت بين الشعب البلوشي وأعرف أنهم موالون بشدة للجمهورية الإسلامية». لكن خامنئي لم يرد على هذا التناقض القائل إنه إذا كان الشعب البلوش مخلصًا بشدة لجمهوريته الإسلامية، فلماذا تتردد شعارات الموت لخامنئي والموت للديكتاتور والموت للباسیج في جميع مدن بلوشستان من زاهدان عاصمة المقاطعة، إلى سراوان، وإيران شهر، ومدينة خاش وغیرها. ومن ناحية أخرى، لماذا قتل المئات الأبرياء من هؤلاء “الموالين بشدة” لنظامه على يد قواته المسلحة القمعية؟ في الثلاثین من شهر سبتمبر، أطلقت قوات حرس خامنئي النار على المصلين في مدینة زاهدان واستشهد أكثر من 100 منهم. وفي الرابع من نوفمبر الجاري، أي في اليوم الخمسين للانتفاضة الشاملة، هتف أهالي محافظة سيستان وبلوشستان المضطهدون في مدن خاش وزاهدان وراسك وسراوان وسرباز وإيرانشهر وسوران بـ «الموت لخامنئي» و«الموت للباسيج” و “الموت الديكتاتور».و« لم یعد تفیدهم الدبابات والمدافع، علی الملالي أن یرحلوا»، ونزلوا إلى الشوارع. لكن قوات خامنئي القمعية بدأت بقتل الأشخاص العزل هذه المرة في مدینة خاش واستشهدت ما لا يقل عن 20 منهم في هذه المدينة، وجرحت ما لا يقل عن 100 منهم. ربما يكون السبب أن خامنئي كان لفترة من الوقت ضيفًا على أهل خاش في عهد الشاه، وقد عامله أهل خاش بكرم الضيافة!
الأرقام والإحصائيات لعدد الشهداء في يومي الجمعة الدامية لخاش وزاهدان، يظهر أن الثوار البلوش وأهالي بلوتشستان دفعوا الثمن الأعلى مقارنة بالمناطق الأخرى في إيران.
وأشار خامنئي في خطابه سالف الذکر أيضًا إلی أكراد إيران وقال: «إن الشعب الكردي أيضًا من أكثر الشعوب الإيرانية تقدمًا في ولائهم بالوطن والإسلام والنظام». لكن خامنئي تجاهل متعمدا قضية مطالبة المحتجين الأكراد بإسقاط نظامه بمظاهراتهم وشعاراتهم كل يوم، ولماذا تقوم القوات الأمنية والقمعية التابعة له بقتل المنتفضین الکرد في التظاهرات بإطلاق النار مباشرة على رؤوسهم وقلوبهم كل يوم في مدن سنندج ومهاباد وبوكان وبيرانشهر وغیرها من المدن الکردیة؟
علاوة على ذلك، الأذريون، من أردبيل إلى تبريز وأورمية، شعارهم هو “لسنا مع الشاه ولسنا مع الملالی نحن وطنیون وطنیون”. المعنى البسيط لهذا الشعار هو ترسيم “لا للشاه ولا للملالي” وهو الفرز المبدئي للبديل الحقيقي لهذا النظام، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المتمركز حول محور مجاهدي خلق الإیرانیة. وهذا المبدأ تبلور في الأسس التي بني علیها جبهة التضامن الوطني.
أيضا في محافظة لورستان، وخلال مراسم تشييع شهداء الانتفاضة، خاصة في تأبین نيكا شاكرمي الذي أقيم بحضور حشد كبير في مدینةخرم آباد عاصمةالمحافظة، عبر الحاضرون عن كراهيتهم لنظام ولاية الفقيه القاتل بشعار “الموت لخامنئي” و”الموت للديكتاتور”.
سقوط النظام في المنظور
أسفرت انتفاضة الشعب الإيراني، التي انتشرت في 216 مدينة على الأقل وفي جميع المحافظات الإيرانية، حتى الآن عن أكثر من 530 شهيدًا وما لا يقل عن 25 ألف اعتقال. وقد أعلنت منظمة مجاهدي خلق أسماء 350 من هؤلاء الشهداء.
شعب إيران رغم القمع الشديد قد تغلب على خوفه ويريد الإطاحة الكاملة بنظام ولاية الفقيه. ولم یعد لخطب خامنئي وحلفائه الآخرين أثر في خلق الخوف في الناس.
خريطة طريق إيران الحرة
بشأن القومیات والتضامن الوطني، أقر المجلس الوطني للمقاومة بحقوق جميع القوميات في إطار وحدة الوطن وسيادته وسلامته.
وأكدت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة للفترة الانتقالية بعد أسقاط انظام في مناسبات مختلفة وفي خطاباتها أن إيران الغد ستكون دولة مساواة بين جميع القوميات. وأکدت السیدةرجويد على مشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران التي أقرها المجلس الوطني للمقاومة، وعلی أن لغة وثقافة مواطنينا، مهما كانت جنسيتهم، هي من رؤوس الأموال البشرية لجميع أبناء هذا البلد، والتي يجب الترويج لها في إيران الغد.
تيد المقاومةالإیرانیة ترید القضاء على الاضطهاد المزدوج لجميع التنوعات الوطنية في إطار وحدة إيران غير القابلة للتجزئة والمساواة الكاملة لجميع أفراد الأمة الإيرانية، بما في ذلك العرب والفرس والأكراد والبلوش.
من الواضح جدا أن الحرية والمساواة والديمقراطية ورفض أي شكل من أشكال الديكتاتورية لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل صرح سياسي ديمقراطي. برنامج مثل هذا الصرح قدمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية منذ سنوات عديدة وهو متاح كبديل لنظام ولایة الفقیه.