بغداد – رغم مرور أكثر من شهر، على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، ما زالت وزارتا البيئة، والإعمار والإسكان، شاغرتين.
حصة المكون الكردي
الوزارتان هما من ضمن 4 وزارات مخصصة للمكون الكردي ضمن التشكيلة الوزارية، إلى جانب وزارتي الخارجية التي يشغلها عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين، والعدل التي يشغلها عن الاتحاد الوطني الكردستاني خالد شواني .
مصادر وتسريبات إعلامية وسياسية عراقية، أشارت إلى قرب التوصل لحل يفك عقدة الوزرارتين العالقتين على قاعدة تقسيمهما بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، من خلال منح وزارة الإعمار والإسكان للحزب الديمقراطي الكردستاني، ومنح وزارة البيئة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وهو ما عززه ما صدر من موقف رسمي حول هذه النقطة الخلافية، من قبل إئتلاف إدارة الدولة الحاكم والذي يضم إلى جانب القوى الشيعية والسنية الرئيسية، الحزبين الكرديين الكبيرين، ففي أول إشارة واضحة حول حلحلة هذه العقبة، أكد إئنلاف إدارة الدولة خلال اجتماعه الأخير في منزل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني بالعاصمة بغداد، وباستضافة من رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني، بحضور رئيسي الحكومة محمد شياع السوداني والبرلمان محمد الحلبوسي وأقطاب الإئتلاف، أنه قد تقرر حل مسألة الوزارتين المعلقتين دون الإفصاح عن تفاصيل أكثر.
حيث قال البيان إن الاجتماع قرر “استكمال الكابينة الوزارية وتسمية وزيري البيئة والاسكان والاعمار”.
يرى مراقبون أن تسمية الوزيرين ستتم خلال الأيام القليلة المقبلة، ولتقديم ترشيحهما للبرلمان لنيل الثقة، وبذلك تكون صفحة الخلاف الكردي الكردي حول هذه المسألة قد طويت، وتكون حكومة السوداني قد اكتملت تشكيلتها.
اعتبروا أن هذا يفتح الباب أمام إزالة عقبة رئيسية أمام تفعيل الحكومة لبرنامجها الوزراي، وتحقيق الانسجام بين مختلف أطراف الائتلاف العراقي الحاكم، على قاعدة أن التوافق كفيل بحل مختلف المشكلات التي تعترض العملية السياسية بالبلاد.
أزمات متضافرة
فيما يرى محللون آخرون أن تقاسم الحصص الوزارية وكيفية توزيعها بين القوى والأحزاب السياسية يبقى هامشيا، وأن العبرة هي في ترجمة ما ورد في برنامج الحكومة ومنهاجها الوزاري من وعود ومشاريع “إصلاحية”، لإخراج العراق من دوامة الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية المتضافرة التي تعصف به.
رابح – رابح
يقول الكاتب والصحفي العراقي مازن الزيدي، في حديث لسكاي نيوز عربية: “الخلاف الكردي حول الوزارتين المتبقيتين لم يحل إلا بتدخل رئيس الوزراء نفسه، وضغوطات مارستها أطراف الإطار التنسيقي على حلفائها الأكراد في تحالف ادارة الدولة، وهكذا توصل الجميع لصيغة رابح – رابح من خلال توزيع الحقائب الكردية الأربعة مناصفة بين الحزبين الكرديين الكبيرين، رغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يريد غالبية الوزارات من حصة المكون الكردي له، كونه يرى أن الاتحاد الوطني الكردستاني استنفد حصته عبر حصوله على منصب رئاسة الجمهورية، وهذا ما لم يقبله الأخير”.
وأضاف الزيدي: “الخلاف بين الحزبين الكرديين غير مقتصر على المواقع التنفيذية في بغداد، بل تمتد جذوره إلى الخلاف على إدارة إقليم كردستان العراق، ورؤية كل طرف لطبيعة العلاقة مع الحكومة الاتحادية الآن وفي المستقبل”.
ماذا بعد؟
بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد إحسان الشمري، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية: “بعد حسم هذا الخلاف الكردي الكردي حول الحقيبتين المتبقيتين، فإن الحكومة تصبح كاملة، رغم أن النقص السابق لم يكن العائق الوحيد أمام مباشرة الكابينة الوزارية الجديدة بتطبيق سياساتها ومشاريعها، فهي لا زالت في بداياتها وبالكاد أكملت شهرا من عمرها، وهي كانت منشغلة طيلة الأسابيع الأخيرة بوضع خارطة طريق الوزارات، ووضع برنامج عمل خاص بكل وزارة حسب اختصاصها”.
ويضيف الشمري: “الآن مع سد هذا الفراغ الحكومي ولو الجزئي، فإن تنفيذ المنهاج الوزاري الذي أقره البرلمان العراقي بات ضروريا، وبما يمكن أن يحدث فارقا ملموسا هذه المرة في إدارة البلاد والتصدي لمعالجة ما يعصف بها من تحديات وأزمات، والتي تحتاج لمعالجات جادة وحقيقية”.
وكان رئيس الوزراء العراقي، قد كلف في 1 نوفمبر الماضي، وزيري الخارجية والصحة بمهام وزارتي الإعمار والبيئة وكالة، حيث جاء في بيان صادر عن مكتبه، أنه “من أجل انسيابية العمل في الوزارات الشاغرة، تقرر تكليف وزير الصحة بإدارة وزارة البيئة وكالة، وتكليف وزير الخارجية لإدارة وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة”.
هذا وقد كلف رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد، فور انتخابه من قبل مجلس النواب، في يوم 13 أكتوبر الماضي، محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة العراقية والتي قدمت في نهاية أكتوبر الماضي 21 وزارة أمام البرلمان لمنحها الثقة، فيما تم تأجيل التصويت على وزارتي الإعمار والبيئة، لحين الاتفاق حولهما بين الأكراد .